تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حول ابن أبي شنب الجزائري]

ـ[أبو الحسين الزواوي]ــــــــ[26 - 10 - 07, 12:35 ص]ـ

حول ابن أبي شنب

هل هذا هو قَدَرُ الجزائر .. أن يعرف الناس في شرق العالم وغربه رجالها وعلماءها فيحفظون لهم قدرَهم وفضلَهم، ويُشيدون بهم ويُثنون عليهم الثناء العطِر، بينما لا يعرف أهلها عنهم شيئا، سوى ما يعلق في أذهان بعضهم من اسم تحلَّى به شارع من الشوارع الممدودة، أو مدرسة من المدارس المشهودة؟

ولماذا اتخذ الجزائريون تاريخهم الحافل قنطرة يعبرون من فوقها إلى الشرق أو الغرب، بينما لا يجرؤون على التوقف والنظر إلى أسفل منها، علّهم يلحظون شيئا يثير الإعجاب ويسلب الألباب؟ أم أننا نستكثر على وطننا أن يحبل بالعلماء الأفذاذ، والمصلحين المجاهدين، والنوابغ العبقريين، فننسلخ من كل ما هو جزائري، ركضا وراء سراب نحسبه ماء ..

بمثل هذه التساؤلات نستفتح الكتابة عن علم من أعلام الجزائر ما بين القرنين التاسع عشر والعشرين للميلاد، ونحن نعتقد أنه وإن اختلف الباحثون حول مشاركته في الحركة الاجتماعية والإصلاحية التي تمخضت عنها الجزائر في فترة عصيبة من فترات التاريخ، وكان أحد شهودها المقتدرين، إلا أنهم لن يسعهم الخلاف حول علمه ونباهته وقدرته على التحقيق العلمي في زمن غلب التقليد على أهله فألبسهم مسوحا تحجب عن أجسامهم النحيفة ضوء الشمس الساطع.

المدية .. نقطة البداية

وُلد محمد بن العربي بن محمد أبي شنب يوم الثلاثاء 20 رجب 1286هـ، الموافق 26 أكتوبر 1869م، بمنطقة (عين الذهب) التي تبعد بحوالي ثلاث كيلومترات عن وسط المدية [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1)، من عائلة تجمع بين الأصلين التركي والجزائري، وهو النوع الذي يُعرف في التاريخ بـ "زيجة الكراغلة" [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn2) ـ وهي عقود الزواج التي تجمع بين تركي وجزائرية ـ وهي أحد العائلات التركية المقيمة في الجزائر التي نجت من الطرد إلى (أزمير) التركية بعد الاحتلال الفرنسي [3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn3).

ونشأ محمد في حجر والديه اللذان اعتنيا به، وحفظ القرآن عن شيخه (أحمد بارماق)، ثم توجه إلى تعلّم الفرنسية بالمكتب الابتدائي، أين تحصل على شهادة مكنته من الالتحاق بالمدرسة الثانوية [4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn4)، وسهل له ذلك الخط الذي انتهجته "الفلسفة الاستعمارية" التي تبنّت سياسة تعليم الأهالي بعد منعها بهدف تكوين نخبة منهم. فتوجه ابن أبي شنب إلى الجزائر العاصمة سنة 1886م، والتحق بمدرسة المعلمين ـ Ecole normale) ببوزريعة، وتخرج منها بعد سنتين وعمره يبلغ 19 سنة فقط.

وبعد ذلك، تم تعيينه معلما بالمكتب الرسمي في قرية (سيدي علي تامجارت) ـ وامري حاليا ـ[المدية] فمكث فيه أربع سنوات، ثم انتقل إلى مكتب الشيخ إبراهيم فاتح الرسمي بالجزائر العاصمة، ومنها إلى الجامعة الجزائرية، أين تقدم للامتحان وأحرز شهادة اللغة العربية، كما درس على الشيخ عبد الحليم بن سماية علوم البلاغة والمنطق والتوحيد، وناب عن الشيخ أبي القاسم ابن سديرة في دروسه العربية بالجامعة لمدة سنة كاملة. وفي سنة 1896م حصل على شهادة البكالوريا، ولكنه تخلّف عن الامتحان النهائي بسبب إصابته بالجدري.

وفي عام 1898م عينته الأكاديمية أستاذا بالمدرسة الكتانية في قسنطينة خلفا للشيخ العلاّمة عبد القادر المجاوي (1848م ـ 1914م) عندما انتقل هذا الأخير إلى المدرسة الثعالبية بالجزائر العاصمة، فأقرأ بها الشيخ ابن أبي شنب علوم النحو والصرف والفقه والأدب، ثم عين مدرسا بالمدرسة الثعالبية كذلك خلفا للشيخ عبد الرزاق الأشرف (1871م ـ 1924م).

وفي 15 نوفمبر 1903، تزوج الشيخ بابنة الشيخ قدور بن محمود بن مصطفى، الإمام الثاني بالجامع الكبير، فرزق منها بخمسة ذكور وأربع إناث. وفي حوالي 1904م، أسند إليه دراسة صحيح البخاري رواية بجامع سفير بالعاصمة، وارتقى في عام 1908م إلى رتبة محاضر بالجامعة.

وفي سنة 1920م انتخبه المجمع العلمي العربي بدمشق عضوا به، وفي نفس السنة تقدم لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة الجزائر فأحرزها بدرجة (ممتاز)، حيث ألف كتابين أحدهما يدور على أبي دلامة شاعر العباسيين، والثاني بحث ذكر فيه الألفاظ التركية والفارسية المستعملة في لغة أهالي الجزائر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير