تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يقول ابن خويز منداد، رحمه الله، وهو من علماء المالكية رحمهم الله الذين قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية بأنهم قد أفتوا بكراهية النقاب بدليل حظره في الإحرام للحج!!!، يقول فيما ينقله عنه الإمام القرطبي، رحمه الله، في "الجامع لأحكام القرآن": "إن المرأة إذا كانت جميلة وخيف من وجهها وكفيها الفتنة فعليها ستر ذلك، وإن كانت عجوزا أو مقبحة جاز أن تكشف وجهها وكفيها". اهـ

وفي نفس التوقيت نجد مجموعة من الشباب الهمام والفتيات اللاتي يحملن هم أمن مصر القومي المهدد من قبل المنتقبات يشيدون مدونة إلكترونية تحت شعار: "اخلعي نقابك"!!!!، لأن النقاب حاجز يعيق التواصل بين المنتقبات وبقية شرائح المجتمع المصري، ويسهل ارتكاب الجرائم!!!، وهي استراتيجية قديمة: استراتيجية: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ)، استراتيجية قريش في تضخيم الأحداث وتهويلها، فإذا سرق شخص ملتحٍ قامت الدنيا ولم تقعد مع أن البلد: مليانة حرامية!!!، ولكن ذلك الملتحي إنما سرق لأنه ملتح لا لأنه لص قبل أن يلتحي وبعد أن التحى، فالشعر النابت على لحييه هو الذي حمله على السرقة حملا!!!، ويعمم الحكم ليصير كل الملتحين لصوصا، وإذا احتالت منتقبة على أحد المارة ضخم الحدث مع أن عدد المحتالات يصعب إحصاؤه، ولكنها هي الأخرى إنما احتالت لأنها منتقبة، فالنقاب هو الذي غذى قوى الشر الكامنة في نفسها!!!. تماما كما خرج أحد القانونيين في مرة من المرات أثناء "هوجة" المطالبة بإلغاء إذن الزوج لزوجته إن أرادت استخراج جواز سفر، خرج ليحتج بواقعة إنسانية بشعة ملخصها أن امرأة كانت تعاني من مرض السرطان وهي في أمس الحاجة إلى علاج لا يوجد في مصر، فامتنع زوجها عن الإذن لها انتقاما منها!!، فصارت هذه الحالة الشاذة قاعدة تعمم على كل رجال مصر، فكلهم وحوش، وكل الزوجات قد أصبن فجأة بالسرطان ولا بد أن يسافرن إلى الخارج، فلا أدري كيف تعمم الأحكام الفردية على هذا النطاق الواسع ليصبح الاستثناء قاعدة، وأين الموضوعية والعقلانية المزعومة في الحكم على الأحداث؟!!!

وحتى غير المنتقبات لن يسلمن من هذه الهجمة، فالمختمرة ستطالب بتقصير خمارها، وحتى ذات الحجاب العصري متعدد الألوان لن يستسيغ القوم الإيشارب الملفوف حول رأسها، لأنه على أقل تقدير يميز المسلمة من غير المسلمة، وهذا أمر يثير حفيظة القوم إذ لا بد من إلغاء كل مظاهر تميز المسلم عن غيره ولو كانت رسوما ظاهرة لا حقيقة لها. وحذار يا أخواتي أن تشاركن في حملة كهذه لئلا يأتي الدور عليكن يوما ما على وزان: "أكلت يوم أكل الثور الأبيض".

والحرب على الحجاب على أشدها في دول كالدولة التي حملت لواء نشر الإسلام يوما ما في أرجاء إفريقية وكانت تحمل اسم القارة، وهي اليوم: حاملة لواء الأتاتوركية العربية!!!، إن صح التعبير، حيث تطارد أخواتنا في الشوارع وتصفع وتطرد من المدارس والمعاهد بتهمة ارتداء "الزي الطائفي"!!! الذي حظره بطل معركة التحرير سنة 1981 م قبل أن يبتليه الله، عز وجل، بذهاب عقله قبل موته جزاء وفاقا، ووصل الأمر إلى حد منع إحدى الأخوات المريضات بمرض السرطان، عافاكم الله، واسمها: "صفاء" من السفر إلى الخارج لإتمام العلاج لأنها محجبة وأمها عضوة في لجنة للدفاع عن حقوق المحجبات في تلك البلد، فقامت السلطات بمساومتها: جواز سفر ابنتك في مقابل انسحابك من تلك اللجنة!!!، فلما رفضت الأم منعت البنت من السفر حتى توفيت، رحمها الله، منذ فترة وجيزة!!!!، وهذه هي بشائر العلمانية العربية المعاصرة التي جاوز تطرفها تطرف العلمانية الغربية، ومع ذلك تتهم النسوة اللاتي يسترن ما أمر الله، عز وجل، بستره بأنهن: هن المتطرفات!!!!!.

وهي تستعر تارة وتهدأ تارة في بقية بلاد المسلمين في تناسب طردي مع تمسك المجتمع بثوابته الدينية.

وأهل مصر رغم كل الضغوط في عافية بالنسبة لدول أخرى، فالتدين الفردي على أقل تقدير: ممكن، وإن كان عسيرا يضيق على صاحبه اجتماعيا وأمنيا. والحمد لله على كل حال.

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير