وأجمع كل العلماء الذين وجهت لهم السؤال المذكور أعلاه على: "أن اللغة العربية لا تنقصها خصائص اللغة العلمية ولا مقوماتها، والذين يتهمون العربية بالعجز عن مجاراة التطورات الحضارية العلمية إنما يعترفون بعجزهم هم، وبعجزنا نحن أو أغلبيتنا في دنيا العرب".
وهمسة سريعة في أذن إخوتي وأخواتي من أولياء الأمور: صدقوني أن تعليم أولادكم العلوم والرياضيات بلغة أجنبية لن يكون سبباً لتفوقهم في تلك العلوم. سبب التفوق هو الجد والاجتهاد، ومعرفة قيمة الوقت، وحسن الاستفادة من المواهب. وأكرر: أرجو ألا تفهموا من كلامي إهمال اللغة الأخرى! أن إتقانها من أوجب الواجبات، ولكن ليس على حساب اللغة العربية!
...
إني بكل أحاسيسي أُومن بأن تعلقنا بلغتنا العربية واعتزازنا بها ومنافحتنا عنها هو جانب من تعلق المسلم بدينه وتمسكه الوثيق بتعاليمه واعتزازه به، ومع هذا يقين صادق بتفوق اللغة العربية، وما علينا إلا أن نشمر عن سواعدنا وندفع عن لغتنا الأذى ولا نشعر شبابنا بقصورها عن تحقيق أحلامهم، ولنأخذ العبرة من غيرنا، ولا نكون الوحيدين من بين شعوب العالم بأسره الذين لا يتقيدون بلغتهم القومية لغة علم وتعلم.
...
زارني زميلي الأستاذ عبدالله البهلال، التربوي القدير، والمعروف عندنا - نحن صحبه - بعبدالله السلوم، وكان عندي جمع كريم من أصدقائي، وألقى علينا قصيدة شعرت أنها تضاهي قصيدة حافظ إبراهيم في شكوى اللغة العربية من عقوق أبنائها، وقال: إن فيها تأييداً لموقفي وأفكاري، وأختتم بها مقالتي:
لغة الكتاب وبحرها الهدار=
تشكو الذين على الحمى قد جاروا
وتئن من ظلم الأنام وجورهم =
أين الحماة السادة الأبرار
بكت الفصيحة من تخاذل أهلها =
جيش يهدم صرحها جرار
الصحف والأخبار إن تابعتها =
والنشر والتلفاز والأشعار
من دوحة التعليم صاح مشرع =
عصف القلوب كأنه إعصار
لا بأس بالتعليم فيما شئتمو =
أي اللغات ترونها تختار
رأي لعمرك ما سمعت بمثله =
منه العقول الراسخات تحار
أيجوز فهم بنائنا بلغاتهم =
عيب علينا أن يكون وعار
مجد سقاه الأقدمون دماءهم=
من هاجروا لله والأنصار
وتتابع الأجيال في آثارهم =
أفعالهم تزهو بها الأقطار
من بعدهم عبدالعزيز بنى لنا =
عزاً لكل المصلحين منار
ورعاه أفذاذ أتوا من بعده =
بالضاد سطر كله إكبار
أيجوز في مهد العروبة وأدها =
أو غير ما املى الأمين خيار؟!
وحي كلام الله نسج بيانه =
بلسان قومي قد حواه الغار
جبريل يملي والأمين مبلغ =
والوحي منه تصدع الأحجار
ويل الفصيحة من تخاذل أمة=
مضر العروبة مجدها ونزار
يا دوحة الأمجاد عهد صادق=
أن تفتديك من الألى أعمار
هذي الوجوه النيرات تجمعت =
الكل للأم الرؤوم يغار
كل اللغات قديمها وحديثها =
لغة العروبة شمسها ونهار
ضمن الإله صمودها وبقاءها=
وبها الكتاب مهيمن قهار
لغة العروبة في الجنان لساننا=
وبها يخاطب أهلها الجبار
لا يقبل الله الصلاة بدونها =
هي للحنيفة لو يعون دثار
صرح بناه الأقدمون لمجدنا=
نعم البناة القادة الأخيار
لغتي الجميلة سحرها متجدد =
وبهديها عم الفضا أنوار
لغتي الجميلة غادة فتانة =
حوت الجمال وكلها أسرار
لغتي الجميلة كم تغزل عاشق =
شغفته هند حبها ونوار
لغتي الجميلة أنهر وجداول=
وعلى الضفاف تفتحت أزهار
لغتي الجميلة أمنا وبقاؤنا =
وكياننا بفنائها ينهار
لغتي الجميلة في الحروب محفز=
وهي السلاح الناجع البتار
لغتي الجميلة يا حماة حياضها =
أنتم لها الحراس والأسوار
وفقنا الله جميعاً إلى الخير والصواب والأخذ بأسباب القوة مهما غلا ثمنها، اللهم اجعل صدورنا سليمة معافاة، وأمدنا يا ربنا بتأييد من عندك وتسديد.
ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[11 - 08 - 2007, 02:46 م]ـ
أرى أنّ المنتدى العام هو المكان الصحيح لهذا الموضوع الهام,,
==============
شكر الله لك سعيك وبارك لك أيها الفاضل ..
وجعلك طّلاعاً لثنايا التميّز دائماً ...
في الحقيقة كان -ولا يزال- يحوم في خلدي موضوع
لازلت أعدّ (إحداثياته) , وأنسّق (إعدادته) ..
ألا وهو كيف يكون حالنا لو كان حديثنا بالفصحى؟؟
إننا في الحقيقة قد خسرنا الكثير الكثير ..
بانحراف العربية من سليقتنا ..
وانتكاس فطرتها من ألسنتنا ..
كتب أمير المؤمنين عمرُ بنُ الخطاب رضي الله عنه
إِلى أَبي موسى الاشعري كتاباً قال فيه:
((خُذِ الناسَ بالعَرَبيَّةِ، فإِنه يَزيدُ في العَقْل ويُثْبِتُ المروءة))
مقالةٌ تنقش بالذهب على صفائح الفضّة في براويز الألماس
وحسبك بلغةٍ هي لغة اصطفاها الله عزّ وجلّ لكتابه العظيم
يتحدّى بها الانس والجنّ ..
نسأل الله أن يحيي العربية في ألسنتنا ويردّنا إلى دينه ردّاً جميلاً
والسلام,,
ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[11 - 08 - 2007, 04:42 م]ـ
هذا قول سديد من الوزير الرشيد، اعتدنا على أمثاله منه، بارك الله فيه وفيك يا طلاع الثنايا على النقل، ويا حبذا ذكر المصدر المنقول منه؛ للتوثيق. وشكرا وجزاكم الله خيرا.
¥