1. اللغة العالية وهي لغة الأدب الرفيع والخطب والمواعظ.
2. اللغة المخففة وهي الشائعة بين المثقفين والمتعلمين.
3. العامية المنقحة وهي تقوم على إحلال وتغيير بعض الأصوات والمفردات وطرق النفي والاستفهام الفصيحة محل ما يقوم مقامها من العامية.
4. العامية الخالصة.
وهو يرى أن الفصحى المخففة هي الجديرة بالدراسة دون العالية أو العامية المنقحة، ويتنبأ بأن هذه الفصحى المخففة سيكتب لها الذيوع والانتشار، ويطالب بدراسة خصائصها، ووضع القواعد المنظمة لها حتى لا تصبح مهلهلة كالعامية، أو عسيرة كالفصحى العالية.
وهكذا نسمع لأول مرة في تاريخ الفكر اللغوي العربي من يدعو إلى وضع نموذج جديد للغة العربية طبقا لمستوى لغوي غير الذي حدده القدماء، وهو ينطلق -كما يقول- من الواقع اللغوي، وهو يرى أن تجاهل هذا الواقع عيب من عيوب التفكير اللغوي العربي.
والواقع أن الدكتور كامل حسين قد مس جانبا حقيقيا من مشكلة اللغة وصعوبة قواعدها؛ فإن التركيب اللغوي للمجتمع العربي يقوم على الفصحى في أقصى اليمين والعامية في أقصى اليسار، دون أن يكون بينهما لقاء، مع أن علم اللغة الاجتماعي يقوم على أساس استحالة الفصل بين ألوان النشاط اللغوي بين المجتمع الواحد.
ورأى الدكتور كامل حسين أن منهجه يقوم على التدرج من أدنى مراتبه في العامية المنقحة إلى الفصحى العالية، وهذا التدرج يتعلق بالسن والمرحلة الدراسية.
فالطفل في المرحلة الابتدائية يقول: "نحن" بدلا من "إحنا"، ويقول: "ما كان" بدلا من "ما كانش"، ويقول: "لماذا" بدلا من "ليه"، ويقول: "هذا" بدلا من "ده".
أما الفصحى المخففة فيقوم نموذجه على عدم التمسك بالإعراب إلا في الحالات الواضحة التي لا لبس فيها، وإغفال مخاطبة الرجال والنساء في حالات الجمع، واطراد أبواب الفعل وصيغ المصادر وجموع التكسير إلا فيما هو مشهور، وهكذا.
ثم يأتي توفيق الحكيم الذي نادى بالنمط المتوسط للاستعمال اللغوي الذي أطلق عليه مصطلح "اللغة الثالثة"، ولم ير أحد في هذه الدعوة واقعا لغويا موجودا، بل تخيلوا أن هذه الدعوة هي محاولة لإيجاد شيء غير موجود، ولكن هذه الدعوة قد أخذت صورة دراسة علمية على يد الدكتور السعيد البدوي، عندما قام بدراسة مستويات العربية المعاصرة، ولكنها وقفت عند حدود الدعوة، ولم تخرج إلى حيز التطبيق العملي رغم علميتها وواقعيتها.
مضامين التجديد:
لقد تراوحت مضامين التجديد بين الإلغاء والاستبدال الاصطلاحي والترميم الجزئي، في إطار النظرية النحوية العربية، وبين استثمار النظريات الحديثة لإعادة بناء النحو العربي على أسس شبيهة بما بنت عليه اللغات الطبيعية أنحاءها، كما تراوحت بين العلمية والموضوعية، وبين العدائية والانفعالية، وقد جمعت حقا وباطلا، وهوجم النحو بما فيه وبما ليس فيه، وحملت عليه أوزاره وأوزار غيره ... وكان مسرح عملياتها: علم النحو وقواعده، ومؤلفات النحو، ومناهج الدراسات النحوية، وقبل أن نقتحم عالم الإعراب ومشاريع التجديد، أحب أن أقف، ولو بصورة مختزلة على بعض مضامين التجديد:
فقد اقترح حسن الشريف إلغاء الممنوع من الصرف، والتسوية بين العدد والمعدود في التذكير والتأنيث، وأن يظل نائب الفاعل منصوبا وأن يلزم المنادى والمستثنى حالة واحدة، فيكونان مرفوعين دائما، أو منصوبين ... (العربية وتسهيل قواعدها- المقتطف مجلد 29/ ص342)
واقترح جرجس الخوري المقدسي نصْبَ المنادى المعرب مطلقا، وجعْلَ ضميري الجمع المذكر والمؤنث واحدا، ونصب جمع المؤنث السالم بالفتحة، ورفع الاسم والخبر في جميع النواسخ ... (إحياء النحو ص 115 – 116)
واقترح إبراهيم مصطفى جعل الخبر من التوابع، وحذف النعت من التوابع، وحذف الفتحة من علامات الإعراب ... (تيسير النحو التعليمي لشوقي ضيف ص 56 و 140)
واقترح شوقي ضيف إلغاء ثمانية عشر بابا، واعتبرها من الزوائد الضارة، وهي: باب كان وأخواتها، وباب كاد وأخواتها، وباب الحروف العاملة عمل ليس، وباب ظن وأخواتها، وباب أعلم وأرى وباب التنازع، وباب الاشتغال، وباب الصفة المشبهة، وباب اسم التفضيل، وباب التعجب، وباب أفعال المدح والذم، وباب كنايات العدد، وباب الاختصاص، وباب التحذير وباب الإغراء، وباب الترخيم، وباب الاستغاثة، وباب الندبة. (اللغة ليست عقلا أحمد حاطوم ص 105)
ومع أن بعض هذه المقترحات يمكن دراسته، إلا أن أغلبها - مع تلبسه بالعلمية - كان يجمع بين الإثارة والغرابة، ولم يكن قائما على أسس علمية ودراسة متفحصة للواقع اللغوي.
مقتطفات من المضامين:
- ذهب الدكتور إبراهيم السامرائي في كتابه: (النحو العربي نقد وبناء ص91) إلى أن النائب عن الفاعل والفاعل مادة واحدة.
- ورأى الدكتور عبد الرحمن أيوب في كتابه: (دراسات نقدية في النحو العربيص 53) إلى بناء الاسم المقصور؛ لعدم قابلية آخرها للتغيير، لذا لا فرق بين كلمة (عيسى) وكلمة (هذا).
- وذهب كذلك في (ص 71) إلى أن تاء التأنيث لا تختلف عن تاء الضمير، وأن تعريف الضمير يشملها.
- كما ذهب في (ص 71) أن أحرف المضارعة التي تجمعها كلمة (أنيت) ضمائر.
- وذهب الدكتو الجواري في كتابه: (نحو التيسير ص 125)، وكذلك الدكتور قيس الأوسي في كتابه: (أساليب الطلب عند النحويين والبلاغيين ص 130) إلى أن صيغة الأمر (افعل) لا إسناد فيها، وليس من شأنها أن يكون فيها إسناد لأنها مجرد صيغة لطلب الفعل من المخاطب.
- وذهب آخرون إلى حذف باب الأفعال الناسخة، وينسبون ذلك إلى الكوفيين خطأ، كما صرح بذلك صاحب كتاب (تيسير النحو التعليمي ص50).
- وذهب قسم منهم إلى ما ذهب إليه مهدي المخزموي (في النحو العربي نقد وتوجيه ص73) حين قال: "ليس من المبتدأ ما كان مسندا إليه في جملة فعلية كما زعم النحاة في نحو قولنا: (محمد سافر).
للموضوع تتمة،،،