تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أبتاه ... صرخة ألم]

ـ[د. جمال مرسي]ــــــــ[27 - 05 - 2006, 03:29 م]ـ

أبتاه

(صرخة ألم)

د. جمال مرسي

أبتي و نبضَ الحُبِّ فِي شِرياني=يفديكَ خَلفَ الجانِحاتِ جَنانِي

أَهرَقْتُ دمعَ العينِ حُزناً و اكتوى=قلبي و أجَّت داخلي نيراني

أَأَراكَ ثانيةً و قد طالَ النَّوى=أَم كانَ للأقدارِ رأيٌ ثانِ؟

أَتَضُمُنِي في حِضنِكَ الدافي إذا=ضاقتْ على اْبنِكَ فُسحةُ الأحضانِ؟

فأرى أصابعَكَ النَّدِيَّةَ تعتلي=كَتِفِي، تُرَبِّتُ فوقَهُ بحنانِ

و تَجُوسُ في شَعرِي وفي وَجهِي لِتَمسَحَ .. =لمسةَ الأحزانِ عن أجفاني

أأرى سحائِبَها و قد هَطَلَت على=خديَّ تروي روضةَ الرمانِ؟

أم أنَّ ما مَنَّيتُ نفسي نَيلَهُ=أضحى كرؤيا حالمٍ و أماني؟!

قد كنتَ لي وطناً ألوذُ كطائرٍ=في حِضنهِ، إن أنكَرَت أوطاني

و اليومَ هل يسطيعُ حِضنٌ مثقلٌ =بالداءِ يحويني كمثلِ زمانِ؟

آهٍ و آهٍ من بلادٍ غرَّبت=سُفُنِي، و ألقت بي هناكَ أُعاني

ما بين دمعيَ حين أذكرُ أنني= قد لا أراكَ، و بينَ ليلٍ جانِ

آهٍ و آهٍ من مسافاتٍ بَدَت=و كأنَّها لِيْ قبضةُ السجَّانِ

لم أستطعْ منها فِكاكاً كي أرى=بعد الجفافِ ربيعكَ النُّوراني

كي أَلمَسَ الصدرَ الحنونَ يَضُمُّني= و تَقَرَّ حينَ لقائنا العينانِ

و أجوبَ في عينيكَ مُدْناً، دُورُها=مُستبشراتٌ حينما تلقاني

عادت بيَ الذكرى لبيتٍ ضَمَّنا =شيّدتَهُ أبتي على الإيمانِ

كم نازعتني فيهِ كُلُّ صَبَابَةٍ=لِفِراشِهِ، للبابِ، للجُدرانِ

للذكرياتِ المُورقاتِ سعادةً=منثورةً في سائرِ الأركانِ

فهناكَ كانَ الصَّوتُ يصدحُ دافئاً=مُتَرَنِّماً بالذِّكرِ و القُرآنِ

و هنا، بِغُرفَتِيَ الصَّغيرةِ شمعةٌ=مازلتَ تُوقدها من الوجدانِ

كم كنتَ تسألها إذا ضَوَّأْتَها=عَنِّي و عن أُمِّي و عن إخواني

و هناكَ عُصفورٌ على شُبَّاكنا=قد كان يسكبُ أعذبَ الألحانِ

أتراهُ حينَ مرضتَ كفَّ عن الغِنا=حزناً عليكَ، فلاذَ بالطيرانِ؟

يا ليتني قد كنتُ طيراً مثلَهُ=لَجَعَلتُ كفَّيكَ النَّدى أغصاني

و رَجَعتُ بعد تَغَرُّبي أرعاكَ في=مرضٍ تُكابِدُ هَولَهُ و تُعاني

أُلقي بنفسي تحتَ رِجلِكَ علَّني= أحظى بعفوِ الواحدِ الدَّيَّانِ

و أُريقُ دَمعَ العينِ مُعتَذِراً لِما=قَصَّرتُ في بِرٍّ و في إحسانِ

أبتي تَجَلَّدْ يا رعاكَ الله في=خَطبٍ مَرِيرٍ، شَرُّهُ أبكاني

ما زِلتَ صلداً والخطوبُ هزيلةٌ=إن تلقَهَا بعزيمةِ الفرسانِ

فاصبر، فإنَّ الصَّابرينَ جزاؤهم=يومَ القيامَةِ جَنَّةُ الرحمنِ

و أسألكم الدعاء له و لجميع مرضى المسلمين

ـ[أبو طارق]ــــــــ[27 - 05 - 2006, 03:36 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لله درك ما أرق عباراتك. وما أعذب كلماتك. فبارك الله فيك. وشفى الله والدك مما يجد وجميع مرضى المسلمين.

أَم كانَ للأقدارِ رأيٌ ثانِ؟

هل تجوز شرعاً هذه العبارة؟

دمت بخير.

ـ[د. جمال مرسي]ــــــــ[27 - 05 - 2006, 03:43 م]ـ

الأخ الكريم أبا طارق

بارك الله بكم و شكرا لكم المرور و الدعاء

و أصدقك القول أنني لا أعرف الوجهة الشرعية لهذا المقطع

و لعل مشائخنا الأكارم أفادونا بارك الله بك و بهم

تقبل مودتي

ـ[أبو طارق]ــــــــ[27 - 05 - 2006, 03:47 م]ـ

بارك اللفيك مبدعنا الكريم. وأنا ما وضعتها إلا لأعلم الحكم الشرعي لنكون حيطة من الزلة. بارك الله فيك , وأشجانا ببديع قريضك.

دمت بود

ـ[معالي]ــــــــ[27 - 05 - 2006, 06:46 م]ـ

أخيرا حضرت هذه القصيدة!

كنتُ أنتظرها منذ زمن!

حياكم الله دكتور جمال

أما تعليقي فقد وقفتم عليه في مكان آخر، والصمتُ في حرم الجمال جمالُ.

أما عما أشار إليه الأستاذ الكريم أبو طارق فهي إشارة تستحق الوقوف عندها، لعلنا نعرض الأمر على أهل الاختصاص قريبا بإذن الله.

شكر الله لكم وسلمكم.

ـ[ابن النحوية]ــــــــ[27 - 05 - 2006, 07:13 م]ـ

لم أتمالك نفسي

حركت الأشجان

وأوجعت الفؤاد

ذكريات الطفولة في حضن الأب والأم تدكدك الجبال، فكيف بقلوب قطعتها الأشواق للقاء الأحباب.

ـ[محمد الجهالين]ــــــــ[29 - 05 - 2006, 08:45 م]ـ

تعسجد البر ُّ عباءة التصبر، واكتسى الدفء خز التدثر،

فما أهناك يا دوح الطفولة، وما أشقاك يا صرح الرجولة.

قد كنتَ لي وطناً ألوذُ كطائرٍ

في حِضنهِ، إن أنكَرَت أوطاني

آهٍ و آهٍ من بلادٍ غرَّبت

سُفُنِي، و ألقت بي هناكَ أُعاني

وددت لو قلتم:

قد كنتَ لي وطناً ألوذُ بدوحه

طيرا سلا أكذوبة َ الأوطانِ

آهٍ و آهٍ من بلادٍ أحرقت

سُفُنِي، وأهدت للعدا شطآني

قصيدة تتراكض في سهوب الذات، وترفع راية الآه في تخوم الذكريات:

كم نازعتني فيهِ كُلُّ صَبَابَةٍ

لِفِراشِهِ، للبابِ، للجُدرانِ

للذكرياتِ المُورقاتِ سعادةً

منثورةً في سائرِ الأركانِ

تناغم بين حلل المبنى، وتباغم بين ظُلل المعنى، هكذا الشعر براعة، وهكذا الشاعر صناعة.

و هنا، بِغُرفَتِيَ الصَّغيرةِ شمعةٌ

مازلتَ تُوقدها من الوجدانِ

كم كنتَ تسألها إذا ضَوَّأْتَها

عَنِّي و عن أُمِّي و عن إخواني

مناجاة مودة، وابتهالات محبة، شمعة رعاية كان لها حكاية.

ولكن:

و تَجُوسُ في شَعرِي وفي وَجهِي لِتَمسَحَ ..

لمسةَ الأحزانِ عن أجفاني

أأرى سحائِبَها و قد هَطَلَت على

خديَّ تروي روضةَ الرمانِ؟

هذا التخييل جديد، وهذا التصوير مُجيد،

لمسة ندى تمسح لمسة جوى، غير أن روضة الرمان يا عيون جمال، ليست في خدود الرجال.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير