تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الذين لا ينكر جهدهم ولا ينسى فضلهم وقد استطاعوا النجاح بالرغم من كثرة الأعباء والعقبات، فحبهم لأمتهم ومصالحها مقدم على حب الذات، وإني أحذر كل موظف يحب دينه وأمته ووطنه ويتمنى لها النهوض والريادة احذره من مرض الأنا، نعم مرض الأنا، مرض ينخر في جسد المجتمعات ويتسلل لكثير من الطاقات حتى أن تضخم الذات عند بعض الموظفين لم يبق مكاناً للآخرين، وهكذا تفسد الدول والمؤسسات والإدارات والشركات، عندما تصاب بالتضخم الذوات، ويصبح التعاون صعباً إن لم يكن مستحيلاً، فكل نفسي نفسي، وكل مصلحتي مصلحتي

، وأكرر أخي الحبيب قبل أن أغادر هذا العنصر أكرر وأؤكد: نحن لا نطالبك بالمثاليات، ولكن بمراقبة الله ومحاسبة النفس والذات، وتقبل هذه الكلمات من أخٍ محب ناصح، فراجع نفسك فيها، أسأل الله أن يعينك وأن ينفع بك وأن يجعلك مفتاح للخير مغلاقاً للشر في كل مكان.

أما ما نريد منك أيها الموظف: باختصار شديد اعلم أن أهم الصفات المطلوبة شرعاً لكل موظف مسلم صفتان مهمتان هما: القوة، والأمانة: ? إن خير من استأجرت القوة الأمين ? القوي الأمين، أما القوة فمعناها: القدرة على تحمل تبعات الوظيفة، فتشتمل على قوة الجسم، وقوة الشخصية، والقدرة على مواجهة الناس، والجراءة على تحمل التبعات الوظيفية، والأخذ والعطاء مع الناس، واستقبال الجمهور، والقوة في الفكر، وذلك بقدرة الموظف على التجديد والإبتكار،والقوة بالتعامل مع زملاءه والمسؤولين عنه , من تأمل في هذه الأمور، وتأمل واقع البعض من الموظفين علم الحكمة العظيمة من تقرير الإسلام للقوة وإنها واجبة في كل صاحب وظيفة أو عمل، فقد كان ? قوياً في إدارته وفي جهاده وفي تنفيذه لحدود الله، يأتيه أسامة بن زيد حبّه ويطلب منه تخفيف حكم حد السرقة على المخزومية التي سرقت، فيقول ? مغضباً: ((أتشفع في حد من حدود الله)) ثم قام في الناس، وحمد الله وأثنى عليه، وقال: ((إن بني إسرائيل كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)) ?.

أعرفت إذا لماذا شرط القوة؟ فالحزم وعدم التهاون في تنفيذ القرارات التي لا يصح التنازل عنها، ولا المجاملة فيها على حساب الصالح العام من القوة التي يحبها الله في المسلم، ومن تأمل في موقف أبي بكر الصديق ?، وموقفه في حرب الردة عرف المقصود، وكذا كان عمر الفاروق ? قوياً في الحق لا يخاف في الله لومة لائم، ولهذا فإن النبي ? لم يولِ على عمل من الأعمال رجلاً ضعيفاً، فقد كان يولي الأقوياء، ولا يكتفي ? بالإعتذار من الضعفاء بل ويحذرهم من تحملهم أو موافقتهم أو استجابتهم لهذه المسؤولية أو لهذه الوظيفة، ليس قضية مجامله أو مداهنه أو لأنه فلان أو علاّن أو قريب أو بعيد. لا، بل اختيار الأقوى والأمين، ولا يجب أن يقف الأمر عند عدم تولية الضعيف، بل تحذير ونصح الضعيف من أن يتولى مثل هذه المكانة، ولذلك جاءه أبو ذر ? مرة فطلب الإمارة، فضرب النبي ? على كتفه، وقال: ((يا أبا ذر إنك ضعيف- مواجهة ومصارحة – إنك ضعيف وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خري وندامة، إلا من أخذها بحقها ووفى الذي عليه فيها)) فالذي تولى أو يتولى شيئاً من أمور الناس يشترط فيه القوة ليقف في وجه المفسدين الأقوياء، وليؤدي حق الضعفاء، وليعمل ما ينبغي من خدمة الصالح العام، والإسلام ينظر للإنسان أنه كلما علت منزلته في المجتمع كلما كان ذلك سبباً في زيادة مسؤوليته، وتشديد حسابه في الدنيا من المسؤول،وفي الآخرة من الله جل وعلا. وعندما عزل عمر ?، شرحبيل بن حسنة عن الشام، وولى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، قال شرحبيل لعمر: لم عزلتني، هل رأيت شيئاً في ديني؟ قال عمر ?: لا والله إنك كما أحب ولكنني أريد رجلاً أقوى من رجل. كأنه رأى فيه ضعفاً، قال –أي شرحبيل- فأخبر الناس حتى لا تكون فيهم مقالة، فخطب عمر الناس وأعلمهم بذلك. وربما توفر في الرجل صفة الصلاح والأمانة، لكن ربما لا تتوفر فيه القوة المطلوبة للعمل المراد اتصافه بالأمانة لا يعني أن يكون قوياً، ولذلك كان الإمام مالك –رحمه الله تعالى- يقول في بعض الزهاد الصالحين: إني لأرجوا أن يسقيني الله بدعوته الغمام

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير