تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 ـ الملكة: ملك يملك ملكاً وملكوتاً وملكة: إذا قوي في الشيء. والملكة بمعنى الملك، ومن ذلك قوله ـ تعالى ـ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] ومنها قوله جل ذكره: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ} [آل عمران: 26]، وتأتي ملك بمعنى نفع، ومنه قوله ـ تعالى ـ: {وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [المائدة: 41].

وتأتي بمعنى الطاقة، ومنه قوله ـ تعالى ـ: {مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا .. } [طه: 87]، وتأتي بمعنى القهر والسلطان والعظمة، ومنه قوله ـ تعالى ـ: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ} [الفرقان: 26].

والملكة في الاصطلاح: صفة راسخة في النفس تكتسب عن طريق التكرار (7).

3 ـ الفقهية: وهي نسبة إلى الفقه الذي هو لغة: الفهم، ومنه قوله ـ تعالى ـ: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ} [هود: 91]، وقوله جل ذكره: {فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} [النساء: 78]، وقوله جلت عظمته: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي* يَفْقَهُوا قَوْلِي} [طه: 27 ـ 28]، والفقه في الدين يعني معرفة الأحكام الشرعية العملية التي بعث بها محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهو المقصود بقوله ـ تعالى ـ: {فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: 122].

وقد ذهب المتأخرون من العلماء إلى حصر الفقه في دائرة العلم بالأحكام الشرعية العملية المستنبطة من الأدلة التفصيلية. يقول الإمام البيضاوي: «الفقه: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية» (8).

وتأسيساً على ماتقدم فإن الملكة الفقهية إذاً هي: (اكتساب الفقه الشرعي تنظيراً وممارسة، حتى يصير سجية تمكِّن صاحبها من فهم المسائل المعروضة عليه، وتقوده إلى امتلاك آلية تسعفه بتنزيل النصوص على الوقائع واستنباط الأحكام الشرعية في ظلها، ترجيحاً بين الآراء، وتخريجاً على مذاهب الفقهاء، وموازنة بين المصالح والمفاسد). ولتحصيل ملكة علمية راسخة لا بد من أخذ العلم على يد العلماء الراسخين فيه، يقول الإمام الشاطبي: «من أنفع طرق العلم الموصلة إلى عناية التحقيق به أخذه عن أهله المحققين به على الكمال والتمام» (9)، ويضيف الإمام الشاطبي مبيناً صفة العلماء الذين هم أهل لأنْ يؤخذ عنهم: «وللعالم المحقق بالعلم أمارات وعلامات ... إحداها العمل بما علم، حتى يكون قوله مطابقاً لفعله، فإن كان مخالفاً له فليس بأهل لأن يؤخذ عنه ولا أن يقتدى به في علم، ... والثانية أن يكون ممن رباه الشيوخ في ذلك العلم، لأخذه عنهم وملازمته لهم، فهو الجدير بأن يتصف بما اتصفوا به من ذلك، وهكذا كان شأن السلف الصالح، ... والثالثة الاقتداء بمن أخذ عنه والتأدب بأدبه كما علمت من اقتداء الصحابة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - واقتداء التابعين بالصحابة وهكذا في كل قرن .. » (10). وكذلك لا بد للعامل على تنمية الملكة الفقهية من تنويع المشايخ الذين يأخذ عنهم، يقول ابن خلدون: «على كثرة الشيوخ يكون حصول الملكات ورسوخها» (11). وقال السختياني: «إنك لا تعرف خطأ معلمك حتى تجالس غيره» (12).

ثانياً: أسس بناء الملكة الفقهية:

ولكي ينمي طالب العلم ملكته الفقهية لا بد له من التركيز على أسس يقيم تشييد بنيان طلبه عليها:

1 ـ الإخلاص:

يقول ابن فارس: الخاء واللام والصاد أصل واحد مطرد، وهو تنقية الشيء وتهذيبه (13). والإخلاص هو ترك الرياء في العمل.

يقول الله ـ تعالى ـ: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36]، فالعمل حتى يكون مقبولاً عند الله ـ جل ذكره ـ لا بد أن يتصف بصفتين، أولاهما الإخلاص، والثانية الاتباع، قال الله جلت عظمته: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110]، وقال ـ تعالى ـ: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر: 3]، وقال جل ذكره: {إنَّا أَنزَلْنَا إلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّين} [الزمر: 2] وقال ـ تعالى ـ: {وَأَقِيمُوا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير