تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المستعلى على المستعلى عليه. فهم بالعدوة العليا وانتم بالعدوة الدنيا. والميم للجمع أي على جميعكم (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الأنفال: 25]

4 ـ قوله (الأمم):

المراد من الأمم فرق الكفر والضلالة يوشك الأمم أي يقرب فرق الكفر وأمم الضلالة (2).

انَّها أمم وليست أمة واحدة تجتمع عليكم تحت راية واحدة مع اختلاف مشاربها، وخلاف أديانها؛ اجتمعت عليكم فملة الكفرة واحدة.

5 ـ قوله (الآكلة):

(ضبط في بعض النسخ الصحيحة بفتحتين بوزن طلبة وهو جمع آكل وقال في المجمع نقلا عن المفاتيح في شرح المصابيح ويروى الأكلة بفتحتين أيضا جمع آكل انتهى وقال فيه قبيل هذا ورواية أبي داود لنا الآكلة بوزن فاعله وقال القاري في المرقاة آكلة بالمد وهي الرواية على نعت الفئة والجماعة أو نحو ذلك كذا روي لنا عن كتاب أبي داود وهذا الحديث من أفراده ذكره الطيبي رحمه الله ولو روى الأكلة بفتحتين على أنه جمع آكل إسم فاعل لكان له وجه وجيه انتهى قلت قد روي بفتحتين أيضا كما عرفت والمعنى كما يدعو أكلة الطعام بعضهم بعضا) (3).

فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم شبَّه تداعي الامم علينا بتداعي الآكلة على القصعة تشبيها يصور لك مدى ضعف الامة وهوانها حتى صارت بين الامم كالقصعة بين يدي الأكلة.

(الضمير للأكلة أي التي يتناولون منها بلا مانع ولا منازع فيأكلونها عفوا


(1) عون المعبود 11/ 272
(2) المصدر نفسه
(3) المصدر نفسه
صفوا كذلك يأخذون ما في أيديكم بلا تعب ينالهم أو ضرر يلحقهم أو بأس
يمنعهم قاله القاري قال في المجمع أي يقرب أنَّ فرق الكفر وأمم الضلالة أن تداعى عليكم أي يدعو بعضهم بعضا إلى الاجتماع لقتالكم وكسر شوكتكم ليغلبوا أخيرا على ما ملكتموها من الديار كما أنَّ الفئة آكلة يتداعى بعضهم بعضا إلى قصعتهم التي يتناولونها من غير مانع فيأكلونها صفوا من غير تعب) (1).
ولو عملنا مقارنة بين الأكلة والقصعة حتى يخلص لنا وجه الشبه.
الأكلة جاءوا بشهوة ورغبة ما لو اجتمعوا على قصعة طعام لمسحوها؛ وهم يدركون ما أمامهم، ويرونه،ولا يريد أحدهم أن يسبقه الآخر بلقمة.
والأكلة: أناس لهم عقل هداهم، وأرشدهم الى قصعتكم، والقصعة جماد لاحول له ولاقوة فلا يستطيع أن يمنع،ولا أن يقدم أحدا،أو يؤخر آخر، فما هو الا صحن يوضع فيه الطعام لراغبيه ينسفونه نسفا لا يبقون فيه عوجا ولا أمتا. وهكذا الامة أصبحت اليوم كقصعة بين يدي أكلة.
ارأيت الفرق بينا اليوم وبين الامم كالفرق بين القصعة والأكلة، وشتان
مابينهما، نعم شتان ما بين آكل ومأكول.
قوله (على وفي رواية الى) فالذي على القصعة متمكن ومن حاله كقصعة ضعيف. اما (الى) فهي في العربية لأنتهاء الغاية؛ فغايتهم التي ينتهون اليها أنتم .. أنتم بغيتهم ومرادهم، ولا يريدون غيركم، ولا يشبع جوعهم الا كم.
لابد أنك تفكر مالذي صيرنا هكذا، وكذا الصحابة هالهم الامر فقالوا:
(أومن قلة بنا؟) (خبر مبتدأ محذوف وقوله (نحن يومئذ) مبتدأ وخبر صفة لها أي أنَّ ذلك التداعي لأجل قلة نحن عليها يومئذ) (2).
هل يوم ذاك عددنا قليل؛ فنكون قصعة بين يدي أكلة؟ ظنوا كما ظننا أنَّ النصر والهزيمة بكثرة العدة والعدد.
مع أنَّ الله تعالى قال: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير