[من روائع الشعر العربي لأبي إسحاق الألبيري]
ـ[أبومصعب]ــــــــ[02 - 03 - 2006, 06:57 م]ـ
نسخة مزيدة ومنقحة!
تَفُتُّ فُؤَادَكَ الأَيَّامُ فَتّا * وَ تَنحِتُ جِسمَكَ السّاعَاتُ نَحتا
وَتَدعوكَ المَنونُ دُعاءَ صِدقٍ * أَلا يا صاحِ أَنتَ أُريدُ أَنتا
أَراكَ تُحِبُّ عِرسًا ذاتَ غَدرٍ * أَبَتَّ طَلاقَها الأَكياسُ بَتّا
تَنامُ الدَهرَ وَيْحَكَ في غَطيطٍ * بِها حَتّى إِذا مِتَّ اِنتَبَهتا
فَكَم ذا أَنتَ مَخدوعٌ وَ حَتّى * مَتى لا تَرعَوي عَنها وَ حَتّى
أَبا بَكرٍ دَعَوتُكَ لَو أَجَبتا * إِلى ما فيهِ حَظُّكَ إِن عَقَلتا
إِلى عِلمٍ تَكونُ بِهِ إِمامًا * مُطاعًا إِن نَهَيتَ وَإِن أَمَرتا
وَتَجلو ما بِعَينِكَ مِن عَشاها * وَتَهديكَ السَبيلَ إِذا ضَلَلتا
وَتَحمِلُ مِنهُ في ناديكَ تاجًا * وَيَكسوكَ الجَمالَ إِذا اغتَرَبتا
يَنالُكَ نَفعُهُ مادُمتَ حَيًّا * وَيَبقى ذُخرُهُ لَكَ إِن ذَهَبتا
هُوَ العَضبُ المُهَنَّدُ لَيسَ يَنبو * تُصيبُ بِهِ مَقاتِلَ مَنْ ضَرَبتا
وَ كَنزٌ لا تَخافُ عَلَيهِ لِصًّا * خَفيفُ الحَملِ يوجَدُ حَيثُ كُنتا
يَزيدُ بِكَثرَةِ الإِنفاقِ مِنهُ * وَينقُصُ إِن بِهِ كَفًّا شَدَدتا
فَلَو قَد ذُقتَ مِن حَلواهُ طَعمًا * لآثَرتَ التَعَلُّمَ وَاجتَهَدتا
وَلَم يَشغَلَكَ عَنهُ هَوى مُطاعٌ * وَ لا دُنيَا بِزُخرُفِها فُتِنتا
وَلا أَلهاكَ عَنهُ أَنيقُ رَوضٍ * وَ لا خِدرٌ بِرَبرَبِهِ كَلِفتا
فَقُوتُ الروحِ أَرواحُ المَعاني * وَلَيسَ بِأَن طَعِمتَ وَأَن شَرِبتا
فَواظِبهُ وَ خُذ بِالجِدِّ فيهِ * فَإِن أَعطاكَهُ اللهُ أَخَذتا
وَ إِن أوتيتَ فيهِ طَويلَ باعٍ * وَقالَ الناسُ إِنَّكَ قَد سَبَقتا
فَلا تَأمَن سُؤالَ اللهِ عَنهُ * بِتَوبيخٍ عَلِمتَ فَهَل عَمِلتا
فَرَأسُ العِلمِ تَقوى اللهِ حَقًّا * وَ لَيسَ بِأَن يُقال لَقَد رَأَستا
وَ ضافي ثَوبكَ الإِحسانُ لا أَن * تُرى ثَوبَ الإِساءَةِ قَد لَبِستا
إِذا ما لَم يُفِدكَ العِلمُ خَيرًا * فَخَيرٌ مِنهُ أَن لَو قَد جَهِلتا
وَ إِن أَلقاكَ فَهمُكَ في مَهاوٍ * فَلَيتَكَ ثُمَّ لَيتَكَ ما فَهِمتا
سَتَجني مِن ثِمارِ العَجزِ جَهلًا * وَ تَصغُرُ في العُيونِ إِذا كَبُرتا
وَتُفقَدُ إِن جَهِلتَ وَأَنتَ باقٍ * وَ توجَدُ إِن عَلِمتَ وَقَد فُقِدتا
وَ تَذكُرُ قَولَتي لَكَ بَعدَ حينٍ * وَ تَغبِطُها إِذا عَنها شُغِلتا
لَسَوفَ تَعَضُّ مِن نَدَمٍ عَلَيها * وَما تُغني النَدامَةُ إِن نَدِمتا
إِذا أَبصَرتَ صَحبَكَ في سَماءٍ * قَد ارتَفَعوا عَلَيكَ وَ قَد سَفَلتا
فَراجِعها وَ دَع عَنكَ الهُوَينى * فَما بِالبُطءِ تُدرِكُ مَا طَلَبتا
وَلا تَحفِل بِمالِكَ وَ الْهُ عَنهُ * فَلَيسَ المالُ إِلا ما عَلِمتا
وَ لَيسَ لِجاهِلٍ في الناسِ مَعنىً * وَ لَو مُلكُ العِراقِ لَهُ تَأَتّى
سَيَنطِقُ عَنكَ عِلمُكَ في نَدِيٍّ * وَ يُكتَبُ عَنكَ يَومًا إِن كَتَبتا
وَ مَا يُغنيكَ تَشيِيدُ المَباني * إِذا بِالجَهلِ نَفسَكَ قَد هَدَمتَا
جَعَلتَ المالَ فَوقَ العِلمِ جَهلًا * لَعَمرُكَ في القَضيَّةِ ما عَدَلتا
وَ بَينَهُمَا بِنَصِّ الوَحيِ بَونٌ * سَتَعلَمُهُ إِذا طَهَ قَرَأتا
لَئِن رَفَعَ الغَنيُّ لِواءَ مالٍ * لَأَنتَ لِواءَ عِلمِكَ قَد رَفَعتا
وَإِن جَلَسَ الغَنيُّ عَلى الحَشايا * لَأَنتَ عَلى الكَواكِبِ قَد جَلَستا
وَ إِن رَكِبَ الجِيادَ مُسَوَّماتٍ * لَأَنتَ مَناهِجَ التَّقوى رَكِبتا
وَمَهما اِفتَضَّ أَبكارَ الغَواني * فَكَم بِكرٍ مِنَ الحِكَمِ اِفتَضَضتا
وَ لَيسَ يَضُرُّكَ الإِقتارُ شَيئًا * إِذا ما أَنتَ رَبَّكَ قَد عَرَفتا
فَما عِندَهُ لَكَ مِن جَميلٍ * إِذا بِفِناءِ طاعَتِهِ أَنَختَا
فَقابِل بِالقَبولِ صَحيحَ نُصحي * فَإِن أَعرَضتَ عَنهُ فَقَد خَسِرتا
وَ إِنْ راعَيتَهُ قَولاً وَ فِعلا * وَتاجَرتَ الإِلَهَ بِهِ رَبِحتا
فَلَيسَت هَذِهِ الدُنيا بِشَيءٍ * تَسوؤُكَ حُقبَةً وَ تَسُرُّ وَقتا
وَ غايَتُها إِذا فَكَرَّت فيها * كَفَيئِكَ أَو كَحُلمِكَ إِن حَلَمتا
سُجِنتَ بِها وَ أَنتَ لَها مُحِبٌّ * فَكَيفَ تُحِبُّ ما فيهِ سُجِنتا
وَتُطعِمُكَ الطَعَامَ وَ عَن قَريبٍ * سَتَطعَمُ مِنكَ ما مِنها طَعِمتا
¥