[قهوة بالملح ... ولكن "حلوة كثير]
ـ[الشمالي1]ــــــــ[26 - 02 - 2006, 06:53 م]ـ
قهوة بالملح ... ولكن "حلوة كثير"
رآها في إحدى الحفلات, كانت فتاة رائعة الجمال،
وكان جميع الشبان ينظرون إليها بإعجاب
وكان هو أيضاً يراقبها,
وفجاة تقدم منها وطلب أن يشرب معها فنجان قهوة!.
بداية استغربت هذه الدعوة
من شاب لم تره ولم تأبه له طيلة تواجدها في هذا المكان,
ولكنها لم ترد أن ترده خائباً،فوافقت وذهبا إلى زاوية هادئة.
جلسا طويلاً من غير أن يتفوه معها ولا بكلمة واحدة.
وبدا الملل على وجهها,
حتى إذا همت بالإستئذان من أجل الإنصراف, نادى الشاب على النادل
(الخادم) أن يحضر له الملح ,
وهنا نظرت إليه كما الجميع باستغراب وهي تقول:
أملحً في القهوة!!!
حقاً إن لك ذوقاً غريباً.
أحس بالحرج هنيهة ولكنه مالبث أن تمالك نفسه
وبدأ يقص لها حكاية عن هذا الذوق الغريب, قائلاً:
في مرحلة الطفولة كنت أقيم مع عائلتي في بيت لنا على البحر مباشرة.
وكنت أحب اللعب على الشاطئ, وكان طعم الملح دائماً يدخل إلى فمي,
فصرت أحب هذا الطعم , وما أن أتذوقه حتى يذكرني بطفولتي وبيتي وأمي وأبي الذي
اشتقت إليهم كثيراً, وأحبهم كثيراً.
وخيم نوع من الحزن اللطيف على الجو, وتأثرت الفتاة من هذا الموقف.
بيته .... أمه .... أبوه ....
لاشك أنه ممن يحترمون الحياة العائلية ,
ولاريب أن له حياة مستقرة.
وبدأت هي بدورها تقص عليه حكايتها,
وتحدثت عن بيتها البعيد مثل غربتها وعن عائلتها ...
كانت لحظات جميلة ورائعة, ثم افترقا بعد أن تواعدا على لقاء آخر قريب.
وتوالت اللقاءات بينهما.
وانتهت كما في جميع القصص, بزواج الأمير من أميرته.
واستمرت حياتهما سعيدة وإلى الأبد.
وكلما أرادا أن يشربا القهوة كانت تحضر الملح
وتضعه له في فنجانه وكان ذلك يضفي على الجلسة طعماً خاصاً.
وهكذا ...... مضت السنون والأعوام.
وبعد أربعين سنة توفي الزوج, وكان قد ترك رسالة, ولكن كان مكتوب عليها:
أرجوكِ لاتقرئيها إلا بعد أن أفارق الحياة!.
وحفظاً للود بينهما فكان كما أراد.
وعندما شرعت في قراءة الرسالة, كان مكتوب فيها:
حبيبتي وزوجتي الوحيدة, أرجوك أن تسامحيني!
سامحيني لأن حياتي معك بنيتها على كذبة! نعم كذبة.
المرة الوحيدة والأخيرة التي كذبت عليك فيها.
وهي:" القهوة بالملح"!.
ولم أجرؤ طوال حياتي معك أن أعترف لك بذلك.
ولكن الآن وبعد أن أكون رحلت عن الدنيا,
لن يعد هناك ماأخاف منه.
هل تذكرين أول لقاء بيننا.
أعترف لك أني لاأحب" القهوة بالملح"!.
حقاً إنه طعم غريب وكريه في نفس الوقت!.
ولكن من شدة بهجتي وسروري من ذلك الموقف,
وبدل أن أقول للنادل أحضر السكر,
خرجت من فمي بدلاً منها كلمة الملح.
ولما استغربتِ أنت ومن كان حولنا,
وجدت نفسي مضطراً لأن أحكي لك حكاية غريبة,
ولم يكن يخطر ببالي أبداً,
أن هذه الكذبة ستكون سبباً لحياتنا معاً وإلى الأبد.
ولكن أبوح لك في نفس الوقت بسر, وهو:
لو قدّر لي العودة إلى الحياة ثانية,
لما اخترت غيرك لأعيش معها حياة
أبدية ثانية, ولو اضطرني ذلك لشرب
"قهوة بالملح" مرة أخرى.
وكانت العجوز قد بللت الرسالة بدموعها المنهمرة من عينيها بغزارة.
ومضت الأيام .......
وفي إحدى الليالي كانت إحدى صديقاتها تسألها:
كيف هي "القهوة بالملح"؟.
فاغرورقت عيناها بالدموع وأجابت:
"حلوة كثير".
ترجمتها لكاتب غير معلوم,
أحمد غنام
ـ[أبو محمد المنصور]ــــــــ[26 - 02 - 2006, 11:10 م]ـ
في هذه الأقصوصة عُقدة جاء حلها بعد رحيل البطل، وهي إحدى الحيل التي يلجأ إليها القصاص، لينالوا من القارئ أقصى انتباه، ورغم تكرارها في كثير من القصص والروايات فإنها تظل متجددة لأنها تأخذ ما لا حصر له من الأشكال والصور حسب الحدث المواتي للقاص، وحين تكون المفاجأة أن العقدة إن هي إلا كذبة أثمرت عملا جليلا أو زواجا موفقا أو حياة هانئة، فنظرة النقاد إلى هذه الكذبة تتباين حيث يراها أناس بعين الواعظ فهي عندهم كذبة بما لها وما عليها من التبعة والمسئولية، ويراها آخرون بعين المشفق فهي كذبة ولكنها بيضاء لأنها أثمرت خيرا، ولست أميل إلى أحد القولين بترجيح أو رفض لأن الناقد الحصيف يستطيع أن يجد نافذة علوية في القصة أو الرواية يطل منها فيشرف على ما لم يره كلا الفريقين عندما حصروا نظراتهم في شيء قريب أبعدهم عن النظرة المحيطة التي تجلي أدق النقاط التي عجزت العيون عن رؤيتها عن قرب. والأقصوصة هذه لطيفة التناول، ولكن الترجمة بأسلوب فيه كثير من الخلل اللغوي أفقدها جمالها وكنا نتمنى من الأديب المترجم لو كان أعاد فيها النظر قبل كتابتها لننعم بأسلوب القاص وبأسلوب المترجم على السواء. وبالله التوفيق.