تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يقول النووي، رحمه الله، في "شرح مسلم": "وَأَمَّا دُخُول هَذَا الْمُخَنَّث أَوَّلًا عَلَى أُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ بَيَّنَ سَبَبه فِي هَذَا الْحَدِيث بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ غَيْر أُولِي الْإِرْبَة، وَأَنَّهُ مُبَاح دُخُوله عَلَيْهِنَّ، فَلَمَّا سَمِعَ مِنْهُ هَذَا الْكَلَام عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ أُولِي الْإِرْبَة، فَمَنَعَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدُّخُول. فَفِيهِ مَنْع الْمُخَنَّث مِنْ الدُّخُول عَلَى النِّسَاء، وَمَنْعهنَّ مِنْ الظُّهُور عَلَيْهِ، وَبَيَان أَنَّ لَهُ حُكْم الرِّجَال الْفُحُول الرَّاغِبِينَ فِي النِّسَاء فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَكَذَا حُكْم الْخَصِيّ وَالْمَجْبُوب ذَكَرَهُ. وَاللَّه أَعْلَم ..................... وقَالَ الْعُلَمَاء: وَإِخْرَاجه وَنَفْيه كَانَ لِثَلَاثَةِ مَعَانٍ: أَحَدهَا الْمَعْنَى الْمَذْكُور فِي الْحَدِيث أَنَّهُ كَانَ يَظُنّ أَنَّهُ مِنْ غَيْر أُولَى الْإِرْبَة، وَكَانَ مِنْهُمْ، وَيَتَكَتَّم بِذَلِكَ. وَالثَّانِي وَصْفه النِّسَاء وَمَحَاسِنهنَّ وَعَوْرَاتهنَّ بِحَضْرَةِ الرِّجَال، وَقَدْ نَهَى أَنْ تَصِف الْمَرْأَة لِزَوْجِهَا، فَكَيْف إِذَا وَصَفَهَا الرَّجُل لِلرِّجَالِ؟ وَالثَّالِث أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَطَّلِع مِنْ النِّسَاء وَأَجْسَامهنَّ وَعَوْرَاتهنَّ عَلَى مَا لَا يَطَّلِع عَلَيْهِ كَثِير مِنْ النِّسَاء، فَكَيْف الرِّجَال لَا سِيَّمَا عَلَى مَا جَاءَ فِي غَيْر مُسْلِم أَنَّهُ وَصَفَهَا حَتَّى وَصَفَ مَا بَيْن رِجْلَيْهَا أَيْ فَرْجهَا وَحَوَالَيْهِ. وَاللَّه أَعْلَم". اهـ بتصرف يسير.

قوله تعالى: (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ):

أي: الأطفال: فـ: "أل" في "الطفل": جنسية تفيد استغراق جنس ما دخلت عليه، وإليه أشار أبو السعود، رحمه الله، بقوله: "والطِّفلُ جنسٌ وُضع موضعَ الجمعِ اكتفاءً بدلالةِ الوصفِ"، فمناط الحكم وصف الطفولة مقيدة بقوله تعالى: (الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ)، ومثله قوله تعالى: (وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ)، أي: الكتب التي أنزلها من قبل.

يقول ابن كثير رحمه الله: "وقوله: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} يعني: لصغرهم لا يفهمون أحوال النساء وعوراتهنّ من كلامهن الرخيم، وتعطفهن في المشية وحركاتهن، فإذا كان الطفل صغيرًا لا يفهم ذلك، فلا بأس بدخوله على النساء. فأما إن كان مراهقا أو قريبا منه، بحيث يعرف ذلك ويدريه، ويفرق بين الشوهاء والحسناء، فلا يمكن من الدخول على النساء". اهـ

فعلة الإباحة في صورة غير أولي الإربة، وصورة الطفل الصغير: أمن الفتنة، فمتى انتفت العلة بأن كانا يدركان من أمور النساء ما تقع به الفتنة، انتفى حكم الإباحة وصار دخولهما على النساء محرما، وهو الغالب على أطفال هذا الزمان: زمان الفضائيات والإنترنت!!!!.

وقوله تعالى: (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ):

إحدى الصور المنهي عنها، ولا يعني تخصيصها بالذكر قصر حكم التحريم عليها، وإنما ذكرت بيانا لما كانت النساء عليه في الجاهلية، وتقدم أن: ذكر بعض أفراد العام لا يخصصه، فلا يقتصر النهي على هذه الصورة، وإنما يتعداها لكل صورة تحقق فيها المعنى الذي شرع النهي من أجله، وهو: الفتنة، فالعلة متعدية إلى كل صور الفتنة بقول أو فعل أو زينة ........... إلخ، وإلى ذلك أشار الحافظ ابن كثير، رحمه الله، بقوله: "ومن ذلك أيضا أنها تنهى عن التعطر والتطيب عند خروجها من بيتها ليَشْتَمَّ الرجال طيبها، فقد قال أبو عيسى الترمذي: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يحيى بن سعيد القَّطَّان، عن ثابت بن عُمَارة الحنفي، عن غُنَيْم بن قيس، عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرَّت بالمجلس فهي كذا وكذا، (يعني: زانية) ". اهـ

قوله تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ):

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير