[الشاعر الشرقاوي هاشم الرفاعي]
ـ[الشمالي1]ــــــــ[23 - 02 - 2006, 01:57 ص]ـ
:= الشاعر الشرقاوي هاشم الرفاعي
الشرقية أون لاين - 2/ 9/2006 م
في مهرجان الشعر الأول الذي عقد بالعاصمة السورية دمشق سنة 1959م وقف من بين الشعراء الشبان شاعر يخاطب أباه في ثقة وإيمان , وقف هاشم الرفاعي وألقى قصيدته الرائعة (رسالة في ليلة التنفيذ) والتي صوّر فيها محكوماً بالإعدام يخاطب أباه في أخر ليلة من عمره قبل تنفيذ حكم الإعدام ..
أبتاه ماذا قد يخط بنانى ... والحبل و الجلاد ينتظران
هذا الكتاب اليك من زنزانة ... مقرورة صخرية الجدران
لم تبق الا ليلة احيا بها ... واحس ان ظلامها اكفانى
ستمر يا ابتاه لست اشك فى ... هذا وتحمل بعدها جثمانى
الليل من حولى هدوء قاتل ... والذكريات تمور فى وجدانى
ويهدنى المى فانشد راحتى ... فى بضع ايات من القران
والنفس بين جوانحى شفافة ... دب الخشوع بها فهز كيانى
قد عشت أومن بالاله ولم اذق ... إلا اخيرا لذة الايمان
شكرا لهم انا لا اريد طعامهم ... فليرفعوه فلست بالجوعان
هذا الطعام المر ما صنعته لى ... امى ولا وضعوه فوق خوان
كلا ولم يشهده يا ابتى معى ... اخوان لى جاءاه يستبقان
مدوا الى به يدا مصبوغة ... بدمى وهذه غاية الاحسان
والصمت يقطعه رنين سلاسل ... عبثت بهن اصابع السجان
ما بين اونة تمر واختها ... يرنو الى بمقلتى شيطان
من كوّةٍ بالباب يرقب صيده ... ويعود فى امن الى الدوران
انا لا احس باى حقد نحوه ... ماذا جناه فتمسه اضغانى
هو طيب الاخلاق مثلك ياأبى ... لم يبد فى طمأ الى العدوان
لكن إن نام عنى لحظة ... ذاق العيال مرارة الحرمان
فلربما وهو المروع سحنةً ... لو كان مثلى شاعرا لرثانى
أو عاد من يدرى الى اولاده ... وذُكّرَ صورتى لبكانى
وعلى الجدار الصلب نافذة بها ... معنى الحياة غليظة القضبان
قد طالما شارفتها متأملاً ... فى السائرين على الأسى اليقظان
فأرى وجوما كالضباب مصورا ... ما فى قلوب الناس من غليان
نفس الشعور لدى الجميع وإنما ... كتموا وكان الموت فى إعلانى
ويدور همس فى الجوانح ما الذى ... فى الثورة الحمقاء قد أغراني
أو لم يكن خيرا لنفسى ان أرى ... مثل الجموع أسير فى إذعان
ما ضرنى لو قد سكت وكلما ... غلب الأسى بالغت فى الكتمان
هذا دمى سيسيل مطفئا ... ما ثار فى جنْبَىَّّ من نيران
وفؤادى الموّار فى نبضاته ... سيكف من غده عن الخفقان
والظلم باقٍ لن يحطم قيده ... موتى ولن يودى به قربان
ويسير ركب البغى ليس يضيره ... شاة اذا اجتثت من القطعان
هذا حديث النفس حين تشف عن ... بشريتى وتمور بعد ثوان
وتقول لى إن الحياة لغايةٌ ... أسمى من التصفيق للطغيان
انفاسك الحرى وان هى أُخمدت ... ستظل تغمر افقهم بدخان
وقروم جسمك وهو تحت سياطهم ... قسمات صبح يتقيه الجانِ
دمع السجين هناك فى أغلاله ... ودم الشهيد هنا سيلتقيان
حتى اذا ما أفعمت بهما الربا ... لم يبق غير تمرد الفيضان
ومن العواصف ما يكون هبوبها ... بعد الهدوء وراحة الربان
احتدام النار في وجهه ... أمر يثير حفيظة البركان
وتتابع القطرات ينزل بعده ... سيل يليه تدفق الطوفان
فيموج يقتلع الطغالة مزمجرا ... اقوى من الجبروت والسلطان
أنا لست ادرى هل ستذكر قصتى ... أم سوف يعدوها رحى النسيان
و أننى سأكون فى تاريخنا ... متآمرا أم هادم الاوثان
كل الذى ادريه ان تجرعى ... كأس المذلة ليس فى إمكانى
لو لم أكن فى ثورتى متطلباً ... غير الضياء لامتى لكفانى
اهوى الحياة كريمةً ... لا قيد لا إرهاب لا إستخفاف بالإنسان
فاذا سقطُت سقطُت أحمل عزتى ... يغلى دم الاحرار فى شِريانى
أبتاه إن طلع الصباح على الدنا ... وأضاء نور الشمس كل مكان
واستقبل العصفور بين غصونه ... يوما جديدا مشرق الألوان
وسمعت أنغام التفاؤل ثرةً ... تجرى على فم بائع الالبان
واتى يدق- كما تعود- بابنا ... سيدق باب السجن جلادان
واكون بعد هنيهة متأرجحا ... فى الحبل مشدودا الى العيدان
ليكن عزاؤك ان هذا الحبل ما ... صنعته فى هذى الربوع يدان
نسجوه فى بلد يشع حضارةً ... وتضاء منه مشاعل العرفان
أو هكذا زعموا وجىء به الى ... بلدى الجريح على يد الاعوان
أنا لا اريدك ان تعيش محطما ... فى زحمة الألام والاشجان
¥