تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقد قال شارح أبي عليّ الفارسيّ: هو لأبي حيّة النّميريّ قاله أبو عمرو، قال: جلبه أبو عليّ شاهداً على حذف هذه اللام ضرورة، فثبوت الألف في أبا دليل الإضافة والتعريف، ووجود اللام دليل الفصل والتنكير. حذف لام الجرّ وهو يريدها؛ ولولا أنّها في حكم الثّابت في اللفظ لما عملت لا، لأنّها لا تعمل إلاّ في نكرة. فأمّا دلالة الألف فيه وحذف النون من نحو لا يدي بها لك على إرادة الإضافة، فلأنّ وجود العمل مانعٌ فيها من اللفظ، فضعف اقتضاء المعنى مع وجود المانع اللفظيّ. فإنّ هذا مثلٌ لم يقصد به نفي الأب وإنّما قصد به الذمّ. وكذلك لا يدي لك، إنّما المراد لا طاقة لك بها.

وهو قياس من النّحويين على قولهم لا أبا لك. وفي الكتاب: لا أبا فاعلم لك؛ وفيه دليل على أنّه ليس بمضاف. ويجوز أن تكون الألف لام الكلمة كما قال: " الرجز " إنّ أباها وأبا أباها فأمّا قوله تخوّفيني، فإنّه أراد تخوفينني فحذف إحدى النونين: فقيل حذف الأولى كما حذف الإعراب، في قول امرئ القيس: " السريع " فاليوم أشرب غير مستحقبٍ وقال المبّرد حذف الثانية، وهو أولى لأنّها إنما زيدت مع الياء لتقي الفعل من الكسرة، والأولى علامة الرفع انتهى كلامه.

وإذا كان الأمر كذلك علم أنّ قولهم لا أبا لك إنّما فيه تعادي ظاهره، واجتماع صورتي الفصل والوصل والتعريف والتنكير لفظاً لا معنى. ونحن إنّما عقدنا فساد الأمر وصلاحه على المعنى كأن يكون الشيء الواحد في الوقت الواحد قليلاً كثيراً. هذا ما لا يدّعيه مدّع.

ويؤكد عندك خروجه مخرج المثل كثرته في الشعر، وأنّه يقال لمن له أب ولمن ليس له أب. وهو دعاء في المعنى لا محالة، وإن كان في اللفظ خبراً؛ ولو كان دعاءً مصرّحاً وأمراً مغنيّاً لما جاز أن يقال لمن لا أب له؛ لأنّه إذا كان لا أب له لم يجز أن يدعى عليه بما هو فيه لا محالة؛ فيعلم أنّه لا حقيقة لمعناه مطابقة للفظه، وإنّه لا حقيقة لمعناه مطابقة للفظه، وإنّما هي خارجة مخرج المثل، قال عنترة: " الكامل "

فاقني حياءك لا أبا لك واعلمي ... أنّي امرؤٌ سأموت إن لم أقتل

وقال: " الكامل "

ألق الصّحيفة لا أبا لك إنّه ... يخشى عليك من الحباء النّقرس

وقال:

أبا لموت الذي لا بدّ أنّي ... ملاقٍ لا أباك تخوّفيني

أراد: لا أبا لك فحذف اللام.

وقال جرير: يا تيم تيم عديّ لا أبا لكم وهذا أقوى دليل على كونه مثلاً لا حقيقة. ألا ترى أنه لا يجوز أن يكون لتيم كلّها أبٌ واحد، ولكن معناه كلّكم أهل للدّعاء عليه والإغلاظ له.

وقال الحطيئة: " الطويل "

أقلّوا عليهم لا أبا لأبيكم ... من اللوم أو سدّوا المكان الذي سدوا

فإن قلت: فقد أثبت الحظيئة في هذا البيت ما نفيته في البيت قبله، فجعل للجماعة أباً واحداً، وأنت قلت إنّه لا يكون لجماعة تيم أبٌ واحد. قيل: الجواب عنه من وجهين: أحدهما: أنّه مثلٌ لا يريد حقيقة الأب، وإنّما غرضه الدّعاء مرسلاً، ففحّش بذكر الأب.

والآخر: يجوز أن يريد بأبيكم الجمع، أي: لا أبا لآبائكم، يريد الدّعاء على آبائهم من حيث ذكرها، فجاء به جمعاً مصحّحاً على قولك أب وأبون، قال: " المتقارب "

فلمّا تبيّنّ أصواتنا ... بكين وفدّيننا بالأبينا

انتهى كلامه باختصار. اهـ

وفي الخصائص لابن جني أيضا توجيه آخر

وأنشد أبو علي عن أبي الحسن:

تقول ابنتي لما رأتني شاحباً ... كأنك فينا يا أبات غريب

قال: فهذا تأنيث أبا، وإذا كان كذلك جاز جوازاً حسناً أن يكون قولهم: لا أبا لك " أبا " منه اسم مقصور كما كان ذلك في " أخا لك " ويحسنه أنك إذا حملت الكلام عليه جعلت له خبراً، ولم يكن في الكلام فصل بين المضاف والمضاف إليه بحرف الجر، غير أنه يؤنس بمعنى إرادة الإضافة قول الفرزدق:

ظلمت ولكن لا يدى لك بالظلم

فلهذا جوزناها جميعاً.

وفي شرح الرضي على الكافية

(استعمال) (لا أباله، وأمثالها) (قال ابن الحاجب:) (ومثل: لا أبا له، ولا غلامي له، جائز لشبهه بالمضاف) (لمشاركته له في أصل معناه، ومن ثم لم يجز: لا أبا فيها،) (وليس بمضاف لفساد المعنى، خلافا لسيبويه)، (قال الرضي:) يعني أن الكثير أن يقال: لا أب له، ولا غلامين له، فيكونان مبنيين، على ما ذكرنا،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير