وفي ظني أن المبادرة التي قمنا بها نحن بعض عشاق اللغة – تدل على الغيرة اللغوية، حيث قررنا أن نقيم جمعية لغوية، عُقدت أولا في عبلين، ثم التأمت ضمن اللجنة العليا اللغة العربية، ويرأسها سليمان جبران وأعضاؤها هم – مع حفظ الألقاب:-
فهد أبو خضرة وخولة السعدي ومحمود أبو فنة وجورج قنازع ونزيه قسيس وجميل غنايم وإلياس عطا الله وفاروق مواسي.
وقد كانت لنا جلسات كثيرة تخللتها نقاشات جادة وأحيانًا حادة. وتمكنا من إصدار كراسين، فيهما ترجمات لمصطلحات وتعابير تسعف الكاتب في كتابته.
وفي الآونة الأخيرة أخذ الأستاذ موفق خوري – مدير دائرة الثقافة العربية – يدعم مجمع للغة العربية في البلاد، وكلفني أنا والأستاذين حنا أبو حنا ونايف خوري (كانون الثاني 2001) بان نسافر إلى القاهرة – إلى معرض الكتاب) ا. وكان لنا في القاهرة لقاء مع د. شوقي ضيف رئيس المجمع الذي حدثناه عن الفكرة، فوجد أن تحقيق الاعتراف بنا عسير، بسبب أن هناك مجمعًا فلسطينيًا آخر قد ووفق عليه.
(ومن العجيب والطريف أن هذا الشيخ الهِمّ كان يقرأ بدون نظارة) – وكان لجمال مراد سكرتير المجمع فضل في التقليل من عبثية اللقاء، فأهدانا بعض الإصدارات. وأهديته شخصيًا بعض نتاجي، ومنه مقالة لغوية لي حول (الاسم المقصور) نشرت في مجلة (جامعة) – العدد الأول 1997، باقة الغربية. وقد عكفنا الأستاذ حنا وأنا على تدبيج رسالة شرحنا فيها ضرورة أن نجد لنا سندًا وعضدًا، في ظروفنا أو على الأصح في ظروف لغتنا، ولا أدري إن ظلت رسالتنا في طوايا الملفات والنسيان. ومع ذلك تأسس المجمع وعقد جلساته الأولى للتداول في الدستور.
وكان لي حلم آخر: فقد عهدت لي كلية الشريعة في باقة حيث كنت أرأس فيها قسم اللغة العربية بأن أؤسس (مركز اللغة العربية)، وذلك لتشجيع الأبحاث اللغوية .... والنية معقودة كذلك على الاهتمام بوسائل تدريس اللغة في فروعها المختلفة، وقد رأست المركز وأصدرت كتابن تتحت عنوان " دراسات وأبحاث في اللغة " (2004، 2005).
وقد تشهد الأيام حلمًا آخر يتحقق – وهو تبني صف متميز من المتفوقين في العربية من طلاب الصفوف العاشرة (من جميع المدارس الثانوية العربية) بحيث يدرسون يومًا في الأسبوع في الكلية دروسًا إضافية في اللغة والأدب، كل ذلك لإعدادهم بأن يكونوا باحثين ومحاضرين في دور المعلمين والجامعات، ونحن بحاجة ماسة لإكمال ما كان قد بدأه الرعيل الأول، هذا الرعيل الذي أعطى الكثير، ولكن الزمن يغير عليه بالشيخوخة – اعترفوا أم لم يعترفوا.
* * *
كلفتنا وزارة المعارف نحن مجموعة من أساتذة اللغة العربية بأن نعد منهاجًا جديدًا لتدريس قواعد العربية، وكنت من الذين تحمسوا جدًا لفكرة إرجاء تدريس النحو إلى المرحلة الثانوية وإلى التخلي عن أسلوب " النحو الواضح " لأستاذينا علي الجارم ومصطفى أمين. وقد كتبت مقدمة كتب " الجديد " للمرحلة الثانوية بتكليف من زميليّ د. فهد ابو خضرة و د. إلياس عطا الله، فقلت /قلنا:
" هذا الكتاب يقدم منهجًا جديدًا لتدريس القواعد، فيه اجتهاد في ترتيب المواد ودقة في تعريفها. ونحن لا نزعم أننا استحدثنا في المادة بقدر ما نؤكد أننا جددنا في أسلوب التدريس، وقد شملنا ما رأيناه ضروريًا فيسرنا، معتمدين الأهم والأعم والأجود والأفيد.
وقد رأينا ان نتناول وظيفة الكلمات في الجملة كالفاعل والمفعول به في الدراسة مرجئين مسائل الإعراب إلى المدرسة الثانوية، وذلك لأننا أيقنا صعوبة الإعراب لدى الناشئة، بل إن معظم الكبار لا يبقون منه إلا ذكريات مريرة وجهلاً مطبقًا بالقراءة المثلى.
ومن مظاهر الجدة أننا اعتمدنا النص مفتاحًا للدرس، وغالبًا ما يكون تراثيًا، ليفيد الطالب من مضمونه ويجيب عن أسئلة فهم المقروء، ولا بد منها بادئ ذي بدء.
ولم نغفل لحظة أن غايتنا الأولى والأخيرة أن نضبط كلامنا بالشكل، فكثرت التمارين الوظيفية ملائمة لمعرفة الطالب، ومواكبة لمسيرته، وقد اعتمدنا على أشعار العرب- قديمها وحديثها."
(انظر مثلا مقدمة: الجديد في قواعد اللغة للصف العاشر)
¥