تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"العناية التي بذلها عظيما الإسلام أبو بكر وعمر، وأتمها أخوهما وصنوهما ذو النورين عثمان في جمع القرآن وتثبيته وتوحيد رسمه، كان لهم بها أعظم المنة على المسلمين، وبها حقق الله وعده في قوله سبحانه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ). وقد تولى الخلافة بعد هؤلاء الشيوخ الثلاثة أمير المؤمنين علي فأمضى عملهم وأقر مصحف عثمان برسومه وتلاوته، في جميع أمصار ولايته، وبذلك انعقد إجماع المسلمين في الصدر الأول على أن ما قام به أبو بكر وعمر وعثمان هو أعظم حسناتهم، بل نقل بعض علماء الإمامية، (ولبعضهم قول شنيع في هذه المسألة، فلم يخالف الإجماع القطعي في هذه المسألة إلا غلاتهم، ولا يشك مسلم في تعين كفر من قال بهذا القول الشنيع لأنه يعود بالإبطال على أصل دين الإسلام، ويعارض النصوص القطعية من قبيل قوله تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ")، نقل بعض علمائهم هذا الإجماع على لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. جاء في كتاب تاريخ القرآن لأبي عبد الله الزنجاني (ص46) من شيعة عصرنا، (أي عصر الشيخ محب الدين رحمه الله) أن علي بن موسى المعروف بابن طاوس (589 - 664) وهو من علمائهم نقل في كتابه (سعد السعود) عن الشهرستاني في مقدمة تفسيره عن سويد بن غفلة قال: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: «أيها الناس، الله، الله، إياكم والغلو في أمر عثمان وقولكم حرّاق المصاحف، فوالله ما حرقها إلا عن ملأ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، جمعنا وقال: ما تقولون في هذه القراءة التي اختلف الناس فيها. يلقى الرجل فيقول: قراءتي خير من قراءتك. وهذا يجر إلى الكفر؟ فقلنا: ما الرأي؟ قال: أريد أن أجمع الناس على مصحف واحد، فإنكم إن اختلفتم اليوم كان من بعدكم أشد اختلافا. فقلنا: نِعم ما رأيت». (والأثر مروي في كتب علماء أهل السنة أمثال أبي بكر بن الأنباري، رحمه الله، كما نقل عنه القرطبي، رحمه الله، في جامعه، كما تقدم)، ومما لا ريب فيه أن البغاة أنفسهم كانوا في خلافة علي - رضي الله عنه - يقرءون في مصاحف عثمان التي أجمع عليها الصحابة وعلي فيهم". اهـ بتصرف.

وعن عمير بن سعيد قال: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لو كنت الوالي وقت عثمان لفعلت في المصاحف مثل الذي فعل عثمان.

وهو عند البيهقي، رحمه الله، في "السنن الكبرى"، و الآجري، رحمه الله، في "الشريعة"، وابن عساكر، رحمه الله، في "تاريخ دمشق" بلفظ: (لو وليت مثل الذي ولي لصنعت مثل الذي صنع).

وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في حاشية "سير أعلام النبلاء" في ترجمة زيد بن ثابت رضي الله عنه:

"قال علي: "ولو وليت الذي ولي عثمان، لصنعت مثل الذي صنع" ذكره البغوي في "شرح السنة" 4/ 524، 525، ووراه ابن أبي داود في " المصاحف ": 22، 23، وإسناده صحيح، كما قال الحافظ في " الفتح " 9/ 16". اهـ

والله أعلى وأعلم.

يتبع إن شاء الله.

ـ[أنوار]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 10:22 ص]ـ

جوزيت خيراً أخي الفاضل على هذا الجهد وما قدَّمته من معلومات قيِّمة ...

ـ[مهاجر]ــــــــ[28 - 09 - 2008, 07:06 ص]ـ

وجزاك الله خيرا على المرور والتعليق، ونفعك ونفع بك، وعذرا على التأخر في الرد.

ومع بقية الأقوال في الأحرف السبعة:

ثانيا: أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن، على معنى أنه في جملته لا يخرج عن سبع لغات هي أفصح لغاتهم، فأكثره بلغة قريش، (وعليه يحمل قول عثمان رضي الله عنه: إنما نزل بلغة قريش، فمقصوده: معظمه لا كله، والعرب تطلق الكل وتريد البعض، كما في حديث: كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، أي: معظمه، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم الفطر في شعبان، وأنه لم يستكمل صيام شهر إلا رمضان)، ومنه ما هو بلغة هذيل، أو ثقيف، أو هوازن، أو كنانة، أو تميم، أو اليمن، فهو يشتمل في مجموعه على اللغات السبع.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير