وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ {24}) ليس فيهم جماعة من جماعة المؤمنين والإختيار هنا ليس للقضاء فقط وإنما هناك أمر آخر وهو السِمة اللفظية، فكلمة (ربك) وردت في سورة الحج ثلاث مرات ووردت في السجدة عشر مرات، وكلمة (الله) وردت 76 مرة في سورة الحج ومرة واحدة في سورة السجدة لذا اقتضى أن يأتي بكلمة (ربك) في سورة السجدة وكلمة (الله) في سورة الحج.
حتى أنه في آية سورة الحج لم يأت بـ (هو) (إن الله يفصل بينكم) وجاء بها في آية سورة السجدة (إن ربك هو يفصل بينهم) لأن خاتمة آية سورة السجدة (فيما كانوا فيه يختلفون) وخاتمة آية سورة الحج (إن الله على كل سيء شهيد) والإختلاف هو مظنّة الفصل لذا جاء بـ (هو) في آية سورة السجدة ولا يوجد اختلاف في آية سورة الحج.
والتقديم في القرآن الكريم وفي اللغة لا يفيد التفضيل دائماً كما في قوله تعالى في سورة (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ {40}) مساجد هي أفضل المذكور في الآية لكن أحياناً يُقدّم ما هو أقل تفضيلاً لأن سياق الآيات يقتضي ذلك، وكذلك نرى في ذكر موسى وهارون في القرآن فأحياناً يُقدّم موسى على هارون وأحياناً هارون على موسى وهذا يكون بحسب سياق الآيات.
51 - ما اللمسة البيانية في استخدام كلمة (لله) بدل (الله) في قوله قوله تعالى (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ {87}) في الجواب على الآية في سورة المؤمنون (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ {86} ُ)؟
وفي آية أخرى في سورة الرعد جاءت الآيات (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ {16}).
من حيث اللغة لو سألنا من صاحب هذه الدار؟ يكون الجواب لفلان أو فلان. فهي من حيث اللغة جائزة أن نقول الله أو لله. أما لماذا اختار الله تعالى (الله) مرة و (لله) مرة؟ لأن السياق في آية المؤمنون كان في السؤال عن الملكية (قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {84} سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) وقوله في نفس السورة أيضاً (قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {88} سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ {89}) إذن السؤال عن الملكية فيكون الجواب (لله) ولأن السياق كله في الملكية جاء بلام الملكية.
أما في آية سورة الرعد (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ {16}). فالسياق في مقام التوحيد وليس في مقام الملكية وإنما عن الذات الواحدة لذا جاء الجواب (الله).
52 - ما دلالة كلمة أنزل في قوله تعالى (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ {6})؟
أنزل في هذه الآية بمعنى خلق.
¥