تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

التحيُّز اللغوي

ـ[القيصري]ــــــــ[31 - 08 - 2005, 09:27 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اخواني اخواتي

هذه المقالة اختصار بتصرف لدراسة طويلة -53 ص- بعنوان (التحيُّز اللغوي: مظاهره وأسبابهأ. د. حمزة بن قبلان المزيني أستاذ اللسانيات في جامعة الملك سعود بالرياض) اخترت منها هذه الشذرات.

الاهداء: الى الفصيح صالح بن سعد بن حسن المطوي

ارجو ان يكون صدرك واسعا وان تتأنى عند القراءة وتتجرد مما اسميتها الاهواء.

التحيُّز اللغوي

وجد في كل حضارة من يرى أن لغة تلك الحضارة هي أولُ اللغات نشأة، وأن اللغات الأخرى لم تَنشأ إلا متأخرة، وأن تلك اللغة تتفوق على ما عداها: فهي الأجمل والأكمل والأكثر منطقية ......... إلى غير ذلك من الصفات المميِّزة وهي ما اسميناها. أن وجود التحيز اللغوي ليس مقصورًا على فترة تاريخية معينة ولا هو مقصور على متكلمي لغة واحدة، بل هو ظاهرة موجودة في كل المجتمعات وفي كل اللغات وفي كل العصور. وهو يَنبع من أسباب منها العنصرية العرقية، والتحيز الثقافي، والجهل بطبيعة اللغة•

وما يسود في الثقافة العربية عن تميُّز اللغة العربية عن غيرها ليس إلا وجهًا من أوجه ذلك التحيز، وقد ثبت علميًّا أن الاعتقادات والتفسيرات التي تنتج عنه ليست صحيحة، فينبغي تخليص دراسة اللغة العربية منها. كما لا يمكن للبحث اللساني في اللغة العربية أن يتقدم إلا بالتخلي عنها ومقاربة اللغة العربية بوصفها لغة إنسانية تتصف بما تتصف به اللغات الإنسانية الأخرى، ويجري عليها من السُّنن ما يجري على غيرها.

يمكن اكتشاف زيف التحيز اللغوي بكل بساطة؛ وذلك عن طريق النظر في طبيعة اللغات الإنسانية ومقارنتها بعضها ببعض، وفيما يخص اللغة العربية بالنظر في المصادر العربية نفسها التي تبين أن كثيرًا من المعتقدات الشائعة عنها ليس صحيحا.

شابَه الغربيون غيرَهم من الأمم في مظاهر التحيز اللغوي، غير أنهم لم يَكتفوا بالشكل العام لهذه القضية. فبدلاً من الزعم المجرد بتفوق لغاتهم على غيرها أخذوا في القرون الأخيرة بالتنظير لهذا الزعم واستخدام منجزات العلم في التدليل على صحة دعاواهم.

وقد ظهر مؤخَّرًا كتاب عن هذا الموضوع في أوروبا بعنوان: "لغات الجنة: العنصرية والدين والفلسفة في القرن التاسع عشر"، ومؤلفه هو موريس أولندر، ونشر بالفرنسية سنة 1989م وتُرجم إلى الإنجليزية سنة 1992م (3). ومع أن المؤلف يَذكر أن هذا الكتاب ليس إلا صورة أولية لبحث أوسع يقوم به عن هذه القضية، فهو يعطي صورة واضحة عنها في التفكير الأوروبي.

وأَنتجت المقارنات اللغوية بين لغات أوروبا علمًا جديدًا هو "علم اللغة المقارن" الذي أصبح له تقنياته المميزة. على أن أكبر حدث كان اكتشاف اللغوي البريطاني وليم جونز (1746 ـ1794م) الصِّلةَ بين اللغة السنسكريتية، وهي إحدى اللغات الهندية المقدسة القديمة، واللغتين اللاتينية واليونانية. وكان من نتيجة ذلك أن اقترح الباحثون أصلاً واحدًا لها أسموه "أسرة اللغات الهندية الأوروبية".

ويجدر بالإشارة أن كل أمة تعتقد في تفوُّق لغتها وتسرع في عدّ من يتكلمون لغة أخرى بأنهم عاجزون عن الكلام.

تزخر الدراسات العربية في العصر الحاضر بظواهر التحيز التي رأيناها في المصادر العربية القديمة، فلا تخلو كتب التاريخ واللغة والأدب والمجلات المتخصصة وغير المتخصصة والجرائد والندوات والمحاضرات من أنواع التحيز هذه أو بعضها. وتختلف هذه المنافذ بعضها عن بعض في الكيفية التي توجد فيها: فيحوي بعضها هذه التحيزات بصفتها التقريرية المنقولة عن المصادر العربية القديمة ـ وهذا النوع أكثر من أن يحصى ـ أما بعضها الآخر فتظهر فيه على شكل نظريات يُبحث لها عن براهين وشواهد لدعمها.

أما القوانين التي تحكم تغيير الجذور العربية إلى الجذور المقابلة لها في تلك اللغات فهي بتغيير ترتيبها أو بالزيادة عليها أو النقص منها بحسب القوانين الستة الأخرى وهي:

هـ ـ قَلْبُ الجذرِ الثلاثي. وـ قلب الجذر الثنائي. زـ الزيادة في أول الجذر. ح ـ الزيادة في نهاية الجذر. ط ـ إبدال صوت في جذر الكلمة العربية بصوت آخر في الموضع نفسه. ي ـ حذف صوت من بداية الجذر العربي في نظيره غير العربي (155).

ويمكن أن نلحظ هنا أنه لا يَصعب على هذه القوانين تغيير أية كلمة في أية لغة إلى أية صيغة نريدها.

شكرا وبانتظار الردود

القيصري

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير