وروى الجماعة من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - قَالَ: سمعت رسول اللَّه يقول: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. فمَنْ كانت هجرته إِلَى اللَّه ورسوله فهجرته إِلَى اللَّه ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إِلَى ما هاجر إليه).
وفى الصحيحين من حديث ابن عباس - رضى الله عنهما - أن رَسُول اللَّه قال: إن اللَّه تعالى كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها، كتبها اللَّه تعالى عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها اللَّه عشر حسنات، إِلَى سبعمائة ضعف، إِلَى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها اللَّه عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها اللَّه سيئة واحدة.
فى صحيح مسلم من حديث أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري، تركته وشركه).
وفى صحيح مسلم من حديث أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: قال رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (إن اللَّه تعالى لا ينظر إِلَى أجسامكم، ولا إِلَى صوركم، ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إِلَى قلوبكم وأعمالكم).
وفى سنن أبى داود من حديث أبى هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (من تعلم علماً بما يبتغي به وجه الله عز وجل، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عَرْف الجنة (يعني ريحها) يوم القيامة).
أيها الإخوة المسلمون ...
أن الأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإجلال لله رب العالمين ...
وهذا التفاضل يجعل للإخلاص مع الأعمال كلها شأنً عجيبا ...
فبالإخلاص يعطي الله على القليل الكثير ...
وبالرياء يجعل الله الكثير هباءاً منثورا ...
فالإخلاص هو مناط الثواب ...
قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}
وقال الإمام العلم الفضيل بن عياض في قوله ?: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} (هود: 7 - الملك: 2)
قال: أخلصه وأصوبه.
قيل: يا أبا علي، وما أخلصه وأصوبه؟
قال: إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل،
وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل،
حتى يكون خالصًا صوابًا،
والخالص ما كان لله،
والصواب ما كان على السنة.
وكما في حديث البطاقة، كما فى سنن الترمذي وحسنه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضى الله عنهما - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر له تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل منها مدّ البصر، ثم يقول الله له: أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب، فيقال: أفلك عذر أو حسنة فيها؟ فيقول الرجل: لا. فيقال: بلى؛ إن لك عندنا حسنة، وإنه لا ظلم عليك اليوم، فيخرج له بطاقة فيها، أشهد ألا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات!! فيقال: إنك لا تظلم، فتوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة.
وهذا مصداق حديث عتبان بن مالك 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ? كما في الصحيحين قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ؛ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ الله).
فكلمة التوحيد التي قالها ذلك العبد لم تكن أي كلمه ...
بل كانت كلمة خالصة لله ? ...
وإلا فكل المسلمين اليوم يقولون (لا إله إلا الله) ليل نهار ...
ولا يستجاب لهم ... ولا يفرج عنهم ... ولا يرفع عنهم ما بهم من البلاء والغلاء ... وذلك لأنهم لم يخلصوا الأقوال والأعمال لله الكبير المتعال.
¥