تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ونجد النصارى وكل أعداء الملة يمكنون لكل النحل المنحرفة، فيدعمون الباطنية الحشاشين في الحملات الصليبية، ويقيمون للنصيرية دولة في شمال الشام زمن الاحتلال الفرنسي لأرض الشام، ويدعمون القاديانية في الهند، ويدعمون البهائية في فارس، ويدعمون الطرقية المنحرفين في شمال إفريقية، بخلاف من جاهدهم من المنتسبين للطرق الصوفية أمثال الشيخ عمر المختار رحمه الله، وأخيرا يدعمون المبتدعة ويمكنون لهم في أرض الرافدين، فما كان لهم أن يستولوا على بغداد، وأن تخترق عناصرهم أجهزة الأمن والجيش العراقي إلا بإذن من سادتهم الذين قدموا على ظهور دباباتهم.

ونجد محاولات الاختراق من جانبهم للدول السنية، (تماما كما اخترق العبيديون دول العالم الإسلامي السني زمن المستنصر العبيدي، فدانت لهم مصر والشام والحجاز بعد المغرب، بل ودانت لهم بغداد حينا من الدهر زمن فتنة البساسيري حتى قيض الله، عز وجل، لأهل السنة: السلاجقة الأتراك الذين أزالوا ملك المبتدعة من بني بويه، وردوا فتنة الباطنية من بني عبيد، وأعادوا الخليفة العباسي القائم بأمر الله العباسي، رحمه الله، إلى سدة الحكم).

إن التاريخ كما تقدم دورات متعاقبة تسير وفق سنن إلهية: كونية وشرعية لا تتبدل:

سنن: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).

سنن: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا).

سنن: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).

سنن: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ).

وإذا نظرت إلى مشروعهم التبشيري التخريبي لعقائد المسلمين في مصر وجدته كالمشروع التبشيري التنصيري تماما، فهما العدوان المتربصان بأمة الإسلام في مصر في هذه الآونة، وكلاهما فقير هزيل من الناحية العقدية الفكرية، ولكنه: في انتهازية مقيتة يعزف على وتر الحاجة المادية التي يعاني منها المصريون الآن، فحوافز الفريقين دنيوية زائلة، ولكنها لاقت رواجا في مصر ليس لفقرها المادي، وإن كان الفقر عدوا لدودا لأديان وأبدان العباد، ولكن: لفقرها الإيماني بعد أن حُجِم دور المصلحين من العلماء والدعاة فغاب "المصل" الإيماني الذي يقي المسلم من تلك الأوبئة، وما أكثر الشبهات والشهوات في مصر الآن، ولكل مدخل: فمن لم ترج عليه الشبهات استماله الشيطان وأولياؤه بالشهوات، فـ: الشبه العقدية متكاثرة، والمال والجنس وفرص الهروب إلى جنة الغرب المزعومة .................... إلخ كلها متاحة لمن أراد بيع دينه بعرض من الدنيا.

فيَا: مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلوبنا عَلَى دِينِكَ فإِنَّهُ لَيْسَ آدَمِيٌّ إِلَّا وَقَلْبُهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ فَمَنْ شَاءَ أَقَامَ وَمَنْ شَاءَ أَزَاغَ.

وكل مصيبة بعد مصيبة الدين تهون.

ولا يملك أهل السنة في الوقت الحاضر إلا سلاح الحجة والبرهان، وهو سلاح ماض في تحصين مجتمعاتنا من أي عدوى خبيثة تقدح في عقائدنا، ودور أهل العلم وأهل المال في مثل هذه الأزمات دور رئيس في: تعليم الجاهل ومد يد العون إلى الفقير، ودين الله، عز وجل، لا يقوم إلا بـ: الشجاعة سواء أكان ذلك بالنفس أم بالجهر بكلمة الحق وإن سخط من سخط، فالدين لا يخضع لهوى فلان أو فلان من أصحاب الرياسات الزائلة، والكرم: بالعلم فلا يبخل به صاحبه فيبذله لغيره عن طيب نفس، وبالمال فإنه يؤلف القلوب ويحفظ الأديان والأبدان.

وقراءة تاريخ هذه الأمة: أصل في هذه الفتن، فإنها كما تقدم: دورات متعاقبة، والأحداث تكاد تتكرر بتفاصيلها وإن اختلف أبطالها و:

اقرأوا التاريخ إذ فيه العبر ******* ضل قوم ليس يدرون الخبر

وإن: النصر مع الصبر، وما يثبت جنان الموحدين أنهم إن بذلوا ما في وسعهم، وإن كان يسيرا فقد اعتذروا إلى ربهم، وصاروا أهلا لنصره، ودين الله، عز وجل، ظاهر بنا أو بسوانا، فليس الشأن في ظهوره، ولكن الشأن فينا: هل نحن أهل لأن يظهر على أيدينا أو نحن كمن سبقنا ممن جرت عليهم سنة الاستبدال، سنة: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)؟.

والله أعلى وأعلم.

وفي هذا الرابط مادة صوتية متميزة تتعلق بهذه النازلة: http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=85354

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير