تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ الْمُرَاد أَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوه الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآن. وَكَانَ غَرَضهمْ أَنْ لَا يُكْتَب إِلَّا مِنْ عَيْن مَا كُتِبَ بَيْن يَدَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مِنْ مُجَرَّد الْحِفْظ". اهـ

وقال الحافظ السيوطي، رحمه الله، في "الإتقان":

"وأخرج ابن أبي داود من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: قدم عمر فقال: من كان تلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من القرآن فليأت به، وكانوا يكتبون ذلك في الصحف والألواح والعسب، وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتى يشهد شهيدان، وهذا يدل على أن زيداً كان لا يكتفي بمجرد وجدانه مكتوباً حتى يشهد به من تلقاه سماعاً مع كون زيد كان يحفظ، فكان يفعل ذلك مبالغة في الاحتياط". اهـ

وقد أثنى علي، رضي الله عنه، على صنيع الصديق، رضي الله عنه، فقال: "أعظم الناس أجرا أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر، هو أول من جمع كتاب الله"، وفي هذا رد قاطع على من زعم أنه لم يجمع القرآن إلا علي، رضي الله عنه، والأئمة من بعده، استنادا إلى الوصية المزعومة ذات الصبغة اليهوية الواضحة، فإن ابن سبأ نقلها إلى فئام من الناس من اليهودية، فيوشع بن نون، عليه السلام، وصي موسى عليه السلام، فيكون علي، رضي الله عنه، وصي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهذا باطل من أوجه عدة منها:

أن شرع من قبلنا ليس بشرع لنا، إما مطلقا، كما اختار بعض أهل العلم كابن حزم، رحمه الله، وإما أنه ليس بشرع لنا إن جاء شرعنا بما يخالفه، وقد ورد النص عن علي، رضي الله عنه، بنفي اختصاصه بشيء من الوحي، كما في حديث أبي جحيفة، وهب بن عبد الله السوائي، رضي الله عنه، وفيه: (قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: هَلْ عِنْدَكُمْ كِتَابٌ قَالَ لَا إِلَّا كِتَابُ اللَّهِ أَوْ فَهْمٌ أُعْطِيَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ أَوْ مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ قَالَ قُلْتُ فَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ قَالَ الْعَقْلُ وَفَكَاكُ الْأَسِيرِ وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ)، وثبت في مصادر الفريقين: تورع علي، رضي الله عنه، عن تولي الخلافة بعد مقتل عثمان، رضي الله عنه، ولو كان فيها نص قطعي لما وسعه الاعتذار، إذ كيف يعتذر عن تكليف إلهي، وهل لنبي أن يعتذر عن منصب النبوة تورعا؟!!!، والإمامة عند من جعلها أصلا: واجبة على الله، عز وجل، على طريقة أهل الاعتزال، فلازم ذلك تسمية الإمام بعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيكون توليها: واجبا عليه لا يقبل الإقالة أو الاستقالة.

وكان جمع أبي بكر، رضي الله عنه، للحروف التي نزل بها القرآن جميعا، فلم تقم الحاجة في عهده إلى حمل الناس على حرف واحد، كما وقع زمن عثمان، رضي الله عنه، والحكم يدور مع علته وجودا وعدما، فعلة جمع الناس على مصحف واحد حسما لمادة الخلاف لم توجد زمن أبي بكر، رضي الله عنه، فتخلف الحكم بتخلفها، فلما وجدت: وجد الحكم، فهو من قبيل المصلحة المرسلة التي سكت الشارع، عز وجل، عنها، فلم يشهد لها باعتبار أو إلغاء، والقدر الواجب في نقل القرآن: تواتره، أيا كان الحرف الذي تواتر به النقل، وقد حصل ذلك بتواتر نقل المصحف بحرف قريش الذي جمع عثمان، رضي الله عنه، الناس عليه، وحرق ما سواه حسما للفتنة كما تقدم.

يقول الطبري رحمه الله:

"فإن قال: ففي أيّ كتاب الله نجدُ حرفًا واحدًا مقروءًا بلغات سبع مختلفات الألفاظ، متفقات المعنى، فنسلم لك صحةَ ما ادّعيت من التأويل في ذلك؟

قيل: إنا لم ندع أن ذلك موجود اليوم، وإنما أخبرنا أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف"، على نحو ما جاءت به الأخبار التي تقدم ذكرها. وهو ما وصفنا، دون ما ادعاه مخالفونا في ذلك، للعلل التي قد بَيَّنا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير