تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إنّ اهتمام الأنثروبولوجيا بدراسة المجتمعات الإنسانية كلّها، وعلى المستويات الحضارية كافة، يعتبر منطلقاً أساسياً في فلسفة علم الأنثروبولوجيا وأهدافها. ولكن على الرغم من التوسّع في مجال الدراسات الأنثروبولوجية، فما زالت الاهتمامات التقليدية للأنثروبولوجيا، ولا سيّما وصف الثقافات وأسلوب حياة المجتمعات، ودراسة اللغات واللهجات المحلية وآثار ما قبل التاريخ، تؤّكد ولا شك، تفرّد مجال الأنثروبولوجيا عمّا عداها من العلوم الأخرى، ولا سيّما علم الاجتماع. (فهيم، 1986، ص 35)

ومن هنا كانت أهميّة الدراسات الأنثروبولوجية في تحديد صفات الكائنات البشرية، وإيجاد القواسم المشتركة فيما بينها، بعيداً عن التعصّب والأحكام المسبقة التي لا تستند إلى أية أصول علمية.

وإذا كان علم الأنثروبولوجيا، بدراساته المختلفة، قد استطاع أن ينجح في إثبات الكثير من الظواهر الخاصة بنشأة الإنسان وطبيعته، ومراحل تطوّره الثقافي / الحضاري، فإنّ أهمّ ما أثبته هو، أنّ الشعوب البشرية بأجناسها المتعدّدة، تتشابه إلى حدّ التطابق في طبيعتها الأساسية، ولا سيّما في النواحي العضوية والحيوية.

...

مصادر الفصل ومراجعه

- أبو هلال، أحمد (1874) مقدّمة في الأنثروبولوجيا التربوية، المطابع التعاونية، الأردن، عمّان.

- سليم، شاكر (1981) قاموس الأنثروبولوجيا، جامعة الكويت.

- الجباوي، علي (1996/ 1997) الأنثروبولوجيا – علم الإناسة، جامعة دمشق.

- فهيم، حسين (1986) قصّة الأنثروبولوجيا – فصول في تاريخ علم الإنسان، عالم المعرفة (98)، شباط، الكويت.

- كلاكهون، كلايد (1964) الإنسان في المرآة، ترجمة: شاكر سليم، بغداد.

- لينتون، رالف (1964) دراسة الإنسان، ترجمة: عبد الملك الناشف، المكتبة العصرية، بيروت.

- لينتون، رالف (1967) الأنثروبولوجيا وأزمة العالم الحديث، ترجمة: عبد الملك الناشف، المكتبة العصرية، بيروت.

- Nicholson, C. (1968) Anthropology and Education , London.

- Mauduit, J. A (1960) Mannuel d, Athnographie, Payoy, Paris

Þ

الفصل الثاني

نشأة الأنثروبولوجيا وتاريخها

أولاً- العصر القديم

1 - عند الإغريق (اليونانيين القدماء)

2 - عند الرومان

-عند الصينيين القدماء

ثانياً- العصور الوسطى

1 - العصور الوسطى في أوروبا

2 - العصور الوسطى عند العرب

ثالثاً- عصر النهضة الأوربية

أولاً: الأنثروبولوجيا في العصر القديم:

يجمع معظم علماء الاجتماع والأنثربولوجيا، على أنّ الرحلة التي قام بها المصريون القدماء في عام 1493 قبل الميلاد إلى بلاد بونت (الصومال حالياً) بهدف التبادل التجاري، تعدّ من أقدم الرحلات التاريخية في التعارف بين الشعوب. وقد كانت الرحلة مؤلّفة من خمسة مراكب، على متن كلّ منها /31/ راكباً، وذلك بهدف تسويق بضائعهم النفيسة التي شملت البخور والعطور.ونتج عن هذه الرحلة اتصال المصريين القدماء بأقزام أفريقيا. وتأكيداً لإقامة علاقات معهم فيما بعد، فقد صوّرت النقوش في معبد الدير البحري، استقبال ملك وملكة بلاد / بونت / لمبعوث مصري. ( Mauduit, 1960,P.18)

1- عند الإغريق (اليونانيين القدماء):

يعدّ المؤرخ الإغريقي (اليوناني) هيرودوتس Herodotus، الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد، وكان رحالة محبّاً للأسفار، أول من صوّر أحلام الشعوب وعاداتهم وطرح فكرة وجود تنوّع وفوارق فيما بينها، من حيث النواحي السلالية والثقافية واللغوية والدينية. ولذلك، يعتبره معظم مؤرّخي الأنثربولوجيا الباحث الأنثروبولوجي الأوّل في التاريخ.

فهو أول من قام بجمع معلومات وصفيّة دقيقة عن عدد كبير من الشعوب غير الأوروبية (حوالي خمسين شعباً)، حيث تناول بالتفصيل تقاليدهم وعاداتهم، وملامحهم الجسميّة وأصولهم السلالية. ( Darnell, 1978, P.13) إضافة إلى أنّه قدّم وصفاً دقيقاً لمصر وأحوالها وشعبها، وهو قائل العبارة الشهيرة: "مصر هبة النيل ".

وممّا يقوله في عادات المصريين القدماء: " إنّه في غير المصريين، يطلق كهنة الآلهة شعورهم، أمّا في مصر فيحلقونها. ويقضي العرف عند سائر الشعوب، بأن يحلق أقارب المصاب رؤوسهم في أثناء الحداد، ولكن المصريين إذا نزلت بساحتهم محنة الموت، فإنّهم يطلقون شعر الرأس واللحية " (خفاجة، 1966، ص 120)

وأمّا عن المقارنة بين بعض العادات الإغريقية والليبية، فيقول: " يبدو أنّ ثوب أثينا ودرعها وتماثيلها، نقلها الإغريق عن النساء الليبيات. غير أنّ لباس الليبيات جلدي، وأنّ عذبات دروعهن المصنوعة من جلد الماعز ليست ثعابين، بل هي مصنوعة من سيور جلد الحيوان. وأما ما عدا ذلك، فإنّ الثوب والدرع في الحاليتين سواء .. ومن الليبيين تعلّم الإغريق كيف يقودون العربات ذات الخيول الأربعة " (خشيم، 1967، ص 87)

واستناداً إلى هذه الإسهامات المبكرة والجادة، يعتقد الكثيرون من علماء الأنثروبولوجيا، أنّ منهج هيرودوتس في وصف ثقافات الشعوب وحياتهم وبعض نظمهم الاجتماعية، ينطوي على بعض أساسيات المنهج (الأثنوجرافي) المتعارف عليه في العصر الحاضر باسم (علم الشعوب).

وكذلك نجد أنّ أرسطو (348 - 322 ق. م) كان من أوائل الذين وضعوا بعض أوليات الفكر التطوّري للكائنات الحيّة، وذلك من خلال ملاحظاته وتأمّلاته في التركيبات البيولوجية وتطوّرها في الحيوان .. كما ينسب إليه أيضاً، توجيه الفكر نحو وصف نشأة الحكومات وتحليل أشكالها وأفضلها، الأمر الذي يعتبر مساهمة مبدئية وهامة في دراسة النظم الاجتماعية والإنسانية. (فهيم، 1986، ص 46)

إنّ الدارس أعمال الفلاسفة اليونانيين يصل إلى معلومة طريفة وذات صلة بالفكر الأنثروبولوجي، وهي: أنّ اليونانيين أخذوا الكثير من الحضارات التي سبقتهم، حيث امتزجت فلسفتهم بالحضارة المصرية القديمة، وتمخّض عنها ما يعرف باسم " الحضارة الهيليلنية " تلك الحضارة التي سادت وازدهرت في القرون الثلاثة السابقة للميلاد.

وعلى الرغم من هذا الطابع الفلسفي الذي يناقض – إلى حدّ ما – ما تتّجه إليه الدراسات

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير