والألفاظ الدالة على الادواء (الأمراض) مثل: صداع, زكام, سعال, وكباد, طعان, فأكثرها يكون على وزن فُعال, وكذلك صفة الأصوات: صراخ, خوار, نباح, بكاء, وعواء ...
وبعضها يكون على وزن فعيل:عويل, ضجيج, صهيل, نهيق, وزئير, ...
واما الأطعمة تكون على وزن فَعيلة: عصيدة, وليمة, نقيعة, وسخينة, ....
وأكثر الأدوية تكون على وزن فَعول:لعوق, زعوط, سموط, وجور, وذرور, ...
وأكثر العادات في الإستكثار تكون علة وزن مِفعال: مطعان, مطعام, مضراب, مضياف, ومعطار ومذكار .....
هذه اكثر الاوزان والتفعيلات العربية والتي تنطوي تحتها الفاظ اللغة العربية البليغة ,كل ما تكلم به العرب من اشعار ونثر في الجاهلية وما بعد الاسلام الفاظ عربية مؤلفة من آحرف عربية, وكذلك القرأن لا يحوي اي لفظ غير عربي, وحتى الالفاظ التي يُشك انها غير عربية هي في الواقع معربة, اي انها أُدرجت تحت إحدى الاوزان والتفعيلات العربية المعروفة لدى العرب واضعي هذه اللغة, واشعار العرب ما قبل الاسلام تزخر بمثل هذه الالفاظ.
(كما قال الفقهاء): إِلاَّ أنها سقَطَت إِلَى العرب فأعرَبَتها بألسنَتها، وحوَّلتها عن ألفاظ العجم إِلَى ألفاظها فصارت عربيَّة. ثُمَّ نزل القرآن وَقَدْ اختَلَطت هَذِهِ الحروف بكلام العَرَب.
وعليه فإن القول بان القرآن فيه ألفاظ غير عربيه فهو مردود على أصحابه, فكل القرآن ألفاظهعربيه وليس فيه أي لفظ أعجمي, يقول الله تعالى:"بلسان عربي مبين",ويقولايضاً:"قرأناً عربياً",وإن ضمن بعض الألفاظ من أصل غير عربي كما جرت عليه عادهالعرب وبعد أن أدرجت تحت إحدى التفعيلات العربية ,فامرئ القيس استعمل كلمة سجنجل بمعنى المراه وهي كلمه فارسيه, وبما أن القرآن جاء بلسانهم وعلى طريقتهم في التعبيروالاسلوب فانتهج نهجهم في ذلك, ومن الكلمات ذوات الاصل الاعجمي والوارده في القرآن, مشكاة وهي لفظة نبطيه وقيل حبشيه وتعني الكوه وهي على وزن مفعال, وكذلك كلمةاستبرق, وهي على وزن استفعل, وسجيل وغيرها من الألفاظ
والعرب كانوا يعتبرون اللفظة المعربة عربية كاللفظة التي وضعوها سواء بسواء, والتعريب ليس أخذاً للكلمة من اللغات الاخرى كما وضعوها ناطقيها, بل المقصود به هو ان تصاغ اللفظة الاعجمية بالوزن العربي فتصبح عربية بعد وضعها على وزن الالفاظ العربية (تفعيلة من التفعيلات).
إذن التعريب هو صوغ اللفظ الاعجمي صياغة جديدة بالوزن والحروف حتى يصبح لفظًا عربيًا في وزنه وحروفه ,ويؤخذ ويكون لفظًا معربًا.
وهنا قد يرد سؤال, هل التعريب خاص بالعرب الاقحاح وهو حكر عليهم ,لأنهم هم الذين وضعوا اللغة وعنهم رويت, أم أنه حق لكل عربي في أي العصور كان, فأُحتلف فيه, فمن علماء اللغة من قال أنه حق موقوف للعرب الاقحاح وعللوا ذلك بقولهم أن التعريب هو وضع لألفاظ جديدة وأنهم وحدهم لهم الحق بالوضع, وفريق آخر من العلماء قال أنه يجوز لأي عربي أن يقوم بالتعريب على شرط ان يكون عالمًا باللغة العربية ونحوها وإعرابها ومحيطًا بتفعيلاتها واوزانها وملمًا بالحروف واحوالها ومعانيها.
والحقيقة أن الفريق الثاني على صواب, لأن التعريب غير الوضع ,فالوضع هو إيجاد لفظة جديدة وبوزن وتفعيلة جديدتين, ويتداولونها ويألفونها ويروونها, وتشتهر بين العرب.
واما التعريب فهو صوغ لفظة أعجمية على وزن من اوزان اللغة العربية وتحت إحدى تفعيلاتها, فهو كالإشتقاق سواء بسواء, وبما أن الاشتقاق هو صوغ الفعل او اسم الفعل او اسم المفعول من المصدر, فهو تكلف وبذل جهد وفهم, وكذلك التعريب يتطلب تكلف وبذل جهد وفهم.
والتعريب لا يعني الترجمة الحرفية للالفاظ, كما حاول كثير من علماء اللغة المعاصرين أن يعربوا (يترجموا) ,فخرجوا بالفاظ تتألف من حروف عربية ولا معنى لها ... مثل: التلفون_هاتف, والراديو-مذياع, والكمبيوتر-حاسوب, والترين-قطار ... وغيرها, مما لايتفق مع مرونة العربية من إشتقاق وتعريب ,ويجعل اللغة جامدة لا حياة فيها, وهذا يخالف روح اللغة العربية وحيويتها.
وبما أن الاشياء والمعاني تتجدد كل يوم, والاكتشافات والاختراعات تتوالى, والمسلمون وناطقو الضاد بحاجة الى هذه كلها, وبما أن اهل اللغات الآخرى قد برعوا فيها واطلقوا عليها الفاظًا من لغاتهم (الأعجمية) ,وجب على المسلمين وناطقي الضاد أن ينقلوها عنهم وأن يطلقوا عليها الفاظًا معربة (جديدة) كي يواكبوا عجلة التطور المادي, ويسيروا قدمًا مع الحياة ومتطلباتها, كما ويجب على المسلمين ان يدرسوا هذه الاشياء (إكتشافات وإختراعات) لتبيان الحكم الشرعي المتعلق فيها.
وعليه فإن التعريب بتعريفه السابق ذكره ,يعتبر ضرورة من ضرورات الحياة والشرع ,وهو يعطي اللغة العربية الزخم اللازم لبقائها حية وتبعده عن الجمود.
إلا أنه يجب الاشارة الى حقيقة مهمة في التعريب الا وهي أن التعريب لا يقع إلا في الاسماء ,ولا يقع في شيئ سواه, لأن هذا ما جرت عليه العرب ,فإنهم عربوا الالفاظ ولم يعربوا شيئًا سواه.
والقائم على التعريب يجب أن تتوفر فيه عدا المعرفة والالمام باللغة العربية ,المعرفة في العلم الذي يعربه, ومعرفة عالية في اللغة التي ينقل عنها, وذلك لرفع أي لبس قد يحصل.
والله من وراء القصد.