تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فالدارسة المتعمقة للقرآن تُبَيِّن أن الآيات المكيّة مليئة بأقوى البراهين وأقمعها للملحدين الجاحدين. وكثيرا ما حاجّ الله سبحانه كفار مكّة وقارعهم الدليل تلو الدليل وتحداهم المرة بعد المرة فأعلنوا عجزهم وتسليمهم ودخلوا في دين الله أفواجا.

أما ما يزعمه قرآنا مدنيا، ويزعم أنه مُلِئَ بالتشريعات والأحكام ومبادئ الأخلاق .. الخ .. فإنه يردّ ذلك كله- قاتله الله - إلى احتكاك المسلمين بيهود المدينة، الخ ما قاله مما يملأ النفس ألما ووجدا على هذا الآدمي الذي ابتلي به المسلمون حينا من الدهر، ولا زالت سمومه تتسرب على أيدي أشياعه ممن وردوا ورده، وشربوا من المستنقع الذي كرَع منه حتى غصّ بريقه .. !

_ 5 _

زعم أن عدم وضع النقط على الحروف القرآنية في بدء تدوينه قد أدّى إلى حدوث اختلاف في نطقه، فهناك كلمات تنطق هكذا: فتبينوا، فتثبتوا .. الخ.

والحق الذي لا مراء من حوله، مهما أرجف المرجفون، أن القرآن مكلوء برعاية الله إلى أبد الآبدين ودهر الداهرين وذلك بنص قول الحق سبحانه وتعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.

وقد أحاط الكثيرون من الدارسين لعلوم القرآن بالكثير مما يتعلق بهذه الأمور، وما قصد طه حسين بهذا الافتراء إلا أن يكسر القداسة التي خص بها القرآن الكريم، سّيما وهو يعلم أن القرآن يتميز عن التوراة والإنجيل بأنه معجز بلفظه، محفوظ في السطور والصدور بنصّه، متعبد بتلاوته وهو كما قال (جاك بيرك): "سقف اللغة العربية تقاس عليه ولا يقاس عليها"، فكيف يضعه هذا المخّرف موضع الشك والاختلاف؟

_ 6 _

ادعى أن لفظة (سورة) مأخوذة من كلمة (شورة) العبرية، بمعنى (سلسلة) وأثار الشك في لفظة (قرآن) هل هي عربية أو عبرية أو مأخوذة من لغات أخرى.

ورأى أن (الكتاب) غير (القرآن)، وأن الكتاب كان موجودا قبل إنزال القرآن، وأن القرآن صورة عربية منه. (نعوذ بالله من ذلك).

هل سمع السامعون في تاريخ الكفر والنفاق بمثل هذا؟

_ 7 _

ومن أخباره أنه كان يشجع تلاميذه في كلية الآداب على أن ينقدوا القرآن في جرأة ينقدونه باعتباره كتابا أدبيا! يمكن أن يقال فيه هذا كذا، وهذا كذا. ويحاول أن يدرسه دراسة فنية!!

فهل تسلح أولئك الطلاب بالأسلحة العلمية الكافية لدارسة القرآن، فضلا عن ((نقده)) بأمر أستاذهم؟

وهل يملك أستاذهم نفسه، مهما بلغ من علوم اللغة نحوها وصرفها وبلاغتها وأدبها وفقهها ومتنها، أن يمسّ القرآن بكلمة نقد واحد؟

وهل استطاع أساطين البلاغة وفرسان البيان من العرب الخلص إلا أن يسلموا مقاليدهم أمام إعجاز القرآن الكريم وبلاغته فماذا يبلغ هذا الدعيّ من الفقه بلغة الكتاب الكريم وأحكامه العظيمة؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.

وقفة أمام تراث طه حسين

سنضرب الذكر صفحا عما أوردناه، رغم فظاعته وهوله.

وسنلج مرة أخرى باب البحث في تراث طه حسين، لعلنا قد ظلمنا الرجل وما أنصفناه أن أثبتنا عداوته للدين، وأغفلنا نتاجه في الأدب.

سنلج باب البحث في أدبه على طريقته هو بأن نجرده من القيم الروحية التي كان معاديا لها. ((ونحرره)) - كما يقول - من إطاره الإسلامي!

تميزت كتابات طه حسين بما يلي:

1_ المجافاة لروح البحث العلمي الصحيح:

من الواضح أنه لم يكن من الميسور له أن يستعين بأدوات البحث العلمي، من هنا اكتفى بالنقد الأدبي الذي يقوم على الذوق، والقصة التي تقوم على الخيال، والاستعراض التاريخي والسياسي الذي يستطيعه كل من يمسك بالقلم كما يقول أنور الجندي! وفي الجامعة المصرية يقول أستاذه الشيخ محمد المهدي: "إن رأس هذا الفتى كالقدر الفارغة تحتها النار تتلظى فلا هو يشفق على القدر فيملؤها بما يقيها جور النار، ولا هو يبقى على النار إلى أن يتسنى لها الانتفاع بها في الوقت المناسب" [16].

وفي الحقيقة إن استعراض النتائج النقدي لطه حسين، يوقفنا على حقيقة خطيرة ومؤسفة، وهي أنه كان في نقده يسير على غير قواعد. كان يكتفي بما يسميه هو نقدا ذوقيا. ومتى كان النقد ذوقا مجردا بلا دراسة؟

ومتى كان الذوق دستورا عاما يستوي فيه كل الناس، حتى تكون الأحكام الصادرة على أساسه أحكاما نهائية وعامة ولها صفة الثبات والصدق؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير