تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كما إنه من خلق المسلم أن يحفظ الأمانة لأن الخيانة والغدر من خصال المنافقين كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)، فالمسلم الصادق ليست هذه الخصال من أخلاقه، ولم يكن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلا حافظا لعهوده، موفيا بوعوده.

وقال السرخسي (53): وأكره للمسلم المستأمن إليهم في دينه أن يغدر بهم؛ لأن الغدر حرام قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لكل غادر لواء يركز عند باب استه يوم القيامة يعرف به غدرته)، فإن غدر بهم وأخذ مالهم وأخرجه إلى دار الإسلام كرهت للمسلم شراءه منه إذا علم ذلك؛ لأنه حصله بكسب خبيث، وفي الشراء منه إغراء له على مثل هذا السبب، وهو مكروه للمسلم، والأصل فيه حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه حين قتل أصحابه، وجاء بمالهم إلى المدينة فأسلم، وطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخمس ماله فقال: أما إسلامك فمقبول، وأما مالك فمال غدر فلا حاجة لنا فيه) اهـ

وقال (54) شارحا لقول محمد بن الحسن الشيباني: ولو أن رهطا من المسلمين أتوا أول مسالح أهل الحرب فقالوا: نحن رسل الخليفة. وأخرجوا كتابا يشبه كتاب الخليفة، أو لم يخرجوا، وكان ذلك خديعة منهم للمشركين. فقالوا لهم: ادخلوا. فدخلوا دار الحرب. فليس يحل لهم قتل أحد من أهل الحرب، ولا أخذ شيء من أموالهم ما داموا في دارهم. لأن ما أظهروه لو كان حقا كانوا في أمان من أهل الحرب، وأهل الحرب في أمان منهم أيضا لا يحل لهم أن يتعرضوا لهم بشيء، هو الحكم في الرسل إذا دخلوا إليهم كما بينا. فكذلك إذا أظهروا ذلك من أنفسهم. لأنه لا طريق لهم إلى الوقوف على ما في باطن الداخلين حقيقة، وإنما يبنى الحكم على ما يظهرون لوجوب التحرز عن الغدر، وهذا لما بينا أن أمر الأمان شديد والقليل منه يكفي. فيجعل ما أظهروه بمنزلة الاستئمان منهم. ولو استأمنوا فآمنوهم وجب عليهم أن يفوا لهم. فكذلك إذا ظهر ما هو دليل الاستئمان. وكذلك لو قالوا: جئنا نريد التجارة. وقد كان قصدهم أن يغتالوهم. لأنهم لو كانوا تجارا حقيقة كما أظهروا لم يحل لهم أن يغدروا بأهل الحرب، فكذلك إذا أظهروا ذلك لهم اهـ

قال ابن الهمام في شرح فتح القدير (55): وإذا دخل المسلم دار الحرب تاجرا فلا يحل له أن يتعرض لشيء من أموالهم ودمائهم؛ لأنه بالاستئمان ضمن لهم أن لا يتعرض لهم فإخلافه غدر والغدر حرام بالإجماع. وفي سنن أبي داود عنه عليه الصلاة والسلام (إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة فيقال هذه غدرة فلان) وتقدم قوله: عليه الصلاة والسلام لأمراء الجيوش والسرايا (لا تغلوا ولا تغدروا) في وصيته لهم. اهـ

وقال الحصكفي (56): دخل مسلم دار الحرب بأمان حرم تعرضه لشيء من دم ومال وفرج منهم إذ المسلمون عند شروطهم فلو أخرج إلينا شيئا ملكه ملكا حراما للغدر فيتصدق به وجوبا، قيد بالإخراج لأنه لو غصب منهم شيئا رده عليهم وجوبا. اهـ

قال الإمام الشافعي (57): وإذا دخل رجل دار الحرب بأمان ..... ولكنه لو قدر على شيء من أموالهم لم يحل له أن يأخذ منه شيئا قل أو كثر لأنه إذا كان منهم في أمان فهم منه في مثله ولأنه لا يحل له في أمانهم إلا ما يحل له من أموال المسلمين وأهل الذمة لأن المال ممنوع بوجوه أولها إسلام صاحبه والثاني مال من له ذمة والثالث مال من له أمان إلى مدة أمانه وهو كأهل الذمة فيما يمنع من ماله إلى تلك المدة.) اهـ

وقال رحمه الله (58): وإذا أسر العدو الرجل من المسلمين فخلوا سبيله وأمنوه وولوه ضياعهم أو لم يولوه فأمانهم إياه أمان لهم منه وليس له أن يغتالهم ولا يخونهم. اهـ

وقال رحمه الله: وإذا دخل جماعة من المسلمين دار الحرب بأمان فسبى أهل الحرب قوما من المسلمين لم يكن للمستأمنين قتال أهل الحرب عنهم حتى ينبذوا إليهم فإذا نبذوا إليهم فحذروهم وانقطع الأمان بينهم كان لهم قتالهم فأما ما كانوا في مدة الأمان فليس لهم قتالهم.

وقال: ولكنه ليس له أن يغتالهم في أموالهم وأنفسهم لأنهم إذا أمنوه فهم في أمان منه ولا نعرف شيئا يروى خلاف هذا اهـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير