دخول حروف الجر على (حيثُ)
ـ[محمد سعد]ــــــــ[04 - 12 - 2008, 11:17 م]ـ
(حيث) ظرف مكان مبني على الضم. هذا هو المشهور. ومما جاء في (المعجم الكبير) الذي يصدره مجمع اللغة العربية بالقاهرة:
«حيث: أشهر استعمالاتها أن تكون ظرف مكان، يضاف إلى الجملة الاسمية أو الفعلية، وإلى الفعلية أكثرُ، سواء أكانت مثبَتَةً أم منفيّة. وتكون مجرورة أو مَبْنِية في محل جر بعد حروف الجّر: مِن، الباء، في، إلى؛ أو إذا كانت مضافاً إليه بعد (لدى).»
§ فمثال إضافتها إلى جملة فعلية مثبتة:
) فَكُلُوا منها حيث شئتم رَغَداً ((البقرة 58).
قال الشاعر:
وما المرء إلا حيث يَجعلُ نفسَه =ففي صالح الأخلاق نفْسَكَ فاجْعَلِ
§ ومثال إضافتها إلى جملة فعلية منفية:
) وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ((النحل 26).
) ومن يَتَّقِ اللهَ يجعلْ له مَخرجاً ويرزُقْه من حيث لا يحتسب ((الطلاق 3).
§ ومثال إضافتها إلى جملة اسمية:
- جلستُ حيث الجلوسُ مُريح.
- هنا تطيب الحياة حيث الشمل ملتئمٌ وحيث الجمع مؤتلف.
فإن تَلاها مُفردٌ (أي ما ليس جملة) فهو مبتدأ محذوف الخبر، نحو:
(مكثنا حيث الظلُّ)، أي مكثنا حيث الظلُّ ممتد.
ومن النحاة الكبار من يجرُّ هذا المفرد، نحو: أنا مقيمٌ حيثُ الهدوءِ وحيثُ الاطمئنانِ.
وحُجَّتهُم أمثلةٌ مسموعة فصيحة، كقول الشاعر:
ويطعنهم تحت الحُبا بعد ضربهم = بِبِيْض المواضي حيثُ لَيِّ العمائمِ
وقد أجاز مجمع القاهرة قياسية إضافة (حيث) إلى الاسم المفرد، على أن يُجَرَّ ما بعدَها.
· مِن حيثُ:
ورَدَ هذا التركيب كثيراً في التنْزيل العزيز. وقد ذكرنا آنفاً مثالين من سورتي النحل والطلاق.
وفيما يلي أمثلة أخرى:
) وأَخْرِجوهم من حيث أخرجوكم ((البقرة 191).
) إنه يراكم هو وقبيلُه من حيث لا تَرونَهم ((الأعراف 27).
) سنستدرِجُهم من حيث لا يعلمون ((الأعراف 182).
قال أبو العتاهية:
وقد يهلِك الإنسان من باب أَمْنِهِ ...... وينجو بإذنِ اللهِ من حيثُ يَحْذَرُ
· بحيثُ:
§
قال الحُطيئة (توفي 45 هـ/665 م):
فَلَمْ أشتُمْ لكم حَسَباً ولكن ..... حَدَوْتُ بحيث يُسْتمعُ الحُداءُ
§ وجاء في كتاب (دلائل الإعجاز) للإمام عبد القاهر الجرجاني (474 هـ):
ص 425: « ... وأنّ قلبه قلب لا يخامره الذعر ولا يدخله الرَّوع، بحيث يُتَوهَّم أنه الأسد بعينه.»
ص 427: « ... رأيت رجلاً هو من الشجاعة بحيث لا يَنْقُص عن الأسد.»
ص 448: « ... إن الاستعارة، لَعَمري، تقتضي قوةَ الشَّبَه وكونَه بحيث لا يَتميَّز المشَبَّهُ عن المشبَّه به.»
وتكرر هذا الاستعمال كثيراً في هذا الكتاب ...
§ وجاء في (رسائل إخوان الصفا 3/ 33) [من القرن الرابع الهجري]:
« ... بل إنما ذمّهم بحيث أنهم لا يفقهون أمر المعاد.»
§ وجاء في (أساس البلاغة /عقب) [توفي الزمخشري 538 هـ):
«ولم أجد من قولك مُتَعَقَّباً أي مُتَفَحَّصاً، يعني أنه من السَّداد والصحة بحيث لا يحتاج إلى تَعَقُّب.»
· في حيثُ:
§
جاء في (نهج البلاغة /177) تحقيق الإمام محمد عبده:
«وغَمُضت مداخل العقول في حيث لا تبلُغُه الصفات لِتناوُلِ عِلم ذاته سبحانه.»
§ وجاء في (المغني 6/ 133) للإمام ابن قُدامَة المقدسي (689 هـ):
« ... وقد يكون الصبغ لا يحصَّل إلا في حيث يحتاج إلى مؤنة كثيرة ... »
§ وجاء في (الأغاني 13/ 37):
«روى ابن الأعرابي عن أرطأةَ بن سُهَيَّة أنه هجا حُباشة الأسدي؛ فقال:
أَبْلِغْ حُباشةَ أني غيرُ تاركِهِ ..... حتى أُذَلِّلَهُ إذ كان ما كانا
........... ...........
قد نَحْبِس الحقَّ حتى ما يُجاوِزنا والحقُّ يحبسنا في حيثُ يلقانا»
§ وجاء في (نفح الطيب 1/ 652):
«قال أبو القاسم العطار، أحد أدباء إشبيلية ونُحاتِها:
ما كالعَشِيَّة في رُواء جَمالها .... وبلوغ نفسي منتهى آمالها
ما شئتُ شمس الأرض مُشْرِقَةَ السَّنا .... والشمس قد شَدَّتْ مَطِيَّ رحالها
في حيث تنساب المياه أراقماً ..... وتُعِيْرك الأفياءُ بُرْدَ ظلالها»
· إلى حيثُ:
§
جاء في (أساس البلاغة /أرب):
«يقولون: أَلْحِق بمآربك من الأرض، أي اذهبْ إلى حيث شِئت.»
§ وجاء فيه (ثني):
«ثنيت فلاناً على وجهه، إذا رجَّعه إلى حيث جاء.»
§ وجاء فيه (خوص): قال ذو الرمة:
مُراعاتَكِ الآجالَ ما بين شارعٍ ..... إلى حيث حادت عن عَناق الأواعس
§ وقال إبراهيم بن هرمة (176 هـ):
سالت به شعبة الوفاء إلى ...... حيث انتهى السهل وانتهى الجبل
§ وقال إبراهيم بن العباس الصولي (243 هـ):
أُعَوِّذه دائماً بالقرآن ..... وأرمي بطَرْفي إلى حيث حلْ
فأضحت يدي قصدها واحدٌ ...... إلى حيث حلَّ فلم يرتحلْ
· لِحَيْثُ:
§ قال الَعْرجي (120 هـ):
لحيث ما شِئتِ فهو معترفٌ ..... قد صار للحُبّ في الهوى مثلا
§ وقال أبو نواس (ت 198 هـ):
وصاحب الفرحة مستوفز ..... لحيث ما يبلغه عنّي
· لدى حيثُ:
قال زهير بن أبي سُلْمى (أساس البلاغة /رحل):
فشَدَّ ولم يفزع بيوتاً كثيرة ..... لدى حيثُ أَلْقَتُ رَحْلها أُمُّ قَشْعَمِ
أم قشعم: المَنِيَّة.
· على حيثُ:
جاء في (نهج البلاغة /185) تحقيق الإمام محمد عبده:
«وتحتها ريحٌ هَفَّافةٌ تحبسها على حيث انتهت من الحدود المتناهية.»
¥