تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الثالث: ما هو أطرف و أغرب و أقسى و أفظع و أبشع موقف مررتَ به:)

أتمنى ألا أكون أثقلت عليك بأسئلتي: d

مرحبًا بك أخي الحبيب (أبو دجانة المصري)!

و أهلًّا بأسئلتك التي تحتاج إلى عَبْر النفسِ و إرهافِ الحسَّ؛للجواب عنها و الاستماع إلى ما فيها من دقيق الهمس!

فأمّا عُسرُ التعبير عن الشعور مع تدفّق البواعث عليه, و جمال الإحساس و رقّته؛ فإنّه إمّا أن يعرض بسبب عظم ذلك الشعور, و قوة الإحساس به؛ حتى يستعصي على البيان, و إمَّا أن يكون بسبب يعرض للأديب من خارجه, أو من أدواته اللغوية و الأدبية, و الكلام في هذا الباب طويل؛ تحدث عنه النقاد الأوائل في باب " دواعي الشعر" ومنهم ابن قتيبة الدينوري الذي ذكر بعضها في قوله: " ما استدعي شاردُ الشعر بمثل المكان الخالي، والمستشرف العالي، والماء الجاري، و له أوقات يسرع فيها أتيُّه، و يسمح فيها أبيُّه" و قال بعضهم: " ما استدعي شارد الشعر بمثل الماء الجاري والشرف العالي، والمكان الخضر الخالي "؛فهذا و أشباههه يدلُّ على استدعاء التعبير عن الشعور بأسباب من خارج النفسِ تدعو إليه , و تبعث عليه, و هذا يكون مع وجود البواعث الداخلية و عدمها , يستويان!

ولعلك تقول: إنّ الإحساس الجميل الرقيق معينٌ على البيان الجميل؛ فلا أردُّ قولك؛بل هو الأصل, ولكنّ منه ما هو بالغٌ حدًا يصعب الإفصاحُ عنه, إلَّا أن يستعان عليه بشيءٍ من تلك البواعث, وقد كان مثل هذا العسر يعرض لكبار الأدباء و الشعراء؛فهذا الفرزدق يقول:" يأتي عليَّ وقتٌ و نزعُ ضرسٍ أهونُ عليَّ من قول بيت"!

على أن في كلامي اللاحق في جواب سؤالك الثاني ما يعينك ـ من وجوهٍ ـ على سلوك سبيلٍ تفتح لك باب الإبداع و الإفصاح عن مكنونات نفسك:

الثاني: ألقِ نظرة يا دكتور علي:) على خانة التخصص عندي .... و أعطني نصيحة لوجه الله:) ...

أقول, و بالله التوفيق ـ عاطفًا هذا القول على الأول ـ:

كلُّ مخلوق مُيسَّرٌ لما خُلق له, و التخصص مهمٌ في طلب العربيّة والبراعة فيها, لكنّ هذا ليس قاعدة فيها من وجهين, فكم من أصحاب تخصصٍ في علوم العربيّة لا يجيدون النطق بها فضلًا عن البراعة! وكم رأينا مِنْ أرباب المهن و التخصصات الأخرى النوابغَ فيها و الشعراءَ و الأدباءَ!

على أنَّ لي في هذا رأيًا ما زلتُ أقوله في كل مناسبة تليق به؛ و ذاك أنّ تجويدَ العربيّةِ معينٌ لصاحبه على الإتقانِ والتجويد في تخصصه؛ يستوي في ذلك المتخصصون في العربيّة و المتخصصون في غيرها؛ فإنّي ما رأيتُ مبرزًا في بابِه إلّا وجدتُّ أنّ المُفضي إلى قوة ملكاتِه في العلم الذي تخصَّصَ فيه ـ قوةُ ملكتِه اللغويّة و نبوغُه فيها, و ظهورُه فيها بما لم يَظهَر نُظراؤه و أقرانُه, وذلك ظاهرٌ لمن تأمّله.

فنصيحتي لنفسي, ولك ,ولمن أراد النبوغ في مجاله, والنجاح في حاله و مآله ـ:

1 - السعيُ في إتقان فنون العربيّة, وفهمها على وجهٍ قريبٍ مما كان يفهمه الأوائل, و إلّا فإنّ فهمَها على مُقتضى ما فهموه عسيرٌ.

2 - و الصبرُ على مدارسةِ العلمِ حتى يَثبُت, و محاولة الغامضِ حتى يتّضح, و العسيرِ حتى يسهُل, و البعيدِ حتى يَقرُب, و الغريبِ حتى يُؤلَف!

3 - و أنْ يُعلمَ أن لفصحاء العرب في بناء لغتهم شأوًا بعيدًا, ومرمىً سديدًا, و أنّهم لا ينطقون بكلمةٍ , ولا يركِّبون تركيبًا إلَّا لهم فيه حكمةٌ رائعة, و نكتةٌ لامعة, وحُجةٌ ساطعة, و لا تَجِدُ تحته إلأَّ إحساسًا لطيفًا, ومقصدًا مُنيفا = و أنْ يُجتَهدَ في معرفة تلك الحِكَمِ, و الحُحَجِ, و الأحاسيس, و المقاصد؛ فليست لغةُ العرب لغةً جوفاء, و لكنّها صياغةٌ حكيمة لنفوسٍ عظيمة!

و من فعل هذا = بلغ مِن فقهِ هذه اللغة, وتأمِّلِ حكمتِها ما لمْ يبلُغْه غيرُه, و قدر من فهم بلاغة الكتاب العزيز على مالم يقدروا, و بَلَغَهُ من صفاءِ نفوسِِ العربِ و دقّةِ خواطرها في ما تكلمتْ به ما لمْ يَبلُغوا!

و منْ فَقِهَ لغتَهُ فقِهَ العلمَ الذي يأخذُه بها!

ففقهُك للغتك ـ أخي أبا دجانة ـ هو طريقك إلى الفقه في الطبّ؛ فلم أرَ لغةً هي أضبط للفهم , و أدقّ لاصطلاحات العلوم من لغة العرب؛ حتى إنّ المصطلحاتِ والعلوم المستحدثة المترجمة ـ إذا قام عليها مُترجمٌ حاذقٌ بأسرار لغة العرب ـ

كانت أعربَ عنه من اللغةِ التي عنها نُقِلَ, وأفصحتَ فيه عن مكنوناتٍ كانت متوارية, و مدلولاتٍ كانت متأبِّيَة, يعرفُ ذلك حُذَاقُ المُترجمين من أهل هذا الفنَّ!

وفقنا الله و إياك أخي العزيز أبا دجانة إلى كلَّ خير, وهدانا إلى سلوك سبيل العلماء الصابرين!

الثالث: ما هو أطرف و أغرب و أقسى و أفظع و أبشع موقف مررتَ به:)

أطرف و أغرب و أقسى و أفظع و أبشع ;)

أمّا هذه فيلزمُ فيها استشارة (قوقلٍ) في نفسي؛ فلننظر بمَ يجيبك؟:).و لعلَّه يُخرجُ سؤالك هذا في النتائج:).

و أكتفي إلى الغد؛ حتى أفرغ لبحث قوقل ,و بحث الثلوج كما قالت أختنا تيما:).

و تصبحون على خير!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير