[((أكن))]
ـ[دكتور]ــــــــ[28 - 03 - 2010, 01:13 م]ـ
((رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ))
إخواني الكرام
كلمة (أكن) في الآية الكريمة هل فيها إعراب مجزوم على التوهم؟
فهذه المرة الأولى التي أسمع بها هذا الإعراب
بوركتم
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[28 - 03 - 2010, 01:37 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .... أما بعد:
الإجابة في شرح الدكتور: فاضل السامرائي وبقلمه
وبالفعل شرح جميل ورأيتُ أن أضع كل كلمة قالها؛ لأنه شرح يكتب بماء الذهب، لقيمة المعلومات التي فيه.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {9} وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ) [المنافقون]
في هاتين الآيتين ـ كما هو شأن الآيات القرآنية كلها ـ أسرار تعبيرية بديعة. والذي دعاني إلى الكتابة فيهما، أن سائلاً سألني مرة: لماذا قال تعالى: (فأصدق) بالنصب وعطف بالجزم، فقال: (وأكن) ولم يجعلهما على نسق واحد؟ فآثرت أن أكتب في هاتين الآيتين لارتباطهم.
(يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون).
لقد نهى الله في هذه عن الانشغال بأمر الأموال والتصرف فيها والسعي في تدبير أمرها، والانشغال بأمر الأولاد إلى حد الفعلة عن ذكر الله، وإيثار ذلك عليه ومن يفعل ذلك كان خاسراً خسارة عظيمة.
هذا معنى الآية على وجه الإجمال، إلا أن هناك أسراراً تعبيرية تدعو إلى التأمل منها:
1ـ إنه قال: (لا تلهكم أموالكم) ومعنى (لا تلهكم): لا تشغلكم [1] وقد تقول: لماذا لم يقل: (لا تشغلكم)؟
والجواب: أن من الشغل ما هو محمود فقد يكون شغلاً في حق كما جاء في الحديث: "إن الصلاة لشغلاً" وكما قال تعالى: (إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ) [يس] أما الإلهاء فمما لا خير فيه وهو مذموم على وجه العموم، فاختار ما هو أحق بالنهي.
2ـ لقد أسند الإلهاء إلى الأموال والأولاد فقال: (لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم) فقد نهى الأموال عن إلهاء المؤمن، والمراد في الحقيقة نهي المؤمن عن الالتهاء بما ذكر والمعنى لا تلتهوا بالمال والأولاد عن ذكر الله وهذا من باب النهي عن الشيء والمراد غيره، وهو كقوله تعالى: (فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم الله الغرور) [لقمان] فقد نهى الحياة الدنيا عن غير المؤمن والمراد نهي المؤمن عن الاغترار بالدنيا
إن المنهي في اللغة: هو الفاعل نحو قولك: (لا يضرب محمود خالداً) فـ (محمود) هو المنهي عن أن يضرب خالداً، ونحو قولك: (لا يسافر إبراهيم اليوم) فإبراهيم منهي عنة السفر. ونحو قوله تعالى: (لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن) [الحجرات] فالقوم هم المنهيون وكذلك النساء وكما تقول: (لا تضرب خالداً) و (لا تضربي هند) فالفاعل هو المنهي وليس المفعول به. والفاعل في الآية هو الأموال والأولاد أما المخاطبون فمفعول به فالمنهي إذن هي الأموال والأولاد، وهي منهية عن إلهاء المؤمن.
وقد تقول: ولم لم يعبر بالتعبير الطبيعي فيقول: لا تلتهوا بالأموال والأولاد، على أصل المعنى؟
والجواب: أن في هذا العدول عدة فوائد:
منها: أنه نهى الأموال عن التعرض للمؤمن وإلهائه عن ذكر الله فكأنه قال: أيها الأموال لا تهلي المؤمن عن ذكري. فكأن الله يريد حماية المؤمن وذلك بنهي السبب عن أن يتعرض له فكيف عن التعرض.
وفي هذا النهي مبالغة إذ المراد نهي المؤمن ولكنه بدأ بالأصل المسألة وهي الأموال والأولاد فنهاها هي عن التعرض للمؤمن بما يلهيه فقد جعل الله المؤمن كأنه مطلوب من قبل الأموال والأولاد تسعى لإلهائه وفتنته فنهاها عن السعي لهذا الأمر لينقطع سبب الإلتهاء ويقمعه.
¥