تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كيف تنمي ملكتك الفقهية؟]

ـ[عبدالعزيز بن حمد]ــــــــ[01 - 09 - 07, 08:35 م]ـ

[كيف تنمي ملكتك الفقهية؟]

أحمد ولد محمد ذو النورين

www.albayan-magazine.com/bayan-239/bayan-02.htm (http://www.albayan-magazine.com/bayan-239/bayan-02.htm)

الفقه في الدين من أجلِّ الفضائل وأعظمها، وأعلى المقاصد في الدارين وأكرمها، فلا يطلبه إلا من علَتْ همته، ولايتشوق إليه إلا من استقامت فطرته، وتسامت عن الدنيا طلبته.

لقد حث الإسلام على التفقه في الدين، وأجلَّ فضله ورفع ذكره، وجعل الخيرية فيه، كما جاء في الصحيحين من حديث معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

«من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» (1).

فقد حث الوحي أتباع هذا الدين على بذل الجهد في الازدياد الدائم من الفقه، وعلى ذلك دأب الرعيل الأول من هذه الأمة في تعظيمهم شأن الفقه في الدين، فنجد أن الإمام الزهري يقول: «ما عُبد الله بمثل الفقه» (2).

قال ابن الجوزي: «بضاعة الفقه أربح البضائع، والفقهاء يفهمون مراد الشارع، ويفهمون الحكمة في كل واقع، وفتاويهم تميز العاصي من الطائع»، وأضاف: «الفقه عليه مدار العلوم؛ فإن اتسع الزمان للتزيد فليكن في التفقه فإنه الأنفع» (3).

فالحرص على استغلال فرص العمر، في ملئها بالازدياد من الفقه في الدين والارتواء من معِينه الثر، من أساليب أجلة العلماء ومناهج أغلب العقلاء. وفي خضم المستجدات الحياتية المتسارعة، وتشعب الفتوى، وجرأة وتطاول غير أهل الشأن على التصدر والتعالم والتقول على الله بغير علم؛ مما أدى إلى اضطراب عظيم وضرب صارخ لمحكمات النصوص بعضها ببعض، ورد بعضها تحت طائلة التخرص وتحكيم الهوى على النص، أو زعم موافقة روح الشريعة .. ، في خضم هذا التهارج دعت الحاجة أكثر من ذي قبل إلى إشاعة تنمية الملكة الفقهية بين الدارسين، حتى يتأتى تخريج طلبة علم فقهاء، يملكون سلطان المواءمة بين نصوص الشرع واستيعاب الواقع؛ لسد حاجة المسلمين في تغطية مستجدات الحياة ذات التعقيد البالغ بالفقه الحي الذي أساسه ومبناه على الوحي .. وفي إطار ذلك لا بد لطالب العلم أن يكون منضبطاً في رؤيته، وأن يضع لنفسه غاية نبيلة يسعى إلى تحقيقها، فتكون جهوده هادفة وعلمه لمقصد. يقول الإمام الشاطبي: «كل مسألة لا ينبني عليها عمل، فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي، وأعني بالعمل عمل القلب وعمل الجوارح، من حيث هو مطلوب شرعاً. والدليل على ذلك استقراء الشريعة، فإنا رأينا الشارع يعرض عما لا يفيد عملاً مكلفاً به» (4).

وهنا يلزم التأكيد قبل كل الشروط والوسائل التي لا مناص منها لتنمية ملكة الفقه على ضرورة إخلاص النية لله عز وجل، وإلا محقت بركة هذا التفقه وكان وبالاً على صاحبه، كما لا بد من التقوى التي هي خَلَف من كل شيء ولا خلف منها، والتي هي وصية الله ـ تعالى ـ للأولين والآخرين.

قال ـ تعالى ـ: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: 131]، ثم هو سبب لتحصيل كل علم نافع، قال ـ تعالى ـ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 282]

والحديث عن تنمية الملكة الفقهية يمر عبر عدة وقفات:

أولها: تعريف هذا المركب لغة واصطلاحاً:

1 ـ التنمية والنماء: ومعناها: الزيادة والعزو والكثرة والعلو والرفع.

ونَمَيْتُه: رفعتُه على وجه الإصلاح.

ومنه حديث أم كلثوم بنت أبي معيط رضي الله عنها، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيقول خيراً وينمي خيراً» (5).

ونمَّاه: زاده وكثًّره، ومنه قول الأعور الشني:

لقد علمت عميرة أن جاري

إذا ضن المنمي من عيال

وكل شيء رفعته فقد نميته، ومنه قول النابغة:

فعدِّ عما ترى إذ لا ارتجاع له

وانمِ القُتُود على عيرانة أُجُدِ (6)

وأما التنمية اصصلاحاً: فتعني الترقية والتطوير والتقوية ومضاعفة القدرات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير