تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن جهة: إجماع الصحابة، رضي الله عنهم، على صحة فعل عثمان، رضي الله عنه، وإجماع الأمة معصوم، وقد روى سويد بن غفلة عن علي، رضي الله عنه، أن عثمان قال: ما ترون في المصاحف؟ فإن الناس قد اختلفوا في القراءة حتى إن الرجل ليقول: قرءاتي خير من قراءتك، وقراءتي أفضل من قراءتك. وهذا شبيه بالكفر، قلنا: ما الرأي عندك يا أمير المؤمنين؟ قال: الرأي عندي أن يجتمع الناس على قراءة، فإنكم إذا اختلفتم اليوم كان من بعدكم أشد اختلافا، قلنا: الرأي رأيك يا أمير المؤمنين، (وهذا نص في إجماع أهل الشورى على رأي عثمان، رضي الله عنه، فلا يعارض بإنكار عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، ابتداء، فهو شيء بدر منه بحكم الطبيعة البشرية، يقول أبو بكر الأنباري رحمه الله: "وما بدا من عبد الله بن مسعود من نكير ذلك فشيء نَتَجه الغضب، ولا يعمل به ولا يؤخذ به، ولا يشك في أنه رضي الله عنه قد عرف بعد زوال الغضب عنه حسن اختيار عثمان ومن معه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقي على موافقتهم وترك الخلاف لهم"، وسبب غضبه، رضي الله عنه، أنه رأى نفسه أحق بالأمر من زيد بن ثابت، رضي الله عنه، ووجه تقديم زيد، رضي الله عنه، أنه شهد العرضة الأخيرة، فعلم المحكم من المنسوخ، فضلا عن كون ابن مسعود، رضي الله عنه، هذليا، والقرآن إنما نزل بلغة قريش، كما سيأتي عن عثمان رضي الله عنه).

فأرسل عثمان إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها إليه فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث به هشام فنسخوها في المصاحف وقال عثمان للرهط القرشيين: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا. حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف الى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سوى ذلك من القران في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.

وكان هذا من عثمان رضي الله عنه بعد أن جمع المهاجرين والأنصار وجلة أهل الإسلام وشاورهم في ذلك فاتفقوا على جمعه بما صح وثبت في القراءات المشهورة عن النبي صلى الله عليه وسلم واطراح ما سواها، واستصوبوا رأيه وكان رأيا سديدا موقفا، رحمة الله عليه وعليهم أجمعين". اهـ

بتصرف من "الجامع لأحكام القرآن(1/ 67).

ومن ترجمة زيد بن ثابت، رضي الله عنه، من "سير أعلام النبلاء" للحافظ الذهبي رحمه الله:

"ومن جلالة زيد: أن الصديق اعتمد عليه في كتابة القرآن العظيم في صحف، وجمعه من أفواه الرجال، ومن الأكتاف والرقاع، واحتفظوا بتلك الصحف مدة، فكانت عند الصديق، ثم تسلمها الفاروق، ثم كانت بعد عند أم المؤمنين حفصة، إلى أن ندب عثمان زيد بن ثابت ونفرا من قريش إلى كتابة هذا المصحف العثماني الذي به الآن، (أي: زمن الذهبي رحمه الله)، في الأرض أزيد من ألفي ألف نسخة. ولم يبق بأيدي الأمة قرآن سواه، ولله الحمد". اهـ

وقد عمل به من جاء بعده من الخلفاء، فلم يبطل جمعه، وإنما تواتر نقل الكتاب العزيز بحرف عثمان إلى يوم الناس هذا، فجزاه الله عن أمة الإسلام خير الجزاء.

يقول القرطبي رحمه الله:

"وذكر أبو بكر الأنباري، رحمه الله، عن سويد بن غفلة قال سمعت علي بن أبي طالب، كرم الله وجه، يقول: "يا معشر الناس، اتقو الله! واياكم والغلو في عثمان، وقولكم: حراق المصاحف، فوالله ما حرقها إلا عن ملأ منا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم". اهـ

بتصرف يسير من "الجامع لأحكام القرآن"، (1/ 69).

يقول الشيخ محيي الدين الخطيب، رحمه الله، في حاشية "العواصم من القواصم":

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير