تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولكني لا آمنه على درهمين – يعني والله اعلم أنه لا يحسن إدارتها – وليس عدم الأمانة فيها، أو عدم الثقة به ـ لكنه لا يحسن إدارتها، هذه إشارة سريعة للقوة، ومعناها كصفة مهمة في الموظف.

الصفة الثانية: الأمانة: وهي أداء الحقوق والتعفف عما ليس له بحق، إذن أداء الحق وترك ما ليس له به حق، وكما أن القوة لا تكفي وحدها فالأمانة أيضاً لا تكفي وحدها، بل لا بد للقوة والأمانة معاً، فكم من رجل قوي وحازم ومؤدٍ للعمل، إلا أنه أمام المال ضعيف، فيأخذ ما لا حق له فيه ويستعمل الممتلكات العامة في أغراض خاصة، ربما استخدم صلاحياته في خارج حدودها، أو يزيد في الفواتير مثلاً مبالغ غير مذكورة ونحو ذلك، وهذا كله حرام وخطير، فأيما جسد نبت على سحت فالنار أولى به، والنبي ?، يقول: ((لا إيمان لمن لا أمانة له)) وإذا وكل غير الأمناء والأقوياء على الوظائف حصل الخلل في المؤسسات وفي الوزارات وفي سائر أعمال الولايات، ((وإذا وسّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)) كما في صحيح البخاري. فاحذر إذن أخي من استغلال وظيفتك لجر منفعة شخصية لك أو لقرابتك، فإن التشبع من المال العام جريمة، قال ?: ((من استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً فما أخذ بعد ذلك فهو غلول)) فقد شدد الإسلام في ضرورة التعفف عن استغلال المنصب وشدد في رفض المكاسب المشبوهة، الله أكبر الله أكبر معاشر الأخوة والأخوات، أنها الأمانة التي أبت السماوات والأرض أن يحملنها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا، أنها الأمانة، عند المسلم تتجلى في أدق معانيها التي ينبغي التزامها، فلا يجوز للموظف مثلاً استخدام أدوات العمل مهما كانت صغيرة في أموره الخاصة، فليس في الإسلام شيء صغير، فقد قيل للنبي ?: وأن كان قضيباً من أراك؟ فقال ?: ((وإن كان قضيباً من أراك)) كما في صحيح مسلم. والله تعالى يقول: ? فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ? سبحان الله، أنه ميزان دقيق يزن مثاقيل الذر، ومن قصد أخذ شيء من مكان عمله فيجب أن يكفر عنه بالتوبة إلى الله والندم وعدم العودة إليه، وأن يرجّع مثل ما أخذ إلى مؤسسته، ولله در بعض سائقي السيارات الذين يصرفون وقوداً ببطاقات يزيد بعض الشيء فيها لا تطالبهم إداراتهم به ولكنهم يسألون عنه تورعاً لدينهم وهي لا تساوي إلا القليل كقرشين مثلاً أو نحوه، ولكن لسان حالهم، يقول: قرش وقرش، وورقة وورقة، حتى تكون شيئاًَ كثيراً فتخسر المؤسسة أو الدولة شيئاً كثيراً بذهاب مثلها، ولو لم تخسر، كقول البعض: لا يضر الدولة هذا، فهو دين وأمانة، لا أعامل المخلوقين أنا أتعامل مع الخالق جل وعلا، هو دين وأمانة وحق عام، ليس لأحد مهما كان حق في تملكه، وليس لك حجة، بأن غيرك يأخذ ويسرق كما يردد بعض الضعفاء، ليس لك حجة بأن فلان أو علان يأخذ ويسرق وأنه يأكل أكبر من هذا أو أكثر من هذا، اتق الله يا أخي: ? كل نفس بما كسبت رهينة ?وهذا من حجج الشيطان ومداخله: ? وإما ينزغنك من الشيطان نزغُ فاستعذ بالله أنه هو السميع العليم ? لا تعالج الأخطاء بالأخطاء، ما عهدنا هذا أصلاً من أصول تصيح الأخطاء أو تربية الأمة أبداً، أيما موظف أخذ هدية أو قبل تخفيضاً أو نحو هذا من جهات أو أفراد لهم علاقة لجهة عمله من قريب أو بعيد فلينتبه وليحذر فإنها من الغلول الذي حذر منه النبي ?، ولا يجوز قبولها، بحديث عبد الله بن اللتبيه، أن النبي ? بعثه على صدقة فلما رجع، قال: هذا لكم وهذا أهدي لي، قال، فقام رسول الله ? تصحيح مباشر للأخطاء على المنبر فقام ? على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال: ((ما بال عامل أبعثه، فيقول: هذه لكم وهذا أهدي لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا، والذي نفس محمد بيده لا ينال أحدكم منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر)) ثم رفع يديه –قال الراوي: حتى رأينا عترتي ابطيه، ثم قال ?: ((اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت)) سبحان الله هذا الحبيب ?، فلماذا يتكاثر البعض أن تعالج أخطاء الموظفين اليوم ويكلمون، وإن كان في أدق الأمور، لا يا أخي الحبيب إنه المنهج الشرعي الذي علمنا إياه الحبيب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير