[البدوي المر]
ـ[محمد الجهالين]ــــــــ[05 - 08 - 2006, 11:11 م]ـ
[البدوي المر]
أفيقوا، رِفاقَ الدَّرْبِ لمْ يَنْتَهِ الدَّرْبُ =
إذا نامَتِ الجَوْلاتُ ما نامَتِ الحَرْبُ
مشينا إلى حيثُ الحقوقُ بعيدةٌ =
فلا يَنْقضي المِشْوارُ، أَوْ يَنْقضي النَّحْبُ
حريرُ الخُطى الوَرْدِيُّ يَحْتَقِرُ الخُطى=
فطوبى لنا الأشواكُ، طوبى لنا التُّرْبُ
هو الظلمُ، لا تُقْصيهِ عنترةُ الصَّدى=
بِجَعْجَعِةِ المَسْلوبِ يَكْتَمِلُ السَّلْبُ
فأهلاً صعاليكَ الصِّعابِ ومرحباً =
على صَخْرةِ الصُّعْلوكِ يَنْكَسِرُ الصَّعْبُ
حَبتْ في سبيل ِ الرزقِ عاداتُ سادةٍ =
فيا سادةَ الأرزاقِ! عاداتُنا الوَثْبُ
نُدَرْهِمُ صَحْراءَ الجُيوبِ، كَرامةً =
عَوى دِرْهَمُ الإخْناعِ فاسْتأْسَدَ الجَيْبُ
مُدى الليلِ لا تُدْمي شُموخَ مُحاربٍ=
لهُ الأنْجُمُ الأحلى، وللغادرِ الشُّهْبُ
تقولونَ ما المعنى أقولُ حمامةٌ=
على شَرَكِ الصَّيادِ يَحْسُدُها السِّرْبُ
تُشيعونَ أسرارَ العِراكِ، كَأننا=
صِغارٌ، أعاديها الفراشاتُ، والعُشْبُ
تُحاكِمُنا الأظعانُ كيفَ نَصونُها=
وكيفَ لحادي الرَّكْبِ يَنْتَصِرُ الرَّكْبُ
ألا أيها الأحبابُ! بعضَ تِجارةٍ=
إذا غفرَ المَحبوبُ؛ لا يَغفِرُ الحُبُّ
وداعًا، زمانَ الصدقِ إنَّ زمانَنا=
بضاعَتُهُ الأبواقُ حانوتُهُ الكِذْبُ
قُطِعْتَ لسانَ الجوخِ فانعُبْ على المدى=
لدى خِرَبِ الأبوامِ كُرْسيُّك َالخَيْبُ
إليَّ مَغاويرَ الكفاحِ فإنني=
على قَسَمِ الأحرارِ أدْرَكَني الشَّيْبُ
سَرَجْتُ حصانَ الرفضِ، آنستُ ثورةً=
وأنشدتُ: يا ابْنَ الوَرْدِ عاشَ الفتى الصُّلْبُ
وأسْرَجْتُ لِلثوارِ روحي ولمْ أقلْ=
تَفارَقَتِ الخالاتُ واخْتَلَفَ الصَّوْبُ
وِللشَّنْفَرى أرسلتُ حُلوَ تحيةٍ=
وقلتُ: بنو أمي هُمُ العينُ، والقَلْبُ
يَدي في يدِ الشَّعْبيِّ مِنْ قَوْمِ عُسرةٍ=
نُعَلِّمُ قوم المستوى مَنْ هو الشَّعْبُ
أعيدُ بناءَ الكوخِ أشْتاقُ مِنجلي=
وأنصِبُ بيتَ الشَّعْر يشتاقُني الحَلْبُ
أردُّ إلى الأعمامِ بَهْماً وأنتحي=
رواقًا مع الأترابِ أرجوحتي الطُّنْبُ
أسَيِّجُ جيراني بَراكينَ نَخْوَةٍ=
إذا هبَّني المُحْتاجُ، أطربني الهَبُّ
أنا البَدَوِيُّ المُرُّ عَيْبُ بَداوتي=
غِلابٌ متى غالَبْتُ ما عابَني الغُلْبُ
أنا ذلِكُ المَخْبورُ صَبُّ شَراسةٍ=
أنا العَوْسَجُ القُرّاصَةُ الحَنْظَلُ الصّرْبُ
تُسربلُني الأخْطارُ لوْثةَ حاقِدٍ=
فأنْسَلُّ مِنْ حِقدي، يُسَرْبلني التَّوْبُ
تَمادَيْتُ في الإصْرار صَوْبَ عَدالةٍ=
لعَلَّ بَسيطَ القوتِ، تُدْرِكُهُ الزُّغْْبُ
بَخٍ أيُّها الطِّفْلُ المُطِلُّ رُجولةً=
مضى العيدُ، والثوبُ القديمُ هو الثَّوْبُ
أبوكَ يُخيطُ الزُّهْدَ بُرْدَ تَقَشُّفٍ=
فلا تَلْتَحِفْ بُرْدَ العِتابِ، لكَ العَتْبُ
أبوكَ هو الحَمّالُ، خِلُّ وَظيفةٍٍ=
شَهادتها البلوى، ثقافتُها الكَرْبُ
يَشُجُّ لهُ المَسْؤولُ رأسَ إرادةٍ=
فَيُسْتَغْفَرُ الجاني، ويَنْقلِبُ الذَّنْبُ
ليَسْتكْمِلِ العَيّابُ عِصْمَة ذاتِهِ=
هَنيئا لذاتِ النقصِ، ما عِنْدَها عَيْبُ
لماذا تَرى الأَشياءَ بَوْصَلةُ الهوى=
لماذا يُرى الوادي، وليسَ تُرى الهُضْبُ
لِيَحْمِلْ صِواعَ الغُبْن مَحْظِيُّ سُلْطَةٍ=
إذا اكتالتِ الجُرْذانُ يَسْتبشرُ الضَّبُّ
لِمَنْ تَكْتسي خَزَّ الصبابةِ ضَيْفَة ٌ=
يُحَيِّرُني الخلخالُ، والبُرْقعُ الصَّبُّ
أقِلّي مِنَ التأليبِ ما زلْتِ ضَيْفَةً=
وقدْ يَبْخَلُ المِضْيافُ، إنْ ضافَهُ الخَبُّ
هُنا تَلّّةُ البِلانِ لا حَْوضُ زَنْبَقٍ=
عَقالِ خَبايا التلِّ والأعْقلُ الأوْبُ
يَجوسُ رحابَ الدارِ أولادُ دايةٍ=
وأوْلادُها الأقحاحُ في بابِها غُرْبُ
إذا ما تَنَدّى الآنَ حُلوُ هُنيهَةٍ=
حذارِ يَزُخُّ الآنَ أحماضَهُ الغَيْبُ
قريبَ غَدٍ يَصْطَكُّ وجهُ حقيقةٍٍ=
فماذا يَحُكُّ الجُرْبُ والأنفُسُ الجُرْبُ
قَريبَ غَدٍ يَختالُ سِيزيفُ في عَلٍ=
بصَخْرتِهِ اللعناءِ يَنْدَكُّ أولِمْبُ
قَريبَ غَدٍ يُعصى زُيوسُ جَهارةً=
فلا تتخفى النارُ، لو أخْفِيَ الشَّبُّ
إلَيَّ رفاقَ الدربِ نَشْتدُّ غُرْبَةً=
ويا أيُّها الأغْرابُ، إنَّكُمُ الصَّحْبُ
تَزايدتِ يا أوْجاعُ إذ قَلَّ مَرْقدي=
أطَبِّبُ مَوْجوعاً، فيوجِعُني الطِّبُّ
غُزَيَّة في رُشْدٍ فلا تَغوِ، واصْطَبِرْ=
دُرَيْدُ! مِنَ الرُّشْدِ الغِوايَةُ تَنْصَبُّ
شَديدٌ عَليكَ القهْرُ كُلَّ التفاتةٍ=
أخو شِدةٍ شَرْقٌ، أخو مِحْنَةٍ غَرْبُ
فَضحتَ خبيءَ الشَّر ناباً ومِخلباً=
فأقعَتْ ذِئابٌ، وانْتضى ذيلَهُ الكَلْبُ
لِتَعْو ِ جِراءُ الظِّلِّ، لسْتُ ألومُها=
تلظّتْ بشَمْسي حينَ ألهبني الخَطْبُ
سَلِمْتَ زَميلي، لوْ تخَلَّتْ زَمالةٌ=
تصونُكَ أحداقي، وتَحْرُسُكَ الهُدْبُ
سَلِمْتَ زَميلي، إنْ عَرَتكَ ارتِجافةٌ=
ضَعِ الرزقَ في كَفيكَ، يَرْزُقكَ الرَّبُّ
سَلِمْتَ زميلي، تَشْرَئِبُّ شَهامَةً=
تُجَنُّ، ولا يُقذي زَميلَتَكَ الرَّيْبُ
تَجِدُّ، وفي التقديرِ يَمْتازُ عابثٌ=
سَواءٌ، لدى طحّاننا السوسُ والحَبُّ
قناديلُكَ الإعْطاءُ، مُنذ ولادةٍ=
فلا نورُها يَعشو ولا زيتُها يَخبو
سَلِمْتَ زَميلي، ما استطعتُ سلامةً=
إلى أبَدٍ يَمشي، إلى جَنْبكَ الجَنْبُ
¥