رَأَيْتُ النَّخْلَ يَبْكِي
ـ[وضحاء .. ]ــــــــ[02 - 07 - 2006, 05:20 ص]ـ
للشاعر العراقي/ يحيى السماوي.
إلى الأخ الشَّاعر المبدع: عيسى جرابا صَدَى لقصيدتِهِ (رَجْعٌ عِراقِيّ)
سَمِيْرَ الشِّعْرِ عَفْوَكَ يا سَمِيْرُ =عَصِِيَّاتٌ عَلَى سُفُنِي البُحُوْرُ
أُحَشِّمُ أَحْرُفِي فَتَفِرُّ مِنِّي =وتَهْرُبُ مِنْ خُطَى قَلَمِي السُّطُوْرُ
تَوَسَّلْتُ القَرِيْحَةَ فَاسْتهَانَتْ =بصَوِتي واستَخَفَّ بِيَ السَّعِيرُ
وكُنْتُ إِذَا أَشَرْتُ لَهَا أَتَتِْني =كمأمورٍ أَشَارَ لَهُ أَمِيْرُ
تَسِيْرُ كَمَا أشَاءُ فَلا (طَوِيْلٌ) =يُعَانِدُ إِنْ حَدَوْتُ وَلا (قَصِيْرُ) (1)
لَهَا كِبَرٌ فَمَا عَرَفَتْ (زِحَافاً) =ولا (خَبْناً) إذا طَالَ المَسِيْرُ) (2)
يُنادِمُ نَارَها قَلْبِي .. فَحِيْناً =يُنِيْرُ بِهَا .. وَحِيْناً يَسْتَنِيْرُ
هُمَا ضِدَّان لَكِنْ فِي وِفَاقٍ =وفَاقَ الجَمْرِ نَادَمَهُ البَخُوْرُ
سَمِيْرَ الشِّعْرِ عَفوَكَ يَا سَمِيْرُ =حُقُوْلُ قَرِيحَتِي ظَمْيَاءُ بُوْرُ
فَطُوْلُ تَغَرُّبٍ عَنْ نبْعِ (ضَادٍ) =يَبُلُّ بِهِِ حُشاشَتَهُ الحَسيْرُ (3)
أضَرَّ بجَرْسِ حُنْجُرَةٍ صَدُوْحٍ =فَهَل لِيِبيْسِ حُنْجُرَةٍ عَذِيْرُ؟
سَمِيْرَ الشِّعْرِ - لا زَعْمْاً - فُؤَادِي=وَقَدْ خَضَّبْتَهُ حُبًّا شَكُوْرُ
نَسَجْتَ مِنَ الرَّفيْفِ لَهُ وِشَاحاً =حَوَاشِيهِ الجَدَاوِلُ والزُّهُوْرُ (4)
أتانِي وَالجَفَافُ يُشِلُّ عُشِْبي =فَضَاحَكَني القُرُنْفُلُ والغَدِيْرُ
لَبِسْتُ وَكَانَ مِنْ حَسَكٍ قَمِيْصِي=فَدَثَّرَني الزُّبُرْجُدُ وَالحَرِيْرُ
وَلَوْلا أنَّ لِي وَطَناً سَجِيْناً =يَدُوْرُ عَلَيهِ حَوْلَ السُّوْرِ سُوْرُ
وَأَهْلاً لا يُسَامِرُهُم أَمَانٌ =وَرَوْضَاً لا يَمُرُّ بِهِ العَبِيْرُ
نَصَبتُ عَلىَ ضِفَافِ اللَّيلِ تَخْتاً =بِهِ يَنْسَى رَزَانَتَهُ الوَقُوْرُ
بَلَى .. لَطَمَتْ حَنَاجِرهَا الأَغَانِي =وشَقَّتْ زَيْقَ عَفَّتِهَا الخُدُوْرُ (5)
وَسَدَّتْ بَابَها خَجَلاً شُمُوْسٌ =وَفَرَّتْ مَن هَوَادِجِهَا بُدُوْرُ
وَأَغمَضَتِ الحُقُوْلُ الُعشْبَ لَمَّا =تَعَطَّلَ في اليَنَابِيْعِ الخَرِيْرُ
رأتْ وَطَناً يُسَاقُ إِلَى جَدِيْدٍ =مَنَ البَلْوَى تُحِيقُ بِهِ الشُّرُوْرُ
وَدِجلَةَ - غَادَةَ الأَنْهَارِ - تُسْبَى=يَعِيْثُ بِهَا الغُزَاةُ وَلا مُجِيْرُ
فَلَو أنَّ النَّخِيلَ - الشَّعْبَ - حُرٌّ =طلِيقُ السَّعفِ لَم يَسْجُنْهُ جُوْرُ
لَمَا وَلَغَتْ بِدِجلَتهِ ذَئابٌ =ولا رَاعَتْ عُيُونَ مَهَا جُسُوْرُ (6)
أَذَلَّهُمَا بِسَوطِ القَهرِ طَاغٍ =خَلائِقُهُ الحَمَاقَةُ وَالغُرُوْرُ
وَجَلاَّدُوْن لم ينبِض بِعِرْقٍ =لَهُم مَا طَالَتِ البَلوَى شُعُوْرُ
(أَشاوِسُ) في الوَعِيْدِ وَيَوْمَ غَزوٍ =فَجِرْذانٌ تَضِيْقُ بِهِم جُحُوْرُ (7)
تَنَمَّرَتِ الخِرَافُ على حَبِيْسٍ =غَدَاةَ تَخَرَّفَتْ فِيه النُّمُوْرُ (8)
وَمَا جَنَحَ الشِّرَاعُ بِنَا وَلَكِنْ =رَبَابِنَةُ السَّفِينَةِ لا العَشِيْرُ
ولا كَانَ الطَّرِيْقُ ضَرِيرَ شَمْسٍ =وَلِكِنَّ الدَّليْلَ هُوَ الضَّرِيْرُ
رَأَى تِبْراً فَأَغْمَضَ عَيْنَ عَقْلٍ =و (كُرْسِيًّا) فَزَاغَ بِهِ الضَّمِيْرُ (9)
على ريشٍ يَسيْرُ وَكانَ يَوْماً =يَعِزُّ عَلَيهِ في الكُوْخِ الحَصِيْرُ
كَفَرْتُ بنعمَةِ التَّحرِيْرِ يَأتي =بِهَا وَحْشٌ ومُرتَزِقٌ أَجِيْرُ
إذا أُسِرَ الذِّمَارُ فَكلُّ أُنْثَى =بِهِ أَمَةٌ وَكُلُّ فَتَىً أَسِيْرُ (10)
أدُجِّنتِ الكَرَامةُ؟ أيُّ عِزٍّ =لأَرْضِ النَّخْلِ يَحكُمُها سَفِيرُ؟
مَشَيْنَاهَا (وَمَا كُتِبَتْ عَلَيْنَا) =بَرِيءٌ مِنْ تَخاذُلِنَا القَدِيْرُ (11)
وَلِي عُذْرِِي إذا يَبِسَتْ حُرُوْفِي =عَلَى شَفَتِي وَجَفَّ صَدَىً أَثِيرُ
تقَرَّحَتِ الرَّبَابَةُ .. وَالمَرَايَا =مُقَرَّحَةٌ .. وَخُبْزِي والنَّمِِيْرُ
أَيُغوِي سَعْفُهُ المَحرُوْقُ طَيْراً =نَخيلٌ؟ والعَصَافِيْرَ القُبُوْرُ؟
هَرَبْتُ إليْهِ مِنِّي بَعْدَ عَشْرٍ =وَنِصْفِ العَشْرِ فَارَقَها الحُبُورُ
رَأَيْتُ النَّخْلَ - مِثْلَ - بَنِيْهِ - يَبْكِي =فَيَمْسَحُ دَمْعَ سَعْفَتِهِ الهَجِيْرُ
(1) الطويل والقصير: من بحور الشعر.
(2) الزحاف: تغيير يلحق ثاني السبب الخفيف أو الثقيل في عروض الشعر. والخبن: حذف ثاني الجزء الساكن من التفعيلة .. والزحاف والخبن من عيوب القصيدة.
(3) يبل: يروي. الحسير: الضعيف، الكليل.
(4) الرفيف: الخصب، ومن الأخلاق: أحسنها.
(5) الزيق: فتحة الثوب عند الصدر.
(6) إشارة إلى بيت علي بن الجهم:
عيون المها بين الرصافة والجسر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
(7) إشارة إلى هرب صدام حسين ومعاونيه وأتباعه دون قتال فسلموا بغداد للمحتل.
(8) تنمرت: أصبحت نموراً. تخرفت: أصبحت خرافاً.
(9) إشارة إلى بعض حفاة المنافي الذين سرقوا مئات ملايين الدولارات بمشاركة أولياء أمورهم؟!
(10) الذمار: كل ملك يتوجب الدفاع عنه، والمراد هنا الوطن.
(11) تحوير للبيت العربي
ما دعاني لكتابتها هنا بدلا من منتدى الأدب، جذب شاعرنا عيسى ليأتنا بقصيدته التي كانت سببا في هذه.
المصدر ( http://www.al-jazirah.com.sa/culture/26062006/shar38.htm)
¥