تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[معوقات في طريق العلم الشرعي]

ـ[الأفغاني السلفي]ــــــــ[03 - 09 - 08, 04:21 ص]ـ

[معوقات في طريق العلم الشرعي]

للشيخ صالح بن غانم السدلان

من المعوقات في طريق العلم الشرعي:

ترك العمل بالعلم:

ترك العمل بالعلم يكون على قسمين:

الأول: ترك الائتمار بالواجبات الشرعية، وترك الانتهاء عن المحرمات، وهذا كبيرة من الكبائر، وعليه تُحمل الآيات والأحاديث المتوعدة مَن تركَ العمل بالعلم.

الثاني: ترك المستحبات والوقوع في المكروهات، وهذا يذم لما ورد في الوعيد لمن وقع فيه، يقول ابن الجوزي – رحمه الله -: " والمسكين كل المسكين من ضاع عمره في علم لم يعمل به؛ ففاتته لذات الدنيا وخيرات الآخرة، فقدم مفلسا مع قوة الحجة فيه، فالعملُ بالعلم مدعاةٌ لحفظه وثباته، وعدمُ العمل به مدعاةٌ لضياعه ونسيانه "

ومن المعوقات أيضا: الاعتماد على الكتب دون العلماء:

يرى بعض من أفاء الله عليه من العلم من نفسه قدرة على أخذ العلم من بطون الكتب، دون الرجوع إلى العلماء في توضيح عباراته وحل مشكلاته؛ وهذا داء عُضال ابتلينا به، قال الإمام الشافعي – رحمه الله -: " من تفقه من بطون الكتب ضيّع الأحكام ".

ومن المعوقات في طريق العلم الشرعي: أخذ العلم عند الأصاغر:

وهذه ظاهرة فشت، وهي أن كثيراًَ من طلاب العلم يأخذونه من صغار الأسنان وهو داء عُضال؛ لأن أخذ العلم عن صغار الأسنان الذين لم ترسخ لهم قدم في العلم ولم تَشِب لحاهم فيه مع وجود من هو أكبر منهم سناً وأرسخ قدما يُضعف أساس المبدأ، ويحرمه من خبرة العلماء المشهود لهم بالعلم والفضل، واكتساب أخلاقهم التي قوّاها العلم والزمن،

يقول ابن مسعود – رضي الله عنه – " لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم وعن أمنائهم وعلمائهم، فإذا أخذوه عن صغارهم وشرارهم هلكوا ".

وذهب ابن قتيبه – رحمه الله – إلى أن الصغار صغار الأسنان، فقال عن أثر ابن مسعود: " يُريد: لا يزال الناس بخير ما كان علماؤهم المشايخ، ولم يكن علماؤهم الأحداث؛ لأن الشيخ قد زالت عنه متعة الشباب وحدّته وعجلته واصطحب التجربة والخبرة، ولا يدخل عليه في علمه الشبهة، ولا يغلب عليه الهوى، ولا يميل به الطمع، ولا يستزلّه الشيطان استزلال الحدث؛ فمع السن الوقار والجلال والهيبة، والحدث قد تدخل عليه هذه الأمور التي أمنت على الشيخ فإذا دخلت عليه وأفتى هلك و أهلك ".

وعن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال: " قد علمت متى صلاح الناس ومتى فسادهم، إذا جاء الفقه من قبل الصغير استعصى عليه الكبير، وإذا جاء الفقه من الكبير تابعه الصغير فاهتديا ".

وعن أبي الأحوص عن عبدالله – رضي الله عنهما – قال: " إنكم لن تزالوا بخير ما دام العلم في كباركم، فإذا كان العلم في صغاركم سفّه الصغير الكبير "

وهذا الحكم ليس على إطلاقه فقد أفتى ودرس جمع من الصحابة والتابعي في صغرهم بحضرة الأكابر،فإذا وجد الصغير وظهرت رصانته في العلم، وأُمنت منه الفتنه: فليؤخذ عنه، فمن أراد العلم من منابعه الأصلية فهاؤم العلماء الكبار الذين شابت لحاهم وذبلت قواهم فليلزموهم قبل أن يفقدوهم.

إننا في زمان اختلّ فيه معيار كثير من العامة في تقييم العلماء، فجعلوا كل من وعظ موعظة بليغة، أو ألقى محاضرة هادفة، أو خطب مرتجلا يوم الجمعة، عالماً يُرجع إليه في الإفتاء!! ويُؤخذ عنه العلم!

وهذه ظاهرة مزرية؛ فليحذر طالب العلم من أخذ العلم عن هؤلاء، وعدم رفعهم إلى منازل العلماء.

ومن المعوقات في الطلب أيضا: عدم التدرج في أخذه:

والتدرج سنة من سنن الله في الكون، مُخالفتها في باب العلم الشرعي: باب شر كبير، وضلال مستطير.

ومن المعوقات في طريق العلم الشرعي: الغرور والعُجب والكبر:

معصية الله تعالى عائقة عن نيل العلم الشرعي؛ لأن العلم نور من الله يقذفه في قلوب من شاء من عباده، ولا يجتمع في قلب نور وظلمة، ولذا يقول ابن مسعود – رضي الله عنه -: " إني لأحسب أن الرجل ينسى العلم قد علمه بالذنب يعمله ". ويرحم الله الإمام الشافعي حيث قال:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي = فأرشدني إلى ترك المعاصي

وأخبرني بأن العلم نور = ونور الله لا يُهدى لعاصي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير