تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عمّن يؤخذ العلم؟ كلام جميل للشاطبي

ـ[كريم أحمد]ــــــــ[11 - 09 - 07, 10:50 ص]ـ

بسم الله الرحمان الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

قرأت كلاما جميلا للشاطبي رحمه الله تعالى عمن ينبغي أن يؤخذ عنه العلم و الطريقة الأنفع للتحصيل و التأصيل في كتابه الموافقات فأحببت أن أنقلها لكم عسى الله أن ينفعنا بها جميعا.

قال رحمه الله:

قد قالوا إن العلم كان في صدور الرجال ثم انتقل إلى الكتب و صارت مفاتحه بأيدي الرجال و هذا الكلام يقضي بأن لا بد في تحصيله من الرجال إذ ليس وراء هاتين المرتبتين مرمى عندهم و أصل هذا في الصحيح: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس و لكن يقبضه بقبض العلماء) الحديث.

فإذا كان كذلك، فالرجال هم مفاتحه بلا شك، فإذا تقرر هذا فلا يؤخذ إلا ممن تحقق به و هذا أيضا واضح في نفسه و هو أيضا متفق عليه بين العقلاء إذ من شروطهم في العالم بأي علم اتفق أن يكون عارفا بأصوله و ما ينبني عليه ذلك العلم، قادرا على التعبير عن مقصوده فيه، عارفا بما يلزم عنه قائما على دفع الشبه الواردة عليه فيه، فإذا نظرنا إلى ما اشترطوه و عرضنا أئمة السلف الصالح في العلوم الشرعية وجدناهم قد أتصفوا بها على الكمال.

غير أنه لا يشترط السلامة عن الخطأ ألبتة لأن فروع كل علم إذا انتشرت و انبنى بعضها على بعض اشتبهت و ربما تصور تفريعها على أصول مختلفة فى العلم الواحد فأشكلت أو خفى فيها الرجوع إلى بعض الأصول فأهملها العالم من حيث خفيت عليه وهي في نفس الأمر على غير ذلك أو تعارضت وجوه الشبه فتشابه الأمر فيذهب على العالم الأرجح من وجوه الترجيح و أشباه ذلك فلا يقدح فى كونه عالما و لا يضر في كونه إماما مقتدى به فإن قصر عن استيفاء الشروط نقص عن رتبة الكمال بمقدار ذلك النقصان فلا يستحق الرتبة الكمالية ما لم يكمل ما نقص.فصل

و للعالم المتحقق بالعلم أمارات و علامات تتفق مع ما تقدم و إن خالفتها في النظر و هي ثلاث:

إحداها: العمل بما علم حتى يكون قوله مطابقا لفعله، فإن كان مخالفا له فليس بأهل لأن يؤخذ عنه و لا أن يقتدى به في علم، و هذا المعنى مبين على الكمال في كتاب الإجتهاد و الحمد لله.

و الثانية: أن يكون ممن رباه الشيوخ في ذلك العلم لأخذه عنهم و ملازمته لهم فهو الجدير بأن يتصف بما اتصفوا به من ذلك و هكذا كان شأن السلف الصالح فأول ذلك ملازمة الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله و أخذهم بأقواله و أفعاله و اعتمادهم على ما يرد منه كائنا ما كان و على أي وجه صدر فهم فهموا مغزى ما أراد به أو لا حتى علموا و تيقنوا أنه الحق الذي لا يعارض و الحكمة التي لا ينكسر قانونها و لا يحوم النقص حول حمى كمالها و إنما ذلك بكثرة الملازمة و شدة المثابرة .... و حسبك من صحة هذه القاعدة أنك لا تجد عالما اشتهر في الناس الأخذ عنه إلا و له قدوة اشتهر في قرنه بمثل ذلك و قلما وجدت فرقة زائغة و لا أحد مخالف للسنة إلا و هو مفارق لهذا الوصف و بهذا الوجه وقع التشنيع على ابن حزم الظاهري و أنه لم يلازم الأخذ عن الشيوخ و لا تأدب بآدابهم و بضد ذلك كان العلماء الراسخون كالأئمة الأربعة و أشباههم.

والثالثة: الإقتداء بمن أخذ عنه و التأدب بأدبه كما علمت من اقتداء الصحابة بالنبي و اقتداء التابعين بالصحابة و هكذا في كل قرن و بهذا الوصف امتاز مالك عن أضرابه، أعني بشدة الإتصاف به و إلا فالجميع ممن يهتدى به في الدين كذلك كانوا، و لكن مالكا اشتهر بالمبالغة في هذا المعنى فلما تُرك هذا الوصف رفعت البدع رؤوسها لأن ترك الإقتداء دليل على أمر حدث عند التارك أصله اتباع الهوى.

ـ[كريم أحمد]ــــــــ[11 - 09 - 07, 10:53 ص]ـ

فصل

وإذا ثبت أنه لا بد من أخذ العلم عن أهله فلذلك طريقان:

أحدهما: المشافهة و هي أنفع الطريقين و أسلمهما لوجهين:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير