ـ[د. أحمد أبورحاب]ــــــــ[11 - 04 - 2006, 06:54 ص]ـ
عودة
فدوى طوقان
إنا سنمضى يا جزيرة حلمنا
لا تمسكينا بعد يكفينا بأرضك ما لقينا
حلما سرابيا لقينا
وخيوط ضوء واهيات غررتنا
لما دعتنا
ورمت بنا قى القفر , فى العبث المريع , وضيعتنا
لما رأينا من بعيدٍ ظلك الرطبَ الظليل
يومى ويدعو خطوَنا التعبَ الكليل
قلنا وصلنا واسترحنا
ولسوف ندخلها كراما آمنين
وهنا سنُلقى عبأنا
وهنا سينسى روحنا المكدود احزان السنين
قلنا وقلنا
وعلى رفيف مروجك الخضراء ضاحكنا الرجاء
الله ما أحلى الرجاء
للتائهين على الطريق
للمدلِجين بلا رفيق
قلنا وقلنا
لكن وهمنا ياسذاجةَ ما وهمنا
لمّا أتنينا ثم القينا رواسينا بأرضك حالمينْ
جئنا نلملم ماتبعثر من خطى أعمارنا
ونشق أثلام الهوى لبذارنا
ولقد مضينا نزرع الأشواقَ والحب المنضّرَ والحنينْ
لكن علمنا بعد حين
انا زرعنا زرعنا فى الملح , فى الأرض البوار
انا ضللنا حين ألقينا البِذار
فى قلب أرضٍ لا تغلّْ
كان الجفاف نصيبنا , ولغيرنا خصب وظل
لاتمسكينا ياجزيرة حلمنا
إنا سنمضى عنك , لن نبقى هنا
نعطيك من أشواقنا عبثا ومن أعمارنا
فيضى واعطى الآخرين
من خصبك المغداق اعطى لغيرنا ظلا وماء
فلقد عزفنا عنك , افرغنا القلوب من الرجاء
انا سنمضى عن شواطئك الملونة الضحوك
سنعود نسلم للرياح شراعنا
ونظل نحمل تيهنا وضياعنا
ياتيهنا وضياعنا
فى الصاخب الهدّار , فى هذا الخضمّ بلا قرار
سنصارع الموج الكبير
وهناك نعطى عمرنا
للصاخب الهدّار نعطى عمرنا
وكفاحنا
وهناك سوف نواجه التِيهَ المحتّم والمصير
ومحن نحضن كِبرَنا
وجراحنا
ـ[د. أحمد أبورحاب]ــــــــ[11 - 04 - 2006, 06:55 ص]ـ
طفل الحجارة
محمد الفيتوري
ليس طفلا ذلك القادم فى أزمنة الموتى الهىّ الأشارة
ليس طفلاً وحجاره
ليس بوقاً من نحاس ورماد
ليس طوقاً حول أعناق الطواويس محّلى بالسواد
انه طقس حضارة
انه العصر يغطى عريه فى ظل موسيقى الحداد
ليس طفلاً ذلك الخارج من قبعه الخاخام
من قوس الهزائم
انه العدل الذى يكبر فى صمت الجرائم
انه التاريخ مسقوفاً بازهار الجماجم
انه روح فلسطين المقاوم
انه الأرض التى لم تخن الأرض
وخانتها الطرابيش
وخاننتها العمائم
انه الحق الذى لم يخن الحق
وخانته الحكومات
وخانته المحاكم
...
فانتزع نفسك من نفسك
واشعل أيها الزيت الفلسطينى أقمارك
وأحضن ذاتك الكبرى وقاوم
وأضىء نافذة البحر على البحر
وقل للموج ان الموج قادم
ليس طفلاً ذلك القادم
فى عاصفة الثلج وأمواج الضباب
ليس طفلاً قط فى هذا العذاب
صدئت نجمة هذا الوطن المحتل فى مسراك
من باب لباب
مثل شحاذ تقوست طويلاً فى أقاليم الضباب
وكزنجى من الماضى تسمرت وراء الليل
مثقوب الحجاب
...
ليس طفلاً يتلهى عابثاً
فى لعبة الكون المحطّم
أنت فى سنبلة النار وفى البرق الملثم
كان مقدوراً لأزهار ك وجه الأعمدة
ولأغصانك سقف الأمم المتحدة
ولأحجارك بهو الأوجه المرتعده
...
ليس طفلاً
هكذا تولد فى العصر اليهودى وتستغرق
فى الحلم أمامهْ
عاريا الأّ من القدس ومن زيتونه
الأقصى وناقوس القيامه
شفقياً وشفيفاً كغمامة
واحتفالياً كأكفان شهيد
وفدائياً من الجرح البعيد
ولقد تصلبك النازية السوداء فى
أقبية العصر الجديد
فعلى من غرسوا عينيه بالقضبان أن
لا يتألم
وعلى من شهد المأساةَ
أن لا يتكلم
ـ[د. أحمد أبورحاب]ــــــــ[12 - 04 - 2006, 03:57 ص]ـ
هجم التتار
صلاح عبد الصبور
هجم التتار
ورموْا مدينتنا العريقة بالدمار
رجعت كتائبنا ممزقة , وقد حمىَ النهار
الراية السوداء , والجرحى , وقافلة موات
والطبلة الجوفاء , والخطو الذليل بلا التفات
واكف جنديٍ تدق على الخشب
لحن السغب
والبرق ينسِل فى انبهار
والأرض حارقةٌ , كأن النار فى قرص تُدار
والأفق مختنق الغبار
وهناك مركبة محطمة تدور على الطريق
والخيل تنظر فى انكسار
الأنف يهمل فى انكسار
العين تدمع فى انكسار
والأذن يلسعها الغبار
والجند ايديهم مدلاة الى قرب القدم
والأمهات هربن خلف الربوة الدكناء من هول الحريق
أو هول انقاض الشقوق
أو نظرة التتر المحملقة الكريهة فى الوجوه
زحف الدمار والانكسار
وابلدتى! هجم التتار
فى معزل الأسرى البعيد
الليل والأسلاك والحرس المدجج بالحديد
والظلمة البلهاء والجرحى ورائحة الصديد
ومزاح مخمورين من جند التتار
يتلمظون الإنتصار
ونهاية السفر السعيد
وانا اعتنقت هزيمتى , ورميت رجلى فى الرمال
قدطرن – يا أمى – اماسينا المنعمة الطوال
وبكيت ملء العين – يا أمى – لذكرى كالنسيم
وغمائم الكلم القديم
امى .. وأنت بسفح ذاك التل بين الهاربين
والليل يعقد للصغار الرعبَ من تحت الجفون
والجوع والثوب الشفيف
والصُم والسعلاة والظَلماء تقعى فى الكهوف
اترى بكيتِ لأن قريتنا حطام؟
ولأن اياما اثيرات تولت لن تعود؟
اماه! انا لن نبيد
هذا – بسمعى – صاحبٌ من اهل شارعنا العتيد
وسعال مهزوم قعيد
وفم يهمهم من بعيد بالوعيد
وأنا وكل رفاقنا , يا أمُ حين ذوى النهار
بالحقد اقسمنا .. سنهتف فى الضحى بدم التتار
اماه قولى للصغار أيا صغار
سنجوس بين بيوتنا الدكناء ان طلع النهار
ونشيدُ ماهدم التتار ..
¥