تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تبتْ يدا من رسمها وتبَّ!

ـ[حسين العفنان]ــــــــ[16 - 02 - 2006, 04:55 م]ـ

[تبت يدا من رسمها وتب!]

الحمدُ للهِ الذي أرسلَ محمداً للإسلامِ قمراً منيراً، وقدراً على أهلِ الضلالِ مبيراً، جاءَ بأمتهِ من الظلماتِ إلى النورِ، وأفاءَ عليهِم الظلَّّ بعدَ الحرورِ، فصلى الله على سليلِ أكرمِ نبعةٍ، وقريعِ أشرفِ بقعةٍ؛ صلاةً سرمديةً ما ذكرَه الذاكرونَ، وغفلَ عن ذكرِه الغافلونَ، أما بعدُ:

فهذا كتابٌ حاولتُ أن أكسوَ السخطَ والبرطمةَ ألفاظهُ، والغيظَ والحنقَ معانيهُ، فقدْ أحرقتُ بما في صدري أوراقَهُ، وسجرتُ بما في قلبي سوادَهُ، لأني كتبتهُ والدمُ يغلي في رأسي، والقلمُ يرتجفُ بين أصابعي غضباً وأسفاً، وحرداً وغيضاً؛ لعرضِ رسولنا وحبيبِنا وهادينا وقدوتِنا ونورِنا وسراجِنا وعزِّنا محمدِ بنِ عبدِ اللهِ - صلى اللهُ عليهِ وسلمَ -! فداهُ عرضي وعرضُ والديّ والناسِ أجمعينَ!

فشلتْ يدٌ تعرضتْ لكمْ يا رسولَ اللهِ - صلى اللهُ عليكَ وسلمَ -، وقُطعَ لسانٌ ولغَ في عرضكم، وكُسرَ قلمٌ تحركَ في همزكم، وشُجَّ رأسٌ ابتدعَ لمزكم! رسوماتٌ خطها حميرُ كتابةٍ، ولقطاءُ إعلامٍ؛ ممن خِيطَ بجوفهم الكفرُ والنفاقُ، واحتواهم الحقدُ والحسدُ، وثقفوا الإرهابَ والظلمَ، وأتقنوا الكذبَ والإفكَ! فهمْ مساكينُ أهلُ عقولٍ مأفونةٍ، وأحلامٍ مأفوكةٍ، مساكينُ أهلُ الزبائلِ الفكريةِ، والحشوشِ العقليةِ، فلا غروَ أنْ يخرجَ هذا الضراطُ والدرنُ منهم! فكلُّ إناءٍ بالذي فيهِ ينضحُ! ولا تحسنُ الكلابُ إلا الهريرَ! مساكينُ فهمْ لا يعرفونَ عظيمَ الخليقةِ، وأستاذَ الإنسانيةِ، مساكينُ قدْ أشغلهم عن تسريحِ النظرِ في سيرةِ منقذِ البشريةِ - صلى اللهُ عليهِ وسلمَ - تسريحُ النظرِ في الفروجِ والصدورِ، مساكينُ قدْ ألهاهم عن اتباعِ سنةِ سيدِ الأمةِ وخاتمِ النبوةِ اتباعُ أهوائِهم وفروجِهم وبطونِهم! مساكينُ كيفَ يعرفونَ نبينا محمداً - صلى اللهُ عليهِ وسلمَ - وهمْ رؤوسٌ قدْ تمكنتْ من رمتها الخمورُ فصيرتها أذناباً! أكلةُ الخنازيرِ والربا، وعبادُ الصليبِ والأوثانِ، ومدمني المسكراتِ والمخدراتِ أهلُ النجاسةِ والرجاسةِ! مساكينُ لا يعرفونَ الوضوءَ ولا الطهارةَ، لأنهم لم يعرفوا إمامَ الطاهرينَ - صلى الله ُ عليه وسلمَ -، مساكينُ لا يفقهونَ الصلاة ولا السجودَ، ولا الصيامَ ولا الزكاةَ، ولا الحجَّ؛ لأنهم لم يأخذوها عنْ إمامِ العلماءِ والعبادِ - صلى اللهُ عليهِ وسلمَ -، مساكينُ لم يتلذذوا بالصلاةِ والسلامِ على منْ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ! مساكينُ لا يؤمنونَ باللهِ رباً خالقاً رحيماً، ولا بمحمدٍ نبياً ورسولا هادياً، مساكينُ لم يدخلوا جنةَ الدنيا بحبَّ سيدِ العالمِ، وسلوكِ سننهِ، وإقامةِ شعائرِ دينهِ وشرائعهِ التي توجبُ جنةّ الآخرةِِ! مساكينُ ما قدروهُ حقَّ قدرهِ، وهو الذي أُرسلَ رحمةً وغيثاً منْ اللهِ - سبحانهُ وتعالى -، مساكينُ ما قدروهُ حقَّ قدرهِ، وهو أفضلُ الرسلِ وخاتمهم، وآخرُ الأنبياءِ في الدنيا وأولهمْ في الآخرةِ، وأثقلهمْ عندَ اللهِ ميزاناً، وأوضحهمْ حجةً وبرهاناً، مساكينُ ما قدروهُ حقَّ قدرهِ، وهو ناقلُ الناسِ من طاعةِ العبادِ إلى طاعةِ ربَّ العبادِ، مساكينُ ما قدروهُ حقَّ قدرهِ، وهو كاشفُ الغمةِ عنِ الأمةِ، المتكلمُ بالحكمةِ، الصادعُ بالرسالةِ والحقِ، الداعي إلى الهدايةِ والصدقِ، مساكينُ ما قدروهُ حقَّ قدرهِ وهو صاحبُ المعجزةِ الخالدةِ، والشفاعةِ والمقامِ المحمودِ، مساكينُ ما قدروهُ حقَّ قدرهِ وهو أفصحُ منْ نطقَ العربيةَ، لكلامهِ تقشعرُ الأبدانُ، وتلينُ القلوبُ، مساكينُ ما قدروهُ حقَّ قدرهِ، وهو أتمُّ البريةِ خيراً وبراً، وأطيبهمْ فرعاً وأصلاً، وأكرمهمْ عوداً، وأعلاهمْ منصباً، مساكينُ ما قدروهُ حقَّ قدرهِ وهو أصدقُ الخلق حديثاً، وأعفُ الناس لساناً، مساكينُ ما قدروهُ حقَّ قدرهِ وهو أربطُ الخلق جأشاً، وأقواهمْ قلباً، مساكينُ ما قدروهُ حقَّ قدرهِ وهو أسخى الناسِ يداً، لا يجعلُ المالَ ينامُ عندَه ويتناسلُ، فهو آخذُ الدنيا ومعطِيها!

أثني على منْ أتدري منْ أبجلةُ؟ =أما علمتَ بمنْ أهديتُه كلمي

في أشجعِ الناسِ قلباً غيرَ منتقمِ=وأصدقِ الخلقِ طراً غيرَ متهمِ

أبهى منْ البدرِ في ليلِ التمامِ وقلْ = أسخى منْ البحرِ بلْ أرسى منْ العلمِ

أصفى منْ الشمسِ في نطقٍ وموعظةٍ = أمضى منْ السيفِ في حكمٍ وفي حكمِ

أغرَّ تشرقُ منْ عينيهِ ملحمةٌ = منْ الضياءِ لتجلو الظلمَ والظلمِ

في همةٍ عصفتْ كالدهرِ واتقدتْ = كمْ مزقتْ منْ أبي جهلٍ ومنْ صنمِ

محررُ العقلِ باني المجدِ باعثنا =منْ رقدةٍ في دثارِ الشركِ واللممِ

بنورِ هديكَ كحلنا محاجرَنا = لما كتبنا حروفاً صغتُها بدمِ

منْ نحنُ قبلكَ إلا نقطةٌ غرقتْ = في اليمِ بلْ دمعةٌ خرساءُ في القدمِ

إنْ كانَ أحببتُ بعدَ اللهِ مثلكَ في =بدوٍ وحضرٍ ومنْ عربٍ ومن عجمِ

فلا اشتفى ناظري منْ منظرٍ حسنٍ = ولا تفوهَ بالقولِ السديدِ فمي

فتبتْ يدا من رسمها وتبَّ!

فتبتْ يدا من رسمها وتبَّ!

فتبتْ يدا من رسمها وتبَّ!

لعنهم اللهُ وانتقم لنبيهِ وخليلهِ - صلى اللهُ عليهِ وسلمَ -!

حسين بن رشود العفنان


الأبياتُ لابنِ جوزيِّ العصرِ صاحبِ كتابِ (لا تحزنْ) - حفظهُ اللهُ تعالى -، ونفعَ بعلمهِ الإسلامَ والمسلمينَ.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير