تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فرح بطعم الألم!!]

ـ[عبدالوهاب]ــــــــ[29 - 08 - 2006, 02:29 م]ـ

ترقبُ صورة ابنها " وجدي " القابعة في صالون المنزل، تذكرت تلك الليلة التي أتاها نعي وجدي فيها؛ أتى المشهد طرياً، غالبتُ الدُّموع، طفرتْ من عينيها دمعتان حرتان بعذاب السنوات التسع، تراءى لها وجدي وهو يرسم في كراسته الصغيرة شجراً مثمراً، وزهراً وروضاً، وجدول ماءٍ، وأفقٍا موشى بألوان " قوس قزح "، ويناولها؛ لتربتْ على كتفه، وتطبع قبلةً على وجنتيه ...

زادتْ حشرجة ُ صدرها، طيفُ ولدها يجوس في غرفات المنزل، يشاغبُ .. يغضب .. يحتج .. يجري مهرولاً إلى الخارج هرباً من عقابها بعد أن ضرب أخته الصغرى ... تمسحُ دموعها المنهمرة على وجنتيها بغزارة، وهي تتحسس بطنها المكورة، وتتمتم بدعواتٍ ممزوجةٍ بالدموع: اللهمَ عوضني خيراً.

ــ تخاطر نفسها: لأسمينه وجدي ـ إن جاء ولداً ـ تحاول رسم ملامح مولودها الجديد، تفشل؛ تبتسم ابتسامة منهكة بالدموع، تذكرت قدر الكبسة هرولت مسرعة صوب المطبخ ...

ــ بعد صلاة المغرب، تشعر بدوارٍ شديد وآلام وانقباضات في أسفل البطن، تتيقن موعد الولادة، تسرع في خطواتٍ متثاقلة إلى سماعة الهاتف: أخي سعد: احضر حالاً، أنا في حالة وضع.

ــ تعتلي السيارة بمساعدة أخيها سعد ... في الطريق تصارع الألم بأملها الذي غزلته منذ تسع سنين، تمر أمام عينيها المقطبتين من شدة الألم رسمة ابنها " وجدي"، تغمرها راحة نفسية.

ــ في غرفة الولادة، وبعد عشر دقائق من مصارعة الموت، تنشرح أسارير الدكتورة " سهى "، وتعلو وجهها ابتسامة رضى عريضة، وهي تقول: مبروك ولد .... نسيت آلامها، حاولت الارتفاع للأعلى دون فائدة، ناولتها الدكتورة " سهى " إياه، قبلته، تأملتْ تفاصيل وجهه، بدا واضحاً شبهه بوجدي؛ صرخت من أعماقها: الحمدُ لله يا رب، أشكرك يا رب وبكت بكاءً ممزوجاً بضحك وفرحة الانتصار.

ــ عادتْ به إلى البيت، ألبستهُ، وقربته إلى صدرها المشتاق: ارضعْ يا حبيبي، ارضع جيداً، اكبر بسرعة .... قربتْ الكراسة ُ والألوان، وبندقية، وسيارة ووضعتها في صندوق ٍ أحكمتْ إغلاقه جيداً ...

* عبد الوهاب بن حسن النجمي

[email protected]

ـ[أبو طارق]ــــــــ[29 - 08 - 2006, 03:22 م]ـ

خشيت على منتدى الإبداع من هجر الأعمال النثرية عنه. وها نحن أمام نص نثري , ولعله يفتح الباب أمام نصوص أخرى

بوركت أخي

ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[29 - 08 - 2006, 11:41 م]ـ

السلام عليكم

عندما يحضر ابن نجامية الجنوب نعرف أن للقصة القصيرة وللنثر عموما مكانا في منتدانا

ـ[عبدالوهاب]ــــــــ[30 - 08 - 2006, 12:50 ص]ـ

أبا طارق ... أبا خالد لكما مني أصدق الود وأثقل الشكر جزاء إطرائكما على ماكتبت من محاولات وشخبطات متعثرة، في درب الإبداع أمامها زمن طويل لتنهض .... تشجيعكما هو وقودها الذي يضرم في كسلها جذوة النهوض .... أنتما وأستاذتي معالي ووضحاء منارات أدبية وذوقية توجه وترشد بقول جميل ونقد صادق يعلم ولايجرح يحنو ولا يقسو ....

@@@ الكلمة الطيبة صدقة @@@

ـ[معالي]ــــــــ[30 - 08 - 2006, 12:30 م]ـ

الأستاذ عبدالوهاب فارس الإبداع النثري في فصيحنا ..

حُييت بعد غياب طويل عن الإبداع!

نص راقي في لغته كما اعتدنا منكم.

فُتنتُ بفرط عذوبته، وروعة تصويره لذكرى الطفل الحبيب!

يا لله!

وقفتُ طويلا أمام:

وهو يرسم في كراسته الصغيرة شجراً مثمراً، وزهراً وروضاً، وجدول ماءٍ، وأفقٍا موشى بألوان " قوس قزح "، ويناولها؛ لتربتْ على كتفه، وتطبع قبلةً على وجنتيه ...

وأمام:

طيفُ ولدها يجوس في غرفات المنزل، يشاغبُ .. يغضب .. يحتج .. يجري مهرولاً إلى الخارج هرباً من عقابها بعد أن ضرب أخته الصغرى

مؤثرة هذه التداعيات!

ذكرى الأحبة لا تغيبُ وإنما ... في بُعدهم أشواقنا تزدادُ!

إن كان لي من استدراك فهو لايقدح في قدراتك أستاذ عبدالوهاب:

_ استهلال القصة كان جميلا، ومحرضا على الترقب بقلق، لكنك قتلته حينما أفصحتَ بشكل مباشر:

تذكرت تلك الليلة التي أتاها نعي وجدي فيها

كنتُ أتمنى لو تركتَ هذه المباشرة، فصورة وجدي المعلقة، وتعلق نظر الأم بها كان كافيا لتفصح عن موته بدون هذه التقريرية.

_غالبتُ الدُّموع

كنتَ تريد: غالبتْ.

_ تذكرت قدر الكبسة هرولت مسرعة صوب المطبخ ...

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير