[بين الأخفش وأستاذه سيبويه]
ـ[ناصر الدين الخطيب]ــــــــ[01 - 04 - 2010, 03:16 م]ـ
السلام عليكم
سيبويه - واسمه , عمرو بن عثمان بن قنبر - أحد أبرز علماء النحو من المدرسة البصرية صاحب الكتاب المنسوب إليه , والذي أصّل فيه صاحبه قواعد علمي النحو والصرف , والذي يعتبر أوّل كتاب في هذين العلمين , رغم محاولات سابقة لبعض علماء النحو كعيسى بن عمرو الثقفي في كتابيه " الجامع والإكمال " لكنّهما لم يصلا إلينا.
أمّا الأخفش - واسمه , سعيد بن مسعدة , وكنيته أبو الحسن - فهو تلميذ سيبويه الأبرز , وهو الذي حفظ كتاب سيبويه , ورواه , ولم يروَ من طريق أخرى , وقد جلس بعده للطلاب يمليه ويشرحه ويبيّنه , وعنه أخذ تلاميذه البصريّون: مثل الجرمي والمازني , وكذلك أخذه تلاميذه الكوفيّون وعلى رأسهم مؤسّس المدرسة الكوفيّة الكسائي.
والأخفش يعتبر أكبر علماء النحو البصريّين بعد سيبويه , ولكنّه خالف أستاذه في كثير من المسائل والتي تبعه عليها الكوفيّون , حتى يمكننا أن نعتبر الأخفش , هو المؤسٍس الحقيقي للمدرسة الكوفيّة لتبنّي الكوفيين كثيرا من آرائه وأقواله.
وفي هذه النافذة سنحاول أن نلقي الضوء على كثير من هذه المسائل التي خالف فيها الأخفش أستاذه سيبويه , وكانت محل دراسة لعلماء النحو بعدهما فمنهم من تبنّى وجهة نظر سيبويه ومنهم من اعتمد رأي الأخفش المخالف:
ـ[ناصر الدين الخطيب]ــــــــ[01 - 04 - 2010, 03:39 م]ـ
نبدأ ببعض مسائل الخلاف بين هذين الجهبذين الأستاذ وتلميذه وهي اختيارات متفرّقة ليست مبوّبة أو مرتّبة
1 - في باب العطف , نرى سيبويه لا يجيز العطف على الضمير المخفوض بدون إعادة الخافض , مثل:
مررت بك وعمرو , والصواب عنده: مررت بك وبعمرو , بإعادة حرف الجر بعد حرف العطف
ولذلك ضعّف البصريّون قراءة حمزة (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ِ) بكسر الميم في الأرحام عطفا على الضمير في " به "
أمّا الأخفش فقد أجاز العطف بدون إعادة الخافض (حرف ااجر)
مستشهدا بقراءة حمزة السالفة
وتبعه على ذلك الكوفيّون
ـ[ناصر الدين الخطيب]ــــــــ[01 - 04 - 2010, 03:57 م]ـ
2 - قال سيبويه: لا يُفصل بين المضاف والمضاف إليه إلاّ بالظرف , وخصّ ذلك بالشعر
ومن أجل ذلك ضعّف بعض البصريّين قراءة ابن عامر (وكذلك زُيّن لكثير من المشركين قتلُ أولادَهم شركائهم) بنصب أولادهم وخفض شركائهم
وهو فصل بين المضاف " قتل " والمضاف إليه " شركائهم " بالمفعول به " أولادهم "
وجوّز ذلك الأخفش مستشهدا بقول بعض الشعراء:
فزججتها بمزجّةٍ ... زجَّ القلوص أبي مزاده
فقد فصل الشاعر بين زجّ وأبي مزاده بكلمة القلوص , وهو مفعول لزجّ
وتبعه على هذا الراي الكوفيّون
ـ[ناصر الدين الخطيب]ــــــــ[01 - 04 - 2010, 04:12 م]ـ
3 - ذهب الخليل وسيبويه إلى أنّ إعراب المثنّى والجمع المذكّر السالم إنّما هو بحركات مقدّرة في الألف والواو والياء أي أنّها نابت عن حركة الرفع والنصب والجر
أمّا الأخفش فيرى أنّ حروف اللين هذه علامات الإعراب لا حروف الإعراب
وقد تبنّى جمهور النحاة رأي الأخفش
مثلا:
حضر الفلاّحون
على رأي سيبويه والخليل: الفلاحون فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضمّة مقدّرة على الواو , والواو نائبة عنها
أمّا الأخفش فيرى أن "الفلاحون" فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنّه جمع مذكّر سالم
ـ[ناصر الدين الخطيب]ــــــــ[01 - 04 - 2010, 06:40 م]ـ
4 - يرى سيبويه وأستاذه الخليل أن علامة إعراب الأمثلة الخمسة (الأفعال الخمسة) إنّما هو ثبوت النون , وأنّ ألف الاثنين , وواو الجماعة و ياء المخاطبة المتّصلة بها ضمائر في محل رفع فاعل
لكّن الأخفش يرى أنّ إعراب الأفعال الخمسة بحركات مقدّرة على ما قبل تلك الضمائر
وأنّ الواو والياء والألف المتّصلة بالأفعال حروف وليست أسماء , وأنّ الفاعل ضمير مستتر
إلاّ أنّ الجمهور مع راي سيبويه والخليل
ـ[ناصر الدين الخطيب]ــــــــ[01 - 04 - 2010, 06:59 م]ـ
5 - في العوامل
- يرى سيبويه أنّ العامل في النعت هو نفسه العامل في المنعوت
لكنّ الأخفش يرى أن العامل في النعت هو المنعوت نفسه حيث يعرب بإعرابه
- ذهب سيبويه إلى أن المضاف هو عامل الخفض في المضاف إليه
ويرى الأخفش أنّ العامل فيه الإضافة المعنويّة
-يرى سيبويه أنّ العامل في المفعول معه هو الفعل الذي قبله بتوسّط الواو
والأخفش يرى أنّه منصوب انتصاب الظرف لأنّ أصل المفعول معه مضاف إليه للظرف , وبعبارة أخرى في مثل قولنا:
سرت والجبلَ , أصلها: سرت مع الجبل , فحذف الظرف مع , وأقيمت الواو موقعه , إذ لا يصح انتصاب الحروف
- وكان سيبويه يرى أنّ العامل في المبتدأ عامل معنوي وهو الابتداء , وأنّ الخبر مرفوع بالمبتدأ أي أنّ عامل الخبر هو المبتدأ
لكنّ الأخفش يرى أنّ عامل المبتدأ والخبر واحد وهو الابتداء
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[01 - 04 - 2010, 07:30 م]ـ
رائع أخي الكريم، فوائد كثيرة جمة.
متابعون، وسوف نثبت هذه النافذة إلى أن تفرغ من إيراد المسائل الخلافية.
¥