[حق ولكنه مضلل ...]
ـ[ضاد]ــــــــ[22 - 07 - 2005, 02:21 م]ـ
سلام عليكم
في سرد علاقة المقال بالحقيقة يحدد علماء اللسانيات عدة مبادئ تقوم عليها هذه العلاقة, ولكن ثمة نوع يعطى فيه المقال درجة الحق على الرغم من أنه حق مضلل. عرفت مثل هذه الأساليب تحت مسمى المعاريض, وهي لا تعد كذبا بل هي حقيقة مغلوطة الفهم. حيث يريد القائل بما يقول عكس ما يفهمه السامع بذلك.
أمثلة على ذلك:
أ - (داعيا (ب) إلى الأكل) تفضل وكل معنا.
ب - (رادا على (أ)) أكلت والحمد لله. (وهو يريد بذلك أنه أكل البارحة ولكنه لا يقبل دعوة (أ))
فكلام (أ) حق ولكنه مضلل ذلك لأنه أتى على غير فهم (ب).
وقد أباح الرسول:= المعاريض وذم الكذب, ولكنه حددها بالقسم, حيث لو أقسم (أ) لصار كذبا ما قاله.
وهذا نقل من موقع الإسلام سؤال وجواب:
إذا واجه المرء المسلم ظروفاً صعبة محرجة يحتاج فيها أن يتكلم بخلاف الحقيقة لينقذ نفسه أو ينقذ معصوماً أو يخرج من حرج عظيم أو يتخلص من موقف عصيب فهل من طريقة غير الكذب ينجو فيها من الحرج ولا يقع في الإثم؟.
الجواب: نعم توجد طريقة شرعية ومخرج مباح يستطيع أن يستخدمه عند الحاجة ألا وهو التورية أو المعاريض وقد بوب البخاري رحمه الله في صحيحه (باب المعاريض مندوحة عن الكذب) صحيح البخاري كتاب الأدب باب 116.
والتورية هي الإتيان بكلام له معنى قريب يفهمه السامع ومعنى آخر بعيد يقصده المتكلم تحتمله اللغة العربية ويشترط أن لا يكون فيها إبطال حق ولا إحقاق لباطل وفيما يلي التوضيح بأمثلة من المعاريض التي استخدمها السلف والأئمة أوردها العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه إغاثة اللهفان:
ذكر عن حماد رحمه الله أنه إذا أتاه من لا يريد الجلوس معه قال متوجعاً: ضرسي، ضرسي، فيتركه الثقيل الذي ليس بصحبته خير.
وأحضر سفيان الثوري إلى مجلس الخليفة المهدي فاستحسنه، فأراد الخروج فقال الخليفة لا بد أن تجلس فحلف الثوري على أنه يعود فخرج وترك نعله عند الباب، وبعد قليل عاد فأخذ نعله وانصرف فسأل عنه الخليفة فقيل له أنه حلف أن يعود فعاد وأخذ نعله.
وكان الإمام أحمد في داره ومعه بعض طلابه منهم المروذي فأتى سائل من خارج الدار يسأل عن المروذي والإمام أحمد يكره خروجه فقال الإمام أحمد: ليس المروذي هنا وما يصنع المروذي ها هنا وهو يضع إصبعه في كفه ويتحدث لأن السائل لا يراه.
ومن أمثلة التورية أيضاً:
لو سألك شخص هل رأيت فلاناً وأنت تخشى لو أخبرته أن يبطش به فتقول ما رأيته وأنت تقصد أنك لم تقطع رئته وهذا صحيح في اللغة العربية أو تنفي رؤيته وتقصد بقلبك زماناً أو مكاناً معيناً لم تره فيه، وكذلك لو استحلفك أن لا تكلم فلاناً: فقلت: والله لن أكلمه، وأنت تعني أي لا أجرحه لأن الكلم يأتي في اللغة بمعنى الجرح. وكذلك لو أرغم شخص على الكفر وقيل له اكفر بالله، فيجوز أن يقول كفرت باللاهي. يعني اللاعب. إغاثة اللهفان: ابن القيم 1/ 381 وما بعدها 2/ 106 - 107، وانظر بحثاً في المعاريض في الآداب الشرعية لابن مفلح 1/ 14. هذا مع التنبيه هنا أن لا يستخدم المسلم التورية إلا في حالات الحرج البالغ ولذلك لأمور منها:
أن الإكثار منها يؤدي إلى الوقوع في الكذب.
فقدان الإخوان الثقة بكلام بعضهم بعضاً لأن الواحد منهم سيشك في كلام أخيه هل هو على ظاهره أم لا؟.
أن المستمع إذا اطلع على حقيقة الأمر المخالف لظاهر كلام الموري ولم يدرك تورية المتكلم يكون الموري عنده كذاباً وهذا مخالف لاستبراء العرض المأمور به شرعاً
أنه سبيل لدخول العجب في نفس صاحب التورية لإحساسه بقدرته على استغفال الآخرين.