وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه من فقه العربية وفقه الشريعة يجمع ما يحتاج إليه لأن الدين فيه فقه أقوال وأعمال ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله وفقه السنة هو الطريق إلى فقه أعماله .. " اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 207
وقد سُئل الشيخ عبد الله الجبرين حفظه الله تعالى هل يجب على الأعجمي تعلم العربية؟
فأجاب حفظه الله بقوله: يجب عليه تعلم ما يلزمه في الإسلام لفظا ومعنى كالتكبير والفاتحة والتسبيحات .. الواجبة في الصلاة وغيرها. والله أعلم.
وإن عدم انتشارها في زمننا وعجز الكثيرين عن إدراك جمالها وحسن بلاغتها وتذوق نكهتها، ليس بسبب ضعفها وقلة فضلها وتخلفها عن سائر اللغات بل بسبب رغبة أهلها عنها وتنكرهم لها لأنهم لا يجيدونها - إلا من رحم الله - وأصبحت اللغات الأخرى محببة إليهم أكثر وأصبحنا نرى في أسواق المسلمين الأسماء الغربية والأعجمية على واجهات المحلات وأبواب الشركات التي فقدت هويتها الإسلامية ولم تحسن اختيار اسم يناسبها من هذه اللغة البحر الغنية بالأسماء والمعاني ذات الدلالات الجميلة والمفيدة والرائعة ولسان حال لغتنا الحبيبة كما قال حافظ ابراهيم:
وَسِعْتُ كِتَابَ الله لَفْظَاً وغَايَةً وَمَا ضِقْتُ عَنْ آيٍ بهِ وَعِظِاتِ
فكيفَ أَضِيقُ اليومَ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ وتنسيقِ أَسْمَاءٍ لمُخْتَرَعَاتِ
أنا البحرُ في أحشائِهِ الدرُّ كَامِنٌ فَهَلْ سَأَلُوا الغَوَّاصَ عَنْ صَدَفَاتي؟
فليست اللغة العربية عيب في ذاتها، بل العيب في أهلها الذين لا يعرفون التكلم بها أصلاً حتى إن بعض معلمي اللغة العربية الذين يدرسون النحو لأولاد المسلمين يخطئون وللأسف في لفظ وإعراب بعض الكلمات.
فكيف بالطلاب، وكيف بالمبرمجين الذين يجب عليهم أن يخترعوا برامج ولغات برمجة باللغة العربية التي كانت في أيام عز الإسلام لغة الحضارة وكانت مكتبات المسلمين تزخر وتفيض بالمجلدات والكتب في شتى العلوم في حين أوروبا لا تعرف إلا كتاب واحد لأحد العلماء المسلمين
وتغير الزمان وانقلبت الآية
أَرَى لرِجَالِ الغَرْبِ عِزَّاً وَمِنْعَةً وَكَمْ عَزَّ أَقْوَامٌ بعِزِّ لُغَاتِ
أَتَوا أَهْلَهُمْ بالمُعْجزَاتِ تَفَنُّنَاً فَيَا لَيْتَكُمْ تَأْتُونَ بالكَلِمَاتِ
أَيُطْرِبُكُمْ مِنْ جَانِبِ الغَرْبِ نَاعِبٌ يُنَادِي بوَأْدِي في رَبيعِ حَيَاتي؟
وَلَوْ تَزْجُرُونَ الطَّيْرَ يَوْمَاً عَلِمْتُمُ بمَا تَحْتَهُ مِنْ عَثْرَةٍ وَشَتَاتِ
سَقَى اللهُ في بَطْنِ الجَزِيرَةِ أَعْظُمَا يَعِزُّ عَلَيْهَا أَنْ تَلِينَ قَنَاتي
حَفِظْنَ وَدَادِي في البلَى وَحَفِظْتُهُ لَهُنَّ بقَلْبٍ دَائِمِ الحَسَرَاتِ
وَفَاخَرْتُ أَهْلَ الغَرْبِ، وَالشَّرْقُ مُطْرِقٌ حَيَاءً بتلكَ الأَعْظُمِ النَّخِرَاتِ
أَرَى كُلَّ يَوْمٍ بالجَرَائِدِ مَزْلَقَاً مِنَ القَبْرِ يُدْنيني بغَيْرِ أَنَاةِ
وصدق حافظ ابراهيم في كلماته ولو أنها نطقت لتكلمت بأعجب من ذلك
" ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية وارض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية عودوا أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم وهكذا كانت خراسان قديما ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة واعتادوا الخطاب بالفارسية حتى غلبت عليهم وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ولا ريب أن هذا مكروه " ا هـ من كلام شيخ الإسلام رحمه الله
والواقع أن الناس استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير - نعوذ بالله من الحور بعد الكور - وأصبحنا نلفظ بعض الكلمات الأعجمية التي هي في الأًصل عربية وتركنا الأصل وذهبنا إلى الفرع المشوه فآثرنا الجداول الضحلة على النبع الصافي الزلال
وسمعت من الدكتور عبد الله الدنان المهتم بتعليم اللغة العربية للناشئة منذ الصغر أشياء عجيبة عن لغتنا الحبيبة ويذكر أن كثير من الكلمات الإنجليزية مأخوذة من اللغة العربية.
ومن ذلك الباكلوريوس أو كما يقال باكلوريا في بلاد الشام لشهادة الثانوية.
بأن أصلها جاء من العربية حيث أن العلماء من المحدثين ومقرئي القرآن كانوا إذا أجازوا الطالب كتبوا له في الإجازة (أجزناك بحق الرواية).
¥