تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولكن انتصاره على دين الإسلام الذي امتاز بكونه أجمع أوعية الوحي، فبه ختمت الرسالات: أمر محال، فقد حفظ الله، عز وجل، دين الإسلام فلم تمتد إليه يد التحريف أو التبديل، فصار ظاهرا بتأييد الله، عز وجل، فلا يقف المشروع الغربي أمامه وإن كان أقوى وأمكن في الطبيعيات إلا: قزماً في الإلهيات فلا يمكنه مجابهة الإسلام وإن أباد المسلمين بأكملهم، ولذلك يزحف المد الإسلامي اليوم على المجتمعات الأوربية الهزيلة في جانب الإلهيات، فضلا عن زحفه على المجتمعات الإسلامية في عصر الصحوة التي تعيشها كثير من البلاد الإسلامية اليوم.

فالفصل بين الجانبين: يفصل النزاع.

ولله در عمر، رضي الله عنه، يوم اقتبس من علوم أمة فارس ذات الحضارة المادية العتيدة: فدون الدواوين، وهي فارسية الأصل، ولم يستنكف من الأخذ عن عدوه ما ينفع أهل ملته.

ولله دره أيضا، يوم أمر بإتلاف كتب فارس كما أشار إلى ذلك ابن خلدون رحمه الله بقوله:

"ولما فتحت أرض فارس ووجدوا فيها كتباً كثيرة كتب سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب ليستأذنه في شأنها ونقلها للمسلمين، فكتب إليه عمر: أن اطرحوها في الماء، فإن يكن فيها هدى فقد هدانا الله بأهدى منه، وإن يكن ضلالاً فقد كفانا الله فطرحوها في الماء أو في النار وذهبت علوم الفرس فيها عن أن تصل إلينا". اهـ

ولا تناقض بين الأمرين فنحن في حاجة إلى علومهم الطبيعية، ولكننا لسنا في حاجة إلى علومهم الإلهية، فهم أمة: عبدت النار واستحلت نكاح المحارم، ففساد التصور العقدي وفساد السلوك الأخلاقي يمنعنا من التلقي عنهم. فالجهة منفكة كما يقول الفقهاء. وهذا حال المسلمين اليوم مع الغرب.

فهذه الأمة في غنى عن عقائد وشرائع وسياسات وأخلاق غيرها من الأمم، فقد كفاها الله، عز وجل، مؤونة ذلك.

وإذا رجعنا إلى تاريخنا، ولا نملك الآن سواه!!!، وجدنا الغرب يولي وجهه شطر قرطبة أعظم حواضر الغرب في القرون الوسطى، بل لعلها من أعظم حواضر العالم آنذاك، فنصارى إسبانيا آنذاك لمخالطتهم المسلمين هم: "الطبقة الراقية"، كما يقال في عصرنا، من نصارى ذلك الزمان، فقد اكتسبوا بمخالطة المسلمين من الفضائل والعادات الحميدة ما اكتسبوا، حتى وصل ذلك إلى العادات الشخصية كالنظافة، فإن أوروبا لم تعرف ذلك إلا بعد مخالطتها المسلمين حتى ذكر أحد المؤرخين الأمريكيين، إن لم تخني الذاكرة، أن إيزابيلا ملكة إسبانية لم تغتسل طوال حياتها إلا 3 مرات: مرة يوم ولدت، ومرة يوم زفت إلى فرناندو، ولا أدري كيف احتمل العيش معها إلا إن كان على شاكلتها، ومرة يوم ماتت، أي أنها كما يقول ذلك المؤرخ لم تغتسل فعلا إلا: مرة واحدة، لأن غسلها يوم ولادتها ويوم وفاتها بيد عمرو لا بيدها!!!!

وفي العصر الحديث وجدنا إسبانيا تحتفل بمرو ألف عام على تولي عبد الرحمن الناصر، رحمه الله، سدة الحكم في بلاد الأندلس بوصفه أعظم ملوك إسبانيا على مر العصور. وهذا من الإنصاف الذي قل أن يجده المسلمون من النصارى الكاثوليك.

وأخلاقهم عند التحقيق: نفعية عاجلة، وأخلاقنا إن التزمنا بها: ربانية: تصلح أمر المعاش العاجل، والمعاد الآجل لاختلاف التصور العقدي، فإن مفهوم الثواب والعقاب عند المسلمين أعم، بخلاف الغرب الذي لا ينظر إلا تحت قدميه، فمخططاته لا تتجاوز حدود هذا العالم الضيق.

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير