تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأمر خاتم الأنبياء، وسيد المتقين - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أن يقول كلمة الحق والعدل في أهل الكتاب وغيرهم فقال - عز وجل -: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.

فكان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المثال الأسمى الذي يقتدي به في تحقيق العبودية، فوصل إلى أعلى مراتبها، ونال أسمى منازلها، فكان أحق من يوصف بهذا الوصف،

قال - عز وجل -: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى}،

ومعنى كونك لله - عز وجل - عبد هو ألا يجدك الله حيث نهاك، ولا يفتقدك حيث أمرك،،،

أقول: أيها المسلمون الكرام:

إن مقام العبودية مقام جليل كريم، لا ينبغي أن يصرف لغير الله - جل وعلا -،

ففي الصحيحين من حديث معاذ بن جبل. قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلاَّ مُؤْخِرَةُ الرَّحْلِ، فَقَالَ: يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ. قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ؟. قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ، وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا. ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمّ قَالَ: يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ. قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ، إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟!. قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلا أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: لاَ تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا.

أقول: أيها المسلمون الكرام:

إن الناظر في هذا الكون الفسيح يرى فيه كل كائن عابد لله رب العالمين، فهذه الحيوانات لها عبوديات خاصة بها تشترك في بعضها مع الإنسان في الاسم، إلا أنها تختلف في الكيفية،

وكثير من هذه المخلوقات تقدم عبوديتها لخالقها أحسن من كثير من البشر،

فهي تخاف من يوم الجمعة، لأنها تعلم بأن الساعة تقوم يوم الجمعة، وكثير من الإنس في غفلة،

روى الإمام أحمد بسند صحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:

قَدِمْتُ الشَّامَ، فَلَقِيتُ كَعْبًا، فَكَانَ يُحَدِّثُنِي عَنْ التَّوْرَاةِ، وَأُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى ذِكْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَحَدَّثْتُهُ أَنَّ رَسُولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ.

فَقَالَ كَعْبٌ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، هِيَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةٌ. قُلْتُ: لَا. فَنَظَرَ كَعْبٌ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، هِيَ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةٌ. قُلْتُ: لَا. فَنَظَرَ سَاعَةً. فَقَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةٌ. قُلْتُ: نَعَمْ.

فَقَالَ كَعْبٌ: أَتَدْرِي أَيُّ يَوْمٍ هُوَ؟ قُلْتُ: وَأَيُّ يَوْمٍ هُوَ.

قَالَ: فِيهِ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَالْخَلَائِقُ فِيهِ مُصِيخَةٌ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ خَشْيَةَ الْقِيَامَةِ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير