حسين رجل مؤمن صادق "بركته معه" أينما حل وارتحل. نشأ في منطقة نائية جدا من جبال الأطلس لم تصل الكهرباء إليها بعد .. ولكنه يتمتع بذكاء خارق لا يوصف، عوضه عن الكهرباء وما ينتج عنها .. تابع دروسه عندنا ولم يؤثر عليه أمر البصر في شيء، فهو يتقن استعمال الحاسوب أفضل من المبصرين .. وله برنامج يقرأ له الصفحات باللغات الأجنبية دون العربية، لأن البرنامج الأجنبي متاح في العنكبية بالمجان بينما يكلف البرنامج العربي (برنامج إبصار) حوالي ألف دولار.
تابع حسين الدروس التقنية التي لا ينجح المبصرون فيها لتعقيدها، وبرع فيها براعة لفتت نظر جميع أساتذته، وتفوق على جميع أقرانه، وصار حديث الجامعة، الأساتذة والطلاب، فاتصلت الصحافة المحلية به وأجرت مقابلة صحفية معه .. وجعلت أفكر كيف أحصل له على منحة للحصول على ماجستير ثان في تكنولوجيا الترجمة، وهذا تخصص غير موجود في الجامعات العربية، فقلت في نفسي يحصل عليه ثم يعود لتدرسيه في المغرب، فنضرب عصفورين بحجر: تأمين فرصة عمل كريمة له، وإدخال تكنولوجي الترجمة الحديثة في الجامعة التي تخرج منها ..
ولكني وجدت جميع زملائي الذين درسوا حسين يسبقونني في الأمر، فلقد أرسل كل واحد منهم، على حدة ودون تشاور مع بعضهم بعضا، إلى رئاسة الجامعة يطلبون منها تخصيص منحة دكتوراة لحسين، واستجابت رئاسة الجامعة بسرعة، ومنح حسين منحة دكتوراة مدتها سبع سنوات ..
عاد حسين إلى المغرب بعد انتهاء التبادل في حزيران الماضي، وتخرج، ثم عاد إلينا قبل عشرة أيام، وشرع في التحضير لموضوع الدكتوراة، وهو: "علم اللغة الحاسوبي المخصوص بذوي الاحتياجات الخاصة" .. أنا متأكد بأن حسين سيطور برنامجا حاسوبيا مخصوصا بالمكفوفين وغيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، أفضل من البرامج الموجودة الآن، لأنه فلتة لغوية وتكنولوجية غير طبيعية، خصوصا وأن الميزانية المالية المخصصة للبحث العلمي غير محدودة في بلجيكا ..
ليت شباب العرب الذين أكرمهم الله بنعمة البصر يتعلمون من حسين، ومن سيرة حسين، ومن تجربة حسين، ومن ثقة حسين بربه .. لله دره من رجل فلقد أضاف إلى هذه الفضائل مواهب في الطبخ والغسيل وكوي الملابس فهو كما قال لي ذات إن الله أغناه من كل شيء!
صورة تذكارية لحسين، أبي علي البصير كما كناه أصحابه في بلجيكا، في مكتب عبد ربه، في حزيران الماضي:
http://www.wataonline.net/images/abied/hussein.JPG
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 05:21 م]ـ
ونشكر الله على نعمة التواصل والاتصال بين الناس في أرجاء الأرض ومن
لعل الكلمة المقتبسة تجرك لحديث ما إن كنت قد قرأتها:)
شكر الله لك أخي الحبيب أبا يزن، وجعل ثواب هذا التواصل العلمي والأخوي في الفصيح في صحيفة أعمالك. فشكرك واجب على ما تقدم، والدعاء لك بظهر الغيب واجب أيضا على كل ذي دين ومروءة.
عصرت فكري التعبان كي أفهم إشارتك اللطيفة في "الزوايا الأربع" ولم أفلح، وأنا حريص على تلبية طلبك، فإذا رأيت تزيدني إشارة كي يتسنى لي الحديث فيما تقصد إن شاء الله.
أكرمك الله وأحسن إليك.
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[19 - 09 - 2008, 07:24 م]ـ
نستغل وجودك هنا ونستغل وقت رمضان لتصف لنا يوماً كاملاً من رمضان بين الجالية المسلمة هناك ويفضل أن يكون في أحد المراكز الاسلامية النشطة عندكم.
أخي الحبيب أحمد، سلمه الله،
رمضان في هذه البلاد يختلف لأنها بلاد غير إسلامية. والعمل في الدوائر الحكومية والقطاع الخاص والمصانع يبدأ في التاسعة صباحا وينتهي في الخامسة مساء. والإفطار هذا العام متأخر نسبيا، وبعد عامين أو ثلاثة يحين المغرب في العاشرة والربع مساء، والعشاء في الواحدة والنصف ليلا، والصبح والإمساك في الثانية ليلا! وهذا فلك بلجيكي أنتيكا!
وهذا يعني أن الشعائر الرمضانية التي تطلب مني أن أحكيها لك إنما تكون أيام العطل الأسبوعية (السبت والأحد). طبعا هنالك استثناءات، فأنا ـ على سبيل المثال ـ لم أباشر عملي في الجامعة بعد ولست متقيدا ببرنامج زمني .. إن الكثيرين من المسلمين يأخذون عطلهم السنوية في رمضان فيتفرغون له. أما التلاميذ والطلاب ومن لا يستطيع أخذ عطلة الشهر في رمضان، فحالتهم مختلفة وصعبة، نسأل الله أن يضاعف لهم الأجر.
¥