تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أوهام حول اللغات الأجنبية]

ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[12 - 09 - 2005, 10:51 م]ـ

أوهام حول دور اللغات الأجنبية في حياتنا

بقلم: صالح بن إبراهيم الحسن

من المعروف لدى جميع الأمم أن شعوبها لاتتحدث إلا بلغاتها القومية، ولا تستعمل في تعاملاتها الرسمية أو الشعبية إلا لسانها الذي ولدت عليه، وتربت ملكات أبنائها اللغوية على ما أنتجته قرائح أدبائها وعلمائها من علوم وآداب وفنون، لهذا فإن الطفل في تلك الأمم يشب، وتشب معه عزته بأمته ولغتها ولا يرضى بغيرها بديلا. وإن احتاج إلى سفر طويل إلى خارج وطنه، أو التزود بمعارف جديدة، لم يجدها في لغته، فإنه يتعلم لغة أجنبية تكون رافدا له في توسيع منافذ اطلاعه على ما حوله، لكنها لا تزيح لغته الأصلية عن مكانها بأي حال من الأحوال، فلها مكانتها في حياته العلمية والمعاشية. والمجتمع بوعيه ونضجه كفيل بصيانة هذا الحق الأصيل للغة الأم.

وفي وطننا العربي، لا يمكننا أن نعيش بمعزل عن العالم المتقدم في مدنيته، أو أن نغمض عيوننا عما يحدث حولنا، لهذا وجب على بعضنا تعلم لغة أجنبية أو أكثر؛ ليفيد منها أبناء أمته بالترجمة إلى العربية، ونقل التقنية الغربية إلى الوطن العربي، بل والمشاركة في توطين العلوم من خلال التعريب في تعليمنا العالي؛ حتى نستطيع تمثل العلوم ومن ثم الابتكار فيها. إلا أنه من الملاحظ أن تعليم اللغات الأجنبية قد حاد عن أهدافه المرسومة له، وبعد أن كان هذا النوع من التعليم يشكل رافدا حيويا لنهضة تقنية، ومدنية تنتشل الأمة من وهدتها، أصبح سلاحا ماضيا ينغرس في كيان لغتنا العربية، ويشكل تهديدا حقيقيا لبقائها، واستمرار عطائها، ومن ثم على حقيقة وجودنا، بعد أن تغلغلت اللغات الأجنبية في بيئتنا الثقافية والشعبية على حد سواء. وأصبح تعلم اللغات الأجنبية هدفا لكل من ليس له هدف؛ لذا وجب علينا التأكيد على عدم مشروعية جملة من المناشط الحياتية التي تمارس فيها اللغات الأجنبية حديثا وكتابة. إذ ليس من أهداف تعلمنا اللغات الأجنبية أن نحلها محل العربية في بلادنا. ولهذا وجب علينا ملاحظة الممارسات اللغوية الخاطئة التي نتعامل بها في حياتنا العامة، التي يمكننا الإشارة إلى شيء منها في الوقفات التالية:

- كثرت الأيدي العاملة غير العربية، وتنوعت في مستوياتها الثقافية، فكان لها الأثر السيء في سلوكنا اللغوي، إذ أصبح لدى غالبية المتعاملين مع هذه العمالة قناعة تامة بأنهم لن يفهموا العربية (اللهجات العامية) إلا بتكييفها لهم، فطغت على الساحة لهجة عامية، هجينة في قواعدها وأسلوبها، ومن ثم في ألفاظها. لهذا يجب علينا الحذر من طغيان مثل هذا الأسلوب على ألسنتنا لأن ذلك يحط من مستوى العامية، ويزيدها بعدا عن الفصحى، في حين أن أحد أهدافنا التربوية، ترقية العامية، وتهذيبها؛ حتى تصل إلى الفصحى.

كما أن هناك فئة أخرى من المتعاملين مع هذه الفئة تتعلم اللغة الأجنبية لا لهدف علمي، بل لتخاطب تلك العمالة المتواجدة في الشوارع والمستشفيات والمنازل، بدعوى الضرورة، وهو أمر لا يزعمه إلا السذج من الجهال وأشباههم من المتعلمين، إذ أن هذه العمالة على اختلاف مستوياتها التعليمية والثقافية، سوف تحرص على تعلم العربية، بل واتقانها لو رأت اعتزاز أهلها بها والتزامهم في حديثهم بها.

- يعمد بعض الذين تعلموا لغة أجنبية إلى نثر شيء من الألفاظ الأجنبية في حديثهم، أو كتابتهم، بزعم التعود على هذه الألفاظ، أو دقتها لأداء المعنى ... ! والغالب فيمن يستعمل هذا الأسلوب، أنه يريد إظهار مهارات لغوية مزعومة، أو سد نقص ظاهر في قدراته العلمية. وحقيقة الأمر أن هذا التصرف لا يعود أن يكون ترقيعا مشوها للغة من قبل أناس لا يدركون خطورة ما يعملونه، وذلك أن استعمال هذه الألفاظ الأجنبية يجعل الأسماع تستسيغها،والألسنة تتداولها، ومن ثم تحل محل الألفاظ العربية المقابلة لها، فيشتهر اللفظ الأجنبي بين الناس على حساب اللفظ العربي. والملاحظ للغة المتداولة على الألسنة يرى بروز هذه الظاهرة المرضية في جسم اللغة، فقد شاع استعمال ( o.k) بدلا عن كلمة (حسنا)، و ( finish) بدل قول (انتهى)

و () Free لكلمة (حر أو مجاني)

أو كلمة ( Print ) في الآونة الأخيرة، لكل ماهو مطبوع بواسطة الحاسوب.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير