تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ويكأن!]

ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[22 - 11 - 2005, 04:49 م]ـ

قال تعالى:

:::

{وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (82) القصص.

من جميل ما قرأت حول كلمة: وَيْكَأَنَّ ما يلي:

من كتاب الصاحبي في فقه اللغة لابن فارس:

وَيْكأَنَّ

اختلف أهل العلم فيها. قال أبو زَيْد: معنى ويكأنّه ألَمْ تَرَ. وأنشد:

ألا وَيْكَ المسرّةُ لا تدومُ = ولا يبقى على الدّهر النعيمُ

وأنشد أبو عبيدة:

سَأْلَتاني الطِّلاقَ أن رأتانِي = قَلَّ مالي قد جئتماني بِنكرِ

وَيْكَانْ مَن يكُنْ له نَشَبٌ يُحْ = ببْ ومَنْ يفتِقر يَعِشْ عيشَ ضرِّ وحدثني علي بن إبراهيم عن محمد بن فرج عن سلمة عن الفراء قال: هو في كلام العرب تقرير كما يقول القائل: أما ترى إلى صنع الله.

وحكى الراء عن شيخ من البصريين قال: سمعت أعرابية تقول لزوجها: أين ابنُك؟ فقال زوجها: ويكأَنَّه وراء الباب. معناه: أما تَرَيْنَه وراء البَاب؟.

قال الفرّاء ويذهب بها بعض النحويين إلى أنهما كلمتان، يردي وَيْكَ إنما أراد ويلَكَ فحذف اللام ويجعل أنّ مفتوحة بفعل مضمر كأنه قال: ويلك أعلم أن. وقال: إنما حذفوا اللام من وَيْلَكَ حتى صارت وَيْكَ، فقد تقول العرب ذلك لكثرتها في الكلام واستعمال العرب إياها. قال عنترة:

ولقدْ شفى نفسي وأبرأ سقُمَها = قِيلُ الفوارس وَيكَ عَنْتَرَ أَقْدِمٍ وقال آخرون: ويكَ وَيْ منفصلة مِن كأنّ كقولك للرجل: أما ترى بين يديك. فقال وَيْ ثم استأنف كأنَّ الله وكأن في معنى الظن والعلم. وفيها معنى تعجب. قال: وهذا وجه مستقيم، ولم تكتبها العرب منفصلة. ويجوز أنّ يكون كثر بها الكلام فُوصلت بما ليس منه، كما اجتمعت العربُ على كتاب يا بْنَؤُمَّ فوصلوها لكثرتها.

******************************

وجاء في تفسير الطبري:

اختلف في معنى {وَيْكَأنَّ اللّهَ} فأما قَتادة، فإنه رُوي عنه في ذلك قولان: أحدهما ما:

حدثنا به ابن بشار، قال: ثنا محمد بن خالد بن عَثْمة، قال: ثنا سعيد بن بشير، عن قَتادة، قال في قوله {وَيْكأنَّهُ} قال: ألم تر أنه.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة {وَيْكأَنَّهُ}: أوَ لاَ تَرى أنه.

وحدثني إسماعيل بن المتوكل الأشجعي، قال: ثنا محمد بن كثير، قال: ثني معمر، عن قَتادة: {وَيْكأنَّهُ} قال: ألم تَرَ أنه. والقول الآخر، ما:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قَتادة، في قوله: {وَيْكأَنَّ اللّهَ يَبْسُطُ الرّزْقَ} قال: أو لم يعلم أن الله {وَيْكأنَّهُ}: أوَ لا يَعلمُ أنه.

وتأوّل هذا التأويل الذي ذكرناه عن قَتادة في ذلك أيضاً بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة، واستشهد لصحة تأويله ذلك كذلك، بقول الشاعر:

سألَتانِي الطَّلاقَ أنْ رَأَتانِي = قَلَّ مالي، قَدْ جِئْتُما بِنُكْرِ

وَيْكأنْ مَنْ يَكُنْ لَهُ نَشَب يُحْ = بَبْ ومَن يفْتَقِرْ يعِشْ عَيْشَ ضُرّوقال بعض نحويِّي الكوفة: «ويكأنّ» في كلام العرب: تقرير، كقول الرجل: أما ترى إلى صُنع الله وإحسانه وذكر أنه أخبره من سمع أعرابية تقول لزوجها: أين ابننا؟ فقال: ويكأنه وراء البيت. معناه: أما ترينه وراء البيت قال: وقد يَذْهَب بها بعض النحويين إلى أنها كلمتان، يريد: وَيْكَ أَنه، كأنه أراد: ويْلَك، فحذف اللام، فتجعل «أَنّ» مفتوحة بفعل مضمر، كأنه قال: ويْلَك اعلمْ أنه وراء البيت، فأضمر «اعلم». قال: ولم نجد العرب تُعْمِل الظنّ مضمراً، ولا العلم وأشباهه في «أَنّ»، وذلك أنه يبطل إذا كان بين الكلمتين، أو في آخر الكلمة، فلما أضمر جرى مجرى المتأخر ألا ترى أنه لا يجوز في الابتداء أن يقول: يا هذا، أنك قائم، ويا هذا أَنْ قمت، يريد: علمت، أو اعلم، أو ظننت، أو أظنّ. وأما حذف اللام من قولك: ويْلَك حتى تصير: ويْك، فقد تقوله العرب، لكثرتها في الكلام، قال عنترة:

وَلَقَدْ شَفَى نَفْسي وأبْرأَ سُقْمَها = قَوْلُ الفَوَارِسِ وَيْكَ عَنْتَرَ أقْدِمقال: وقال آخرون: إن معنى قوله {وَيْكأَنَّ}: «وي» منفصلة من كأنّ، كقولك للرجل: وَيْ أما ترى ما بين يديك؟ فقال: «وي» ثم استأنف، كأن الله يبسط الرزق، وهي تعجب، وكأنّ في معنى الظنّ والعلم، فهذا وجه يستقيم. قال: ولم تكتبها العرب منفصلة، ولو كانت على هذا لكتبوها منفصلة، وقد يجوز أن تكون كُثِّر بها الكلام، فوُصِلت بما ليست منه.

وقال آخر منهم: إن «وَيْ»: تنبيه، وكأن حرف آخر غيره، بمعنى: لعلّ الأمر كذا، وأظنّ الأمر كذا، لأن كأنّ بمنزلة أظنّ وأحسب وأعلم.

وأولى الأقوال في ذلك بالصحة: القول الذي ذكرنا عن قَتادة، من أن معناه: ألم تَرَ، ألم تعلَمْ، للشاهد الذي ذكرنا فيه من قول الشاعر، والرواية عن العرب وأنّ «ويكأنّ» في خطّ المصحف حرف واحد. ومتى وجه ذلك إلى غير التأويل الذي ذكرنا عن قَتادة، فإِنه يصير حرفين، وذلك أنه إن وجه إلى قول من تأوّله بمعنى: وَيْلَك اعلم أن الله، وجب أن يفصل «وَيْكَ» من «أَنّ»، وذلك خلاف خطّ جميع المصاحف، مع فساده في العربية، لما ذكرنا. وإن وُجِّه إلى قول من يقول: «وَيْ» بمعنى التنبيه، ثم استأنف الكلام بكأن، وجب أن يُفْصَل «وَيْ» من «كأن»، وذلك أيضا خلاف خطوط المصاحف كلها.

فإذا كان ذلك حرفا واحدا، فالصواب من التأويل: ما قاله قَتادة، وإذ كان ذلك هو الصواب، فتأويل الكلام: وأصبح الذين تمنوا مكان قارون وموضعه من الدنيا بالأمس، يقولون لَمَّا عاينوا ما أحلّ الله به من نقمته، ألم تر يا هذا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده، فيُوسِّع عليه، لا لفضل منزلته عنده، ولا لكرامته عليه، كما كان بسط من ذلك لقارون، لا لفضله ولا لكرامته عليه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير