تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حُبِّب إلى شيخنا نشرُ تراث أسلاف أمَّتنا من العُلَماء الصالحين العاملين، وتحقيقُه، والعنايةُ به، وكان يفضِّل تحقيقَ التراث على التأليف، وكان في تحقيقه صاحبَ رسالة، يرى أن غايةَ المحقِّق في عمَله هي إخراجُ نصٍّ صحيح سليم، خالٍ من شَوائب التصحيف والتحريف والسَّقَط، وأن أَوْلى ما على المحقِّق القيام به: تخريجُ الأحاديث الواردة في الكتاب، والحكمُ عليها صحَّة وضَعفًا، أو نقلُ أحكام نُقَّاد الحديث عليها؛ لما في ذلك من نُصْح لطلاَّب العلم، ولجمهور المسلمين؛ لئلاَّ يغتَرَّ امرؤٌ بحديث تتناقَلُه ألسنَةُ الخُطَباء، ورسولُ الله منه بريء.

وقد أكثرَ شيخُنا من التحقيق، حتى أربَت كتُبه المحقَّقة على خمسينَ كتابًا، ومن أهمِّ ما أخرجه زيادةً على ما تقدَّم:

((جامعُ الأصول في أحاديث الرسول)) لابن الأثير الجَزَري، في خمسةَ عشرَ مجلَّدًا، و ((مختصَر مِنهاج القاصِدين))، و ((لُمعَة الاعتقاد))، و ((كتاب التوَّابين)) لابن قُدامَة المقدِسيِّ، و ((الأذكار))، و ((التِّبيان في آداب حَمَلَة القُرآن)) للنَّوَوي، و ((مُختَصَر شُعَب الإيمان)) للبَيْهَقي، و ((الحِكَمُ الجَديرَةُ بالإذاعَة)) لابن رجَب الحنبَليِّ، و ((فتحُ المجيد شرح كتاب التَوحيد)) لعبد الرَّحمن بن حسن آل الشيخ، و ((الإذاعَةُ لما كان ويكونُ بين يدَي الساعَة))، و ((يقَظَةُ أولي الاعتِبار بذِكْر الجنَّة والنار)) لصِدِّيق حسن خان، و ((كِفايَةُ الأخيار في حَلِّ غايَة الاختِصار)) للحِصْني، و ((الفِتَنُ والملاحِم))، و ((شَمائلُ الرَّسول)) لابن كَثير، و ((السُّنَن والمبتَدَعات)) للقُشَيري.

وكان للشيخ عنايةٌ خاصَّة بكتُب شيخَي الإسلام ابن تيميَّة وتلميذه ابن القيِّم، فممَّا أخرجه لابن تيميَّة:

((رَفعُ الملام عن الأئمَّة الأعلام))، و ((المسائل الماردينيَّة))، و ((قاعِدَةٌ جَليلَة في التوَسُّل والوَسيلَة))، و ((الفُرقان بين أولياء الرَّحمن وأولياء الشَّيطان))، و ((الكَلِمُ الطيِّب)).

ومما أخرجه لابن القيِّم:

((زادُ المعاد في هَدْي خَير العباد)) بالاشتراك مع الشيخ شُعَيب، و ((جِلاء الأفهام))، و ((الوابِلُ الصَّيِّب))، و ((الفُروسيَّة))، و ((عِدَةُ الصابرين))، و ((فَتاوى رسول الله صلى الله عليه وسلم)).

أما التأليفُ فقد تقدَّم الإلماعُ إلى عدَم اهتمام الشيخ به، فلم يؤلِّف سوى رسالتين صَغيرتَين، الأولى بعنوان: ((الوَجيز في مَنهَج السَّلَف الصالح))، وهي على وَجازَتها عظيمة النَّفع في بيان الفرق بين المقلِّد والمتَّبع والمجتَهد، وبيان وجوب اتِّباع الكتاب والسنَّة بمنهَج سلَفِنا الصالح من أهل القُرون الثلاثة الأولى، التي شَهد لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالخيريَّة. والرسالةُ الأُخرى بعنوان: ((وَصايا نبويَّة))، اشتملت على خمسة أحاديثَ نبويَّة شريفَة، اختارها الشيخُ وشرحها شرحًا موجَزًا مُفيدًا، وهي من جَوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، يوصي فيها أمَّته بما فيه فلاحُهم ونجاحُهم في الدارَين.

عمَلُه في التعليم والدَّعوَة:

سلَخَ الشيخُ من عُمره المبارك أكثرَه بين المنابر والمحابر؛ مُدرِّسًا ومُحاضرًا وخطيبًا، وكان تولَّى الخطابةَ وهو في أوائل العِقْد الثالث، نحو سنة 1369هـ الموافق سنة 1948م، في جامع الأرناؤوط بحيِّ الدِّيوانيَّة، حيثُ استوطَنَت الأُسَر اليوغسلافيَّة المهاجرة، وكان الشيخ الألبانيُّ رحمه الله ممَّن يشهد خُطبتَه ويصلِّي خلفَه، وقد استمرَّ في خَطابَة هذا الجامع نحو خمسَ عشرةَ سنة، ثم انتقل إلى جامع عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، وكان سعى في إنشائه مع بعض أهل الخير في حيِّ القَدَم جنوبيِّ دمشق، وبقيَ فيه عِقْدًا كاملاً، ثم كُلِّف بالخَطابة بجامع الإصلاح بحيِّ الدَّحاديل، ودامَت خُطبتُه فيه أكثرَ من عشر سنين، لينتقلَ بعده إلى حيِّ المِزَّة غربيِّ دمشق خطيبًا لجامع المحَمَّدي، الذي استقطَبَ آلافَ المصلِّين، جلُّهم من شباب الصَّحوة وطلاَّب العلم، وكان للشيخ درسٌ عامٌّ يعقده بعد كلِّ خُطبة، يجيب فيه عن أسئلة المستَفتين، وقد كنتُ ممَّن شرَّفهُم الله تعالى بحُضور تلك الخُطَب والدروس والانتفاع بها سَنوات، وما زال الشيخُ خطيبًا لجامع المحَمَّدي حتى صدر القرارُ بعَزْله عن الخَطابة، بعد ثماني سنوات قَضاها فيه، وذلك سنة 1415هـ، وأدعُ الحديثَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير