تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[برقش]ــــــــ[27 - 05 - 2005, 10:22 م]ـ

أخي الطائي

هناك أمر لا بد من التنبه إليه، وهو أن اللغة هي بنت الناس وليس الناس أبناء اللغة. فالناس هم الذين يتحكمون في اللغة لا العكس. إنهم من يضع ويتناقل قواعدها وضوابطها، ويحرّم أمورا فيها ثم لا يلبث أن يشذ عما حرّمه. إن حيّز التواصل في أدمغة البشر أكبر بكثير من حيّز التواصل لدى الحيوانات، حتى لدى القرود التي تُعتبر أذكى الحيوانات. لذا يوسّع البشر آفاق لغتهم بفضل ما أسبغه عليهم الله تعالى من ملكة رائعة على التواصل.

أظن أن كل لغات العالم تستعير بعضها من بعض، وذلك لأسباب كثيرة. فتلك الثمرة الحمراء الشهية التي نضعها كثيرا مع الخضر الأخرى في السَّلَطات لم تكن معروفة في لغات كثيرة، فأُخذ اسمها من مهدها في أمريكا الوسطى وصارت بالعربية "طماطم". ولكن يبدو أن البعض أحبوا أن يطلقوا على الثمرة اسما مقتبسا من الإيطالية، وهو "بنادورة"، أي التفاحة الذهبية. فما العمل هنا؟ هل نرفض كل هذه التسميات لأنها ليست عربية؟ لا نستطيع اللغة أن نمنع الناس من استعمال ما يشيع بينهم، فالابنة لا سلطة لها على أبيها، أليس كذلك؟ إن أرادوا هم منع شيء، فإنه يمتنع؛ وإن تساهلوا في شيء، صار سهلا. وما رأيكم بكلمة "معكرونة"؟ إنها ليست عربية. وقد قرأت مرة أنه اقتُرح لها تعريب هو "الدويداء". هل من شيء يثير الاشمئزاز أكثر من هذه التسمية؟ هل أنا مضطر إلى تخيل الديدان كلما أكلت "الدويداء"؟ هل من عجب إذا رفض الناس تسمية (وإن كانت عربية) وفضّل تسمية أجنبية؟

في حالات كثيرة، ورغم وجود مقابل عربي مناسب، نجد أن التعبير الأجنبي شاع أكثر. وهذا أمر مؤسف. ولكن بصرف النظر عن الأسباب، لا بد من التسليم بسلطة الناس على اللغة، آملين ألا تتراخى ضوابطهم بحيث يقبلون بكل ما يتهافت عليهم من كلمات أجنبية. هذا الأمر يستلزم غيرة شديدة على اللغة، غيرة على سلامتها وسموها. وإن لم يغر الأب على ابنته، فبئس الابنة ... وبئس الأب.

هذا مجرد رأي خاص، ويبقى العلم عند الله.

ـ[أبو سارة]ــــــــ[29 - 05 - 2005, 03:40 ص]ـ

جزاك الله خيرا يابرقش، ما أجمل هذا الرأي،رأي سديد ومقنع0

وبالفعل فنحن نستعمل كلمة حاسوب للكمبيوتر وأصبحت متداولة، ونستعمل ناسوخ للفاكس، ولكن لانقول للتلفزيون "رائي" مع أنه تمت تسميته بذلك حسب علمي،ويبقى السؤال الذي أورده الأستاذ برقش: هل من عجب إذا رفض الناس تسمية (وإن كانت عربية) وفضّل تسمية أجنبية؟

أن لم أنس، فقد قرأت في كتاب (فقه اللغة) للثعالبي باب في الكلمات المستعملة عند العرب وأصلها أعجمي، وذكر باب آخر فيه كلمات مستعملة عند العرب والعجم 0

قد يكون لهذا علاقة بالموضوع،والله تعالى أعلم وأحكم0

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير