أنا شاعرٌ حسبي علوَّ مكانةٍ
أن الهدى والفكر بعض شؤوني
علو مكانة الشاعر ليس وراءها سمو المضمون، وإن كان شرط احترام، هذا وأنت قد قلتَ " بعض شؤوني " ولم تقل " كل شؤوني "، فهذا التبعيض يلوح بشؤون مجهولة، مرفوضة أو مقبولة.
أبني الصروح من القوافي والرؤى
تجتاح كلّ مخبّأ مكنون
لم أحتفل بقولك " أبني الصروح من القوافي " إنما احتفالي بجملة الحال " والرؤى تجتاح .... "
فالرؤى لديك تتخلى عن هدوء انسيابها ومخبوء شعابها، الرؤى لديك تغير على مكنون أسحارها، عارمة في سيل أسرارها.
وأطرز العشق الشفيف عباءةً
وتتيه ما بين الفتون فتوني
تذكرتُ عباءات نزار: من جلد النساء عباءة، وتذكرتُ مناديل درويش: وأقسم من رموش العين سوف أخيط منديلا.
فابتعدْ عن عموم الذائع، واقتربْ من مخصوصك الرائع.
" الشفيف " على قلة استعمالها فقد وقعتُ في حبالها.
وكنتُ مفضلا إن قصدتَ الافتنان أن تقول:
" ويتيه .... فتوني"
وسل الصبايا عن جمال قصيدتي
وعن الخيال وعن بديع شجوني
ما دمنا سنسأل الصبايا والخرائد فلنسأل عن القصائد، إلا إذا كانت القصيدة بيضة الديك، دون شريك.
كم داعبت نسمات حرفي طفلةً
في الحب كم أمطرتُها بحنيني
أعيدها مرة أخرى ابتعد عن سبايا نزار: مازلت في فن المحبة طفلة.
ما كان للمجنون قيسٍ في الهوى
شأن يقاس بخبرتي وفنوني
خفضت " يقاس " حرارة اعتراضي على حشو " قيس "، لكن اندفاع " شأن " وزحام " بخبرتي " زادتها ارتفاعا.
شعري نسائمُ لو مررتَ بها على
بيداء حالتْ جنةً بعيون
ما سر ُّهذه النسائم الشعرية أسلوبا، أحيت ملحوبا، وقطبياتٍ وذنوبا.
شعري حروفٌ يستجار ضرامها
وكذا عواصفُ ثورة وجنون
من قبلك أتعب المتنبي " كذا " شَمّا دون شذى
وهو البراءة والطهارة والنقا
وصدى ترانيمي وصوت سكوني
النقاء ممدودا مصدر نقي، والنَّقا مقصورا كثيب الرمل، والنًّقا أيضا نبات، فكان اضطرارك لقصر النقاء قاذفا بالمعنى بعيدا عن البراءة والطهارة، وإن جاء في المعاجم " نُقا جمع نُقاوة بمعنى خيار الشيء ".
أما " صوت السكون" فقد تحلى بفسيفسائها دادائيو الشعث، وسوراليو العبث.
وهو الذي لو طوقتني هالة الـ
ـيأس الرهيب يظلني ويقيني
إن كثافة الصورة في " هالة اليأس " تتجلى جمالا وخيالا، لولا أن " الرهيب" تطفلت عليها اعتلالا.
لولا اليراعُ لجفّ نبعي وانطوت
رايات إقدامي وتاه سفيني
يقول ابن رشيق:
وأما الانتهاء فهو قاعدة القصيدة، وآخر ما يبقى منها في الأسماع، وسبيله أن يكون محكماً: لا تمكن الزيادة عليه، ولا يأتي بعده أحسن منه، وإذا كان أول الشعر مفتاحاً له وجب أن يكون الآخر قفلاً عليه.
شاعرنا ضفاف الأمل
اختلفتُ معك كثيرا، واتفقتُ قليلا، غير أنك باقتدار آخذ برقاب الموزون قصيدا، سابح في سهوب القوافي نشيدا.
ـ[إكليل]ــــــــ[11 - 06 - 2006, 08:19 م]ـ
أنا شاعرٌ حسبي علوَّ مكانةٍ
أن الهدى والفكر بعض شؤوني
في هذا الشاهد اتضحت الرؤية بأن (علو) منصوبة على التمييز .. والمصدر المؤول من (أن) وما بعدها خبر (حسبي) أو مبتدأ مؤخر إذا ما اعتبرنا (حسبي) خبراً مقدماً ..
حسبك رفعةً أنك مبدع ..... واضح أن (رفعة) تمييز محول .. ولكن: هل يصح إضافة التمييز كما هو الحال في (علو مكانة) .. ؟
ـ[محمد الجهالين]ــــــــ[11 - 06 - 2006, 09:25 م]ـ
قال الإكليل حاسما المسألة:
هل يصح إضافة التمييز كما هو الحال في (علو مكانة) .. ؟
فأقول عائدا إلى الصواب:
لا يصح فالتمييز مفرد أبدا
ضفاف الأمل
ما العمل؟
لم نستطع إقناعهم
ـ[محمد الجهالين]ــــــــ[12 - 06 - 2006, 08:37 ص]ـ
لقد أحلت ُ إعراب " علو " إلى منتدى النحو والصرف على هذا الرابط:
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?p=70060#post70060
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[13 - 06 - 2006, 12:24 ص]ـ
الوحي والإلهام ملكُ يميني
أنا شاعر والشعر في تكويني
عادتكم أيها الشعراء فما حاجتكم في شرائها؟ اعتداد بشاعرية لا تتوب عن غلوائها.
الشاعر عندما تنهال عليه القوافي دون ارتقاب يقول شعرا رائعا واعتقد ان صاحبنا فاجأه الإلهام بيد أن إطلاق كلمة الوحي عليه اعتراض، والترادف بينها وبين الإلهام خانه المخاض.
[ COLOR="Black"] اعتراض مقبول اذا كان محوره الترادف , اما اذا كان المحور هو استخدام اللفظة في غير محلها - خاصة وانها شائعة الاستخدام للوحي الإلهي _ ففيه نظر لأن في المجاز فسحة والله يقول ((فأوحى اليهم أن سبحوا)) والموحي هنا هو زكريا عليه السلام , ويصبح الايحاء لغة هوالإفهام بطريقة غير الكلام
" شاعر والشعر "
جاءت " والشعر " بعد " شاعر" ثقيلة تكرار الشين وقعا.
نصيحة بجمل ,فبعض الحروف يثقلها التكرار ,
أما العلاقة بين الشاعر والإلهام فعلاقة اشتراك لا علاقة امتلاك، والغارف من بحر الشعر مجذافه الإلهامُ، والناحت من صخر الشعر إزميله الإحكامُ.
ويبقى الإلهام طليقا لا يملكه أحد , فقد يظل شاعر مبدع شهرا في بيت لا يجيزه
ولكنه اذا نزل على الشاعر جاءت الروعة راكعة أمامه
احسن شاعرنا واتقن ناقدنا
¥