تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لم نتوقف في أثناء ذلك عن البحث في فهارس المكتبة وهي كثيرة تبلغ بضعة وتسعين فهرساً – استعرضناها واحداً واحداً، فحظينا بعدة رسائل ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍في التعمية كان أهمها على الإطلاق "رسالة الكندي في استخراج المعمى" تلك الرسالة التي جعلتنا نعيد تاريخ علم التعمية خمسة قرون إلى الوراء، لأن صاحبها يعقوب بن إسحاق الكندي فيلسوف العرب المشهور توفي في القرن الثالث للهجرة (260هـ).

وكان مما عثرنا عليه مجموع يشتمل على ثماني رسائل في التعمية، والحق أن شيخنا النفاخ - عليه رحمات المولى سبحانه – كان قد حصل على مصورة عنه من صديقه المؤرخ العلامة التركي المعروف د. فؤاد سزكين. ولكن فيه ورقةً ناقصة استدركناها من الأصل الذي وجدناه في المكتبة السليمانية آنذاك.

وقد صنعنا برسالة الكندي صنيعنا بسابقتها إذ نسخناها وعارضناها، وكذلك الورقة الناقصة من المجموع.

على أن أملنا لم ينقطع في إمكانية الوصول إلى تصوير كل تلك المخطوطات مع مخطوطات أخرى كنا نسعى إليها على رأسها رسالة "أسباب حدوث الحروف" لابن سينا.

وطرقنا آخر الأبواب إنه ذلكم الطالب الموفد الذي حملنا إليه رسالة د. زكار والأفلام الاثني عشر، وقد أجابنا إلى طََلِبَتِِنا، ولكنه أغلى الثمن لأن كل من يساعده على إنجاز مهمة التصوير يحتاج إلى تلقيم وكذلك كان، فلم نبخل عليه بأي ثمن طلبه، دفعنا ذلك من حرِّ أموالنا، على ضيق ذات اليد، تغشانا سعادة غامرة بما حصَّلنا، ويحدونا أمل وطيد بأن يخلف كل ذلك عند الله أولاً ثم عند أولي الأمر ثانياً.

ولابد لنا هنا من كلمة شكر نزجيها لذلك الطالب الموفَد الذي أعاننا على إنجاز مهمتنا على خير وجه وقد أصبح فيما بعد وكيلاً لكلية الآداب بجامعة دمشق، إنه الصديق الدكتور محمود عامر، فله منا كل الشكر والتقدير.

وهكذا عدنا من رحلتنا وقد امتلأت جَعبتنا بأكثر مما كنا نؤمل، إن حصيلة ما اجتمع لدينا من رسائل التعمية بلغ إحدى عشرة رسالة، دع عنك ما جمعناه من رسائل التعمية البديعية، وهي الرسائل التي عنيت بفن التعمية بوصفه فناً بديعاً يعتمد على تزيين الشعر والإلغاز فيه.

عكفنا بعد ذلك على مخطوطات التعمية دارسين ومحققين وشارحين وموازنين لنُخرج فيها سِفرَين كبيرين، اشتمل الأول على ثلاثة من أهم رسائلها مع دراسة تحليلية لكل منها ودراسة موسعة لتاريخ علم التعمية عند العرب، ونشر بعنوان "علم التعمية واستخراج المعمى عند العرب- الجزء الأول- دراسة وتحقيق لرسائل الكندي وابن عدلان وابن الدريهم" ضمن مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق عام 1987 مصدراً بمقدمة ضافية لرئيس المجمع أستاذنا الدكتور شاكر الفحام. واشتمل الثاني على ثماني مخطوطات ونشره المجمع أيضاً عام 1997 بعنوان "علم التعمية واستخراج المعمى عند العرب (التشفير وكسر الشفرة) - الجزء الثاني - دراسة وتحقيق لثماني رسائل مخطوطة" مصدراً بمقدمة ضافية لأستاذنا الفحام رئيس المجمع.

تلكم كانت محطتنا الثانية في رحلة البحث والكشف عن مخطوطات التعمية، أما المحطة الثالثة فكان لها شأن آخر، وهذا أوان الحديث عنها.

3 - في باريس (عام 1986):

اتجهت أنظارنا بعد ذلك للحصول على مخطوط في غاية من الأهمية في مجال التعمية إنه: "شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام" لابن وَحشِيَّة النبطي، ذلك المؤلف الذي كشف اللثام عن رموز الهيروغليفية قبل عشرة قرون من كشف شامبليون لها. وقد أشارت المراجع إلى أنه طُبع في لندن عام 1806 بعناية جوزيف هامّر مما جعلنا نتطلع نحو المتحف البريطاني للحصول على نسخة من تلك المطبوعة، ولكن هيهات!! إذ لم يُعِر القائمون على المتحف أيَّ اهتمام لخطاباتنا المتكررة برغم أن بعضها حُمل إليهم باليد مع لجان متخصصة مما أقنعنا بمقولة أطلقها بعض المهتمين بشؤون المخطوطات والكتب النادرة، مفادها أن هذا الكتاب يقع ضمن ما يحظر تداوله إعارةًً أو تصويراً أو اطِّلاعاً في المتحف البريطاني.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير