تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سامحيني]

ـ[الشرف]ــــــــ[01 - 05 - 2006, 09:14 ص]ـ

السلام عليكم هذه اول مشاركه لي في هذا المنتدى واتمنى ان تنال اعجابكم .....

انا لست مدرسة للغه عربيه انما رياضيات .. ولكن من حرصي ومن حبي عليها قمت بتأليف هذه القصه لتحبيب اطفالنا على تعلم اللغه العربيه ....

...............................................................

يمسك أحمد كتاب اللغة العربية وهو يدرس " فعل، فاعل، مفعول به .... " آه كم يضيق صدري بها ولا أستطيع تعلمها بسهولة إلا متى سأظل أعاني من هذه العقدة وتنقص علاماتي في هذه المادة، القواعد النحوية صعبة وشائكة ولا أستطيع تمييز بعضها عن بعض، وما فائدة العروض وهل يستفيد الآن الناس من الشعر لكي يستفيدوا أصلا من وزنه.

ما أهميتها؟؟ أنا لاأعلم نحن لا نستخدمها لا في البيت ولا في الشارع ولا في المدرسة، حتى المعاملات الرسمية أصبحت تصاغ بلغات أخرى .... آه كم أتمنى أن تستبدل بلغة أخرى تكون أسهل وأقل تعقيدا.

ازداد غيظ أحمد وهمَ بتمزيق الكتاب ولكن أحس ببلل يملأ الصفحات واستوقفه صوت أنين وبكاء لم يعرف مصدريهما، خاف أحمد وأرتعد بدأ يتلفت باحثا عن مصدر الأنين الذي بدأ يزداد حينا بعد حين وتزداد معه حيرة أحمد إلى أن بدأ الصوت يفصح عن نفسه ويقول " لما يا أحمد؟! .... لما يا بني؟! ... أعقوقا وتمردا تجزيني إياه بعد طول إهتمام ورعاية " ظهرت على أحمد علامات الدهشة والتعجب وقد جحظت عيناه استغرابا مستفهما عن كُنه الصوت ... " أنا أمك يا أحمد ... أنا لغتك الأم .. ألم تعرفني؟ ... ألهذه الدرجة أصبحت غريبة عنك لاحياة ولا وجود لي؟ .. هل تريد أن تستبدلني بلغة أخرى؟؟ .... هل تريد أن تبدل دمك الأصل بدم دخيل أو أن تحنك لسانك بتمرة مستوردة؟؟

قل لي يا بني هل فكرت يوما كيف ستقرأ القرآن الكريم وتتعلم تفسيره وترتيله لو لم تتعلم اللغة ... وكيف ستجني حكم شعر الشافعي أو فخر المتنبي أو نوادر الجاحظ أو قصص وروائع المنفلوطي .... ؟؟؟ قل لي كيف سيُأخذ جبر الخوارزمي وطب ابن سينا وعلوم ابن الهيثم لو لم تتعلم اللغة العربية؟؟؟

إن كنت يا بني تشكو تشعبي فأنما يدل ذلك على عراقة أصلي، فالجذع كلما تشعبت جذوره وعروقه كلما ازداد قوة وثباتا في الأرض وعلوا وسموا في السماء، وإن كنت تشكو صعوبة القواعد فالخطأ خطأ بيئتك التي لم تنمي السليقة العربية السليمة لديك والتي جعلتك تتربى في أيدٍ غريبة عنك ممن يذكرون المؤنث ويؤنثون المذكر ويرفعون المنصوب وينصبون المجرور بيئة انساقت وراء الصرخات والصرعات التي تنادي بإدخال الأطفال المدارس التي تُعطى أمومة اللغة فيها للغات أخرى دخيلة غير العربية، ويكون تدريس العربية فيها كمن يرضي ضميره وحسب.

ترقرقت دميعات أحمد " أندما يا بني؟؟ " فأومىء أحمد أن نعم " ستندم أكثر يا بني لو رأيت كم بذل أجدادك من جهد وتعب وكم عانوا ليحفظوا لك هذه اللغة ... تعال يا بني في أحضاني لأسافر معك وأعيش بينهم لحظات من العزة لطالما أفتقدتها في عصركم هذا.

محطتنا الأولى كانت في الحقبة (718 - 786م) في البصرة حيث عاش عمودي الخليل بن أحمد الفراهيدي، ها هو هناك تراه يقضي الساعات ذاهلا عن نفسه يرفع أصابعه ويحركها ببطء لضبط أوزان ما يتمتم به من الشعر لينسقه وقد أستطاع ضبط أوزان خمسة عشر بحرا يجري عليها النظم حتى الآن.

تقدم أحمد قاطعا خلوة الشيخ الخليل بالسلام " السلام عليك يا عماه " كررها أحمد ثلاثا ولم يجب إلا لثالثة لكثرة ذهوله، رفع الشيخ رأسه مستغربا هيئة أحمد ... " يا عماه أنا حفيدك أحمد قد جئتك من عصر غريب عنك لم أشعر فيه للغة عذوبة ولا لترانيمها أوزان وقد أتيتك ناصحا وراشدا لي " أومىء الشيخ وقد غص بدمعه حزنا مما قاله أحمد ولكن لم يلبث إلا أن رفع رأسه في عزة الواثق وقال " يا أحمد لعلك رأيت ما أعانيه من جهد جهيد، فقد أظل يوما كاملا خافضا رأسي في البئر لأسمع ترددات وصدى الأبيات لأتمكن من وزن الشعر ووضع بحوره،وأنتم في عصركم الذي جئتني منه قد سهُل عليكم الأمر كثيرا باستخدام ما أكتشف حديثا من وسائل وتقنيات حديثة تيسر عليكم أمر تعلم اللغة وإتقانها، فباستخدامها لن تكونوا بحاجة إلى إدخال رؤوسكم في البئر ولا أن تجلسوا الساعات الطويلة في حلقات التعلم.

فأرجوك يا بني ثم أرجوك لا تضيعوا ما بنيناه ولا تفسدوا ما جمعناه ... وهو أمانة في أعناقكم ستسألون عنها يوم الدين " قالها وهو يربت على كتفي أحمد مشجعا ومحملا إياه ولغيره من أبناء جيله مسؤولية عظمى.

رحل أحمد متشبثا بصدر أمه اللغة مسافرا معها حيث تكون محطتهم الثانية وهي في البصرة أيضا حيث رائحة التفاح حيث نشأ سيبويه كما عُرف هذا العالم الجليل من صغره ليغرف أحمد من همته اللامتناهية، فقد حلف سيبويه أن يلازم شيوخ العلم فقط لأنه لَحِن في كلمة فقال أبو وهي أبا – وما أكثر اللاحنين في عصرنا- وقد عكف سيبويه على إنتاج كتاب هو الأول في عصره من حيث تفصيله لقواعد النحو لم يمهله القدر حتى أن يسميه فولد من غير اسم وعرف باسم (الكتاب).

في إطار أبنائها الذين أعزوها وأعلو شأنها لم تنسى أمنا أن تطلع أحمد على عَلَمٍ من أبرز معالمها ومن أكثر من أثراها فخرا ومدحا وهو أبو الطيب المتنبي الذي عاش معتزا بنفسه مفتخرا بها فهو القائل " أنا من نظر الأعمى لأدبي وأسمعت كلماتي من به صمم" وكم نحن بحاجة اليوم أن نعيش عزته وأن نقول أنا ونحن ولا نعيش أتباع أشباه كالإمعات كما نهانا رسول الله عن ذلك.

همت الأم بمواصلة الرحلة ولكن أستوقفها نحيب أحمد ونشيجه الذي يتعالى ندما وحزنا، فكل محطة من المحطات كانت بمثابة صفعة توقظه مما كان يعيش فيه من غفلة وعقوق لهذه الأم العظيمة والخالدة.

رجع أحمد إلى واقعه وإلى كتابه وكله حب ولهفة وشوق لهذه اللغة وقد أقسم متعهدا إياها بكل الحفظ والرعاية والتنزيه.

الشرف

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير